أصدقاء الدكتور علي القاسمي

قصة " الغيرة القاتلة " بقلم علي القاسمي


 قصة " الغيرة القاتلة " بقلم علي القاسمي



وصرختُ بالرجل الآليِّ محتدمًا:
ـ "توقّفْ، فريد، اهدأْ، تعقّلْ."
وردّ بغضب وهو يرفع مطرقةً حديديَّةً ضخمةً بيده مهدِّدًا:
ـ " لا، سأحطِّم كلَّ شيء."
فصحتُ به، وأنا أحاول إخفاء أَمارات الخوفِ الذي انتابني:
ـ "فريد، أَلْقِ المطرقة،  واسمع ما أقوله لكَ، فأنا الذي صنعتكَ. أطعني!"     
ولكنَّه كشَّر عن أسنانه الفولاذية، وأجاب وهو يضغط على كلِّ حرفٍ: " كلا! كلا! ثم كلا!"
       لم يَدُرْ في خاطري يومًا، أَنَّ الشعور بالغيرة يمكن أنْ يشكِّل دافعًا لاقتراف جريمةٍ ما؛ بل لمْ أعدّ الغيرة سببًا كافيًا للتخلِّي عن السلوك المتحضِّر واللجوء إلى العنف. كنتُأحسب أنَّ الغيرة لا محلَّ لها في مجتمعٍ متمدِّنٍ، ينعم أفراده بالمساواة، ويتمتعون بحرية الاختيار والتعبير، وأنَّها لا وجود لها إلا في الحكايات الخياليَّة والروايات التاريخيَّة.
       ولعلَّ اقتناعي ذاك كان نتيجة خبرتي السابقة، أو بالأحرى، نتيجة عدم خبرتي في الموضوع. فأنا لمْ أقع فريسة الغيرة يومًا، ولم تلسعني نيرانها، ولم تؤرِّقني هواجسها الخبيثة. ربَّما كنتُ في منجًى من هذه العاطفة البدائية العدائية، لأنَّني لم أُحبّ يومًا حبًّا حقيقيًّا يمتلك مشاعري، ويأسر عقلي، ويعمي بصري وبصيرتي عن رؤية الوقائع والحقائق بجلاء. فقد كنتُ أميل دومًا إلى العزلة وعدم الاختلاط بالآخرين. ففي طفولتي، كنتُ أمضي جُلَّ وقتي وحيدًا مع لُعبي الآلية، ألهو بها فترة، ثُمَّ أفكِّك أجزاءها، ثُمَّ أُركِّبها، أو أُجري تحويراتٍ عليها. وفي فتوَّتي، كنتُ أتسمَّرُ أمام حاسوبي ساعاتٍ طويلة. وبعد تخرُّجي في الجامعة استغرقتْ أبحاثي في ميدان الذكاء الاصطناعي وقتي كلَّه، وانغمستُ فيها إلى قمَّة رأسي،  حتّى أضحتْ لذتي الوحيدة، وصار مختبري بمثابة خلوةِ ناسكٍ متصوِّف.
       ونظرتُ إلى المطرقة الضخمة التي يُمسِك بها فريد بقبضته الحديدية، والغضب يتطاير شررًا من عينيْه. يا إلهي! إذا طفق يحطِّم كلٍّ شيءٍ كما يهدِّد، فإنَّ أجهزتي التي أمضيتُ قرابة عشرين عامًا في تطويرها، ستُمسي ترابًا، تحت ضربات مطرقته المُريعة.
       وفيما كنتُ أحاوره بلساني، كان عقلي يفكِّر، بسرعةِ متواليةٍ هندسيَّةٍ،في كيفيَّة السيطرة عليه إلكترونيًّا وشلِّ حركته. وفجأةً صرخ في وجهي:
ـ " كفى نفاقًا. تقول لي "اهدأْ، لنتفاهمْ، لكلِّ مشكلةٍ حلٌّ"، وفي الوقت ذاته تضمر القضاءَ عليَّ، وتفكِّر في الوسائل."
       أجبتُ مسترضيًا بابتسامةٍ استجديتُها من الخوف الذي اجتاحني:
ـ " أنتَ مخطئ، يا فريد! لا بُدَّ أنَّ نوبة الغضب التي تجتاحك، تشلُّ عقلكَ عن التفسير الدقيق للذبذبات المغناطيسيَّة الصادرة عن دماغي، كما تجعلكَ تتفوَّه بعباراتٍ لا تليق برجلٍ مهذَّبٍ مثلكَ."
       واستحالَ الخوف في أعماقي هلعًا ورعبًا، عندما تذكَّرتُ أَنَّني لمْ اتَّخذ ما يلزم من الاحتياطات التقنيَّة للسيطرة على فريد إذا عَنَّ له العصيان. فلم يخطرْ ببالي أنَّ ذلك سيحصل يومًا. فالرجل الآليُّ، من حيث الأساس، بمثابة عبدٍ قوِّيِّ البنية، ضعيف العقل، ينفِّذ تعليماتِ المُبرمج، ويقوم بالمَهام التي يوكلها إليه صاحبه.
       ولكنَّ فريدًا ليس بالرجل الآليِّ العادي. إنَّه يمثِّل جيلاً غير مسبوق من أجيال الكائنات الآليَّة. فقد صَمّمتُ ذاكرته بحجم مئة مليون ميغا، بحيث تتَّسع لخزن جميع محتويات مكتبة الكونغرس الأمريكية ومكتبة البولديان البريطانية والمكتبة الوطنية الفرنسية مجتمعةً في زاوية من زواياها فقط. كما تستطيع وحدة العمليّات فيه أنْ تقوم بمائتي مليون عمليَّة في "الميلي سكند" أي في الواحد من الألف من الثانية، بحيث لا تستغرق منه الإجابةُ على سؤالٍ، أو التوصل إلى قرارٍ، أكثر من رَمشَةِ عيْن. ولا يتَّبع فريدٌ برنامجًا مرسومًا له سلفًا، لحلِّ المشكلات التي تجابهه، وإنَّما يدرس جميع المُعطيات ذات العلاقة، ويمحِّص الاحتمالات، ويقلُب النتائج المتوقعة، ويتَّخذ القرار المناسب في ضوء ذلك كلِّه. وهكذا يقترب، في طريقة تفكيره، من الإنسان الحقيقيِّ، من حيث حرِّيَّة الاختيار المتاحة له. ولهذا كنتُ أحاسبه وأعاتبه على أخطائِه.
       واستفدتُ من أبحاث اللسانيات التوليديَّة- التحويليَّة، والصوتيات الحاسوبيَّة، في جعل التواصل مع فريد يتمُّ، لا عن طريق التحكُّم عن بُعْد، ولا بواسطة ملمس الحروف، ولا بالقلم الإلكترونيِّ، وإنَّما بالخطاب الشفهيِّ مباشرة. فبإمكانكَ أن تتحدَّث معه حديثَ رجلٍ مع رجلٍ، في أي موضوع، وتطرح عليه ما تريد من الأسئلة شفهيًّا، فيسمع كلامك، ويحوِّل الصوت إلى معان، ويراجع المعلومات اللامتناهية المخزونة في ذاكرته، ويختارُ الأنسب منها، ليجيبكَ بدوره شفهيًّا، بعد أقلَّ من لمح البصر.
       ولكن فريد لا يقتصر على الإجابة عن الأسئلة التي تُطرَح عليه، وإنَّما بمقدوره كذلك أن يأخذ زمام المبادرة، فيتشكّى، مثلاً، من برودة الجوِّ الشتويِّ الغائم، لأنَّ مقاييس الحرارة والرطوبة، وآلات التصوير، والرادارات المثبتة في داخله، تزوِّد دماغه بصورةٍ متكاملةٍ عن الطقس، وتتيح له التعبير، مثلاً، عن تذمُّره من البرد الجليديِّ الذي لم تشهد البلاد مثله منذ ثلاثين عامًا. وكثيرًا ما كنتُ أعود إلى المنزل، فأجده يرتِّب غرفة نومي، وهو يتحدث وحدَه عن الفوضى التي خلَّفتُها ورائي، عند مغادرتي الغرفة في الصباح.
       لم يكُن فريد "خادمي" فحسب خلال السنوات الخمس الأخيرة، وإنَّما كنتُ أَعدّه "صديقا" كذلك. فهو يبدو في هيئته رجلاً طبيعيًّا عاديًّا. فقد صنعتُ تقاسيم وجهه على غرارِ ملامح وجهي، وغطَّيته بطبقةٍ رقيقةٍ من البلاستيك الخمريِّ اللَّون. وجعلتُ مقاييس جسمِه مطابقةً لمقاييسي. وكنت أُلبِّسه إحدى بذلاتي المفضَّلة، فيبدو كأنَّه شبيهي، أو بتعبير أدقّ، أخي التوأم. وكان عددٌ من معارفي الذين يفدون إلى المنزل لأوَّل مرَّةٍ، من دون موعدٍ سابق، ويفتح لهم فريد الباب، ينادونه باسمي، ظنًا منهم أنَّه أنا. فكان يصحِّحهم بلطف قائلاً:
ـ "آسف، يا سيدي، إنَّ البرفسور خارج المنزل، وما أنا إلا مدير أعماله."
ولعلَّه كان يهزأُ بهم، ويضحك منهم في سريرته، فأنا أعلم مدى "شيطنته". وما وقع التباسٌ من هذا النوع، إلا وتأكَّد لي نجاحي في صنع الرجل الآليِّ الكامل، وشعرتُ بالزهو والسعادة.
       كنتُ أدعو فريد في أوقات فراغي إلى لعب الشطرنج معي، فكان يجيب بارتياح:
ـ"انتظرْ قليلاً، من فضلكَ، حتّى أُعدّ لكَ فنجان قهوة."
فأقول له مكايدًا:
ـ " وفنجانٌ لكَ كذلك، من فضْلِكَ."
فيجيب مازحًا:
ـ "أنتَ تدرك تمامًا أنَّ المشروبات الروحيّة وغير الروحيّة كلَّها مضرةٌ بأحشائي، فهل ترغب في إيذائي؟"
وكان يبادر إلى إعداد القهوة قبل أن نبدأ اللعب خبثا منه، لأنَّه يعرف سلفًا أنَّني كلَّما أقعُ في مأزقٍ في لعبة الشطرنج، أطلب منه أن يعدَّ لي فنجان قهوة، لا لرغبتي في احتسائها فقط، وإنَّما كذلك لأكسب مزيدًا من الوقت للتفكير في الخروج من المأزق.
       لا أدري بالضبط متى بدأتِ الغيرة تأكل قلب فريد. ولكنَّ بداياتها تعود، بلا شك، إلى أكثر من ثلاثة أشهر، حينما انتهيتُ، على سبيل التجريب، من تصنيعِ فتاةٍ آليَّةٍ، سمراء، هيفاء، ذات ملامح ساحرة، وصوت نسائيٍّ جذّاب، وتتمتّع بمواصفاتٍ تقنية أفضل من تلك التي يتوفَّرعليها فريد، مع خصوصيّاتٍ نسائيَّةٍ، بالطبع.
       في البداية سارتِ الأمور على ما يُرام. فقد اتفقنا ـ نحنُ الثلاثة ـ على تقسيم العمل بينهما. ففي حين تولَّتْ فريدة الطهي وإعداد المائدة لي، واستخراج أخبار الصباح من الشابكة (الانترنت) ووضعها على مكتبي، والقيام بأعمال السكرتاريَّة الأخرى، اضطلع فريد بتنظيف المنزل، ونقل قطع الأثاث الثقيلة من مكانٍ إلى آخر، وإصلاح الأجهزة المنزليةِ المعطوبة، وسقي الحديقة وتشذيب نباتاتها، وقيادة السيارة عندما أكون مُتعبًا، وغير ذلك من الأعمال التي يتولاها الرجال عادة، على الرغم من أنَّ قدراتهما التقنية متقاربة، ولكنَّها مسألة تنسيق فقط.
       غير أنَّني أخذت أدعو فريدة، أحيانًا، إلى مجالستي، عندما أخلو بنفسي مساءً في غرفتي، لا لشيءٍ إلا لأنني كنتُ أرتاح إلى طبقاتِ صوتها الأنثويِّ المنغَّم. وإلى النكات التي كانت تختارها من معاجم النكات المخزونةِ في ذاكرتها، وترويها لي للترويح عني أثناء لعبنا الشطرنج أو النرد. وحدثَ أنْ استأذن فريد ليقطع علينا جلستنا قائلاً:
ـ " آسف، يا سيدي! وددتُ أنْ أذكِّرك فقط، بأنَّك ستستقلُّ الطائرة في الصباح الباكر إلى طوكيو، لحضور المؤتمر العالميِّ عن الإنساليات. ولعلَّك تريد أن تأوي إلى فراشك مبكِّرًا، لتنال قسطا من الراحة."
       لفتَ انتباهي تكرُّر مثل تلك التصرفات من فريد، كلَّما كنتُ أختلي بفريدة. وحرتُ في تفسير تصرُّفاته. ظننتُ، أوَّل الأمر، أنَّ برامج فريد قد أصابها فيروسٌ طارئٌ، بعد أن ظلَّت تعمل بدقَّةٍ وسرعةٍ متناهيتيْن طوال تلك المدَّة بلا كبوة ولا هفوة. وحرتُ في تفسير سلوكه. لم يخطر ببالي أنَّ نجاحي في تصنيع الرجل الآليِّ الكامل قد بلغ حدًّا يستطيع معه هذا الكائن المصنوع من فولاذ ودوائر إلكترونيَّةٍ وبلاستيك، أنْ ينفعل مثل إنسانٍ حقيقيٍّ مخلوق من لحمٍ ودمٍوينبض بين جنبيْه قلبٌ بالمشاعر والأحاسيس.
       دلَّني الاستقراءُ الموضوعيُِّ لتصرفات فريد، بما لا يقبل الشكّ، على حقيقةٍ واحدةٍ، وهي أنَّ سلوكه المنحرف ناتجٌ عن شعورهِ بالغيرة. وعندما جابهته بالحقيقة وطرحتُ عليه السؤال تلو السؤال، بمهارةِ نفسانيٍّ متمرِّس، راوغ كما يراوغ الثعلب، وتهرَّب من الإجابة المباشرة.
       لقد تأكَّد لي باليقين القاطع، أنَّ الغيرة هي علَّة تصرفات فريد غيرِ السويَّة. بَيدَ أنَّ الذي لم أتمكَّن من تشخيصه والتوصُّل إلى كنهه، هو دافع تلك الغيرة. تُرى هل أخذ فريد يغار من فريدة لأنَّها استأثرت بمودتي وحازت على تفضيلي لها، أَم أَنّه صار يغار منّي، لأنَّه وقع في غرام فريدة!؟

د. علي القاسمي

التعليقات
الاسم:علي القاسمي
التاريخ:21/04/2017 11:19:32
سيدي الطبيب الرسام الشاعر القاص الدكتور إبراهيم الخزعلي المكرَّم
تحياتي الحارة وتمنياتي الطيبة لك بدوام الصحة والهناء وموفور الإبداع والعطاء.
يبدو أن المودة متبادلة بيننا والإعجاب متواصل. فكلما قرأت لك أحسست بعمق الفكر وطلاوة اللغة . فالقلوب سواقٍ، والأرواح جنودٌ. ولعل تنوّع دراساتك ،ولغاتك، والبلدان التي أقمت فيها، والخبرات التي اكتسبتها قد أغنت موهبتك الأصيلة. فكما تعلم أن التنوع البيئي والثقافي الذي يتوافر للفرد يؤدي إلى زيادة عدد عصبونات الدماغ، وإلى تكاثر ترابطاتها العصبية، ما ينتج عنه نمو الذكاء ورقي الإبداع. أضف إلى ذلك أنك تحمل في عقلك اللاواعي الجمعي إرث سومر وبابل، والذي يتبلور كذلك في الجينات لديك، كما أن البجينات نفسها تتأثر بالأفكار وتعدّل مواصفاتها طبقاً لأفكار الفرد إيجاباً وسلباً.
وما قلته يؤيده كلامك في حوارٍ معك، حينما قلتَ: أنا اخترت الطب، والرسم والشعر اختاراني، كذلك الطير الذي يفقس البيضة ويخرج إلى الوجود ثم يجد ريشاً له ، فيطير. فأنت تحلق في أجواء الفن العليا بفضل موهبتك الإصيلة الموروثة.
وشكراً لك على كلماتك الكريمة بحقي، وآمل أن أكون عند حسن الظن.
الاسم:الدكتور ابراهيم الخزعلي
التاريخ:21/04/2017 03:05:56
الأخ العزبز الدكتور علي القاسمي المحترم:
تحياتي القلبية لك ايها الرائع انسانا واديبا ومفكرا
نعم سيدي واخي العزيز ، وبمعرفتي المسبقة بجواهرك الأبداعية ، الجميلة في الشكل والعميقة والقيّمة في المضمون ، صحيح ان اي عمل ادبي ناجح في البقاء والخلود ، فلا بد ان يكون له جانبان ، الشكل والمضمون ، فالشكل والأبداع فيه شئ مهم ، لأنه الوجه الذي يدعو الى الجذب في الوهلة الأولى ، ولكن هل هذا هوكل شيء؟!
بالتأكيد لا .. لأن جمالية الشكل تبقى محدودة مهما كانت الجماليةبأجمل صورها ، لأنها تكون خادعة ، إذا لم تكن تحتوي جمالية الشكل على شيء وراءها تحتويه من الداخل الحسي والغير مرئي ، وذلك الشيء الذي نريده هو المحتوى ، او ما نسميه بالمضمون ، والذي يعتبر هو الجانب الأهم في العمل الأبداعي ، ولربما يرد علي من يقول انه لا يوجد عمل ابداعي ادبي كان او فني من دون شكل ومضمون ، فأقول قد اتفق مع هذا الطرح نسبياً ، ولكن هناك توجد تناجات وللأسف لا محتوى ولا مضمون ، وحتى لا شكل ولا مضمون ، وكما يقولون في العامية ( لا خلقة ولا أخلاق ) وهذه العبارة للمزحةوليس للجد ...
أعود واقول ان هناك من النتاجات الأدبية ، ليست أكثر من مجموعة كلمات وحروف ، وحتى مؤلفها لا يعرف ما هي !
وكما هنالك نتاجات ادبية ذات شكل ومضمون ، ولكن المضامين ايضا متنوعة ، مضمون محدود العمق ، ومتوسط العمق ، بينما هناك مضامين ذات ابعاد عميقة ، وهي التي تكتب لنفسها ولمؤلفها النجاح والخلود ، كالتراث الأدبي العالمي الخالد والشامخ ، الذي يتحدى الزمان والمكان ، وهذا المضمون عندما يكون مضمونا انسانيا ، نابع من عصارة قلب الأنسان وللأنسان في همومه ومعاناته وقضاياه الأنسانية ، وهنا صلب الموضوع الذي اريد ان اقوله ، وهو اني عرفت الأخ الدكتور علي القاسمي ،الأنسان والأديب والمبدع ، الذي ليس همه هو الكتابة للتسلية او للشهرة ، وانما هو ذو الهدف الأسمى وهو الأنسان ، وقيمة الأنسان عند الدكتور القاسمي علي ، نابعة من القيم المثلى التي يحملها في قلبه وعقله واحاسيسه ومشاعره ، فيفرح لفرح الأنسان ، ويحزن لحزن الأنسان ، وهمه الأول والأخير هو الأنسان .
فالقصة التي بين ايدينا هي اعمق وابعد واكبر من الأنسانين الآليين ( فريد وفريدة ) ولكن الدكتور القاسمي علي أعلى الله شأنه ، يريد ان يوصل لنا فكرة عن احد الأمراض النفسية التي يعاني منها الأنسان خاصة والمجتمع عامة ، عندما يستشري هذا المرض في الوسط الأجتماعي ، وارجو المعذرة على الأطالة وملخص ما اريد قوله هو اراد الدكتور ان المجتمعات في الدول المتحضرة التي يتصورها الكثير منا ، بأنها جنة الله ( يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23) سورةالطور ) ، ولكن في الحقيقة والواقع ليس كذلك وقد ألمح الى ذلك الدكتور في بداية القصة " لم يَدُرْ في خاطري يومًا، أَنَّ الشعور بالغيرة يمكن أنْ يشكِّل دافعًا لاقتراف جريمةٍ ما؛ بل لمْ أعدّ الغيرة سببًا كافيًا للتخلِّي عن السلوك المتحضِّر واللجوء إلى العنف. كنتُ أحسب أنَّ الغيرة لا محلَّ لها في مجتمعٍ متمدِّنٍ، ينعم أفراده بالمساواة، ويتمتعون بحرية الاختيار والتعبير، وأنَّها لا وجود لها إلا في الحكايات الخياليَّة والروايات التاريخيَّة." وهو يريد من ذلك ان هذه المجتمعات المتحضرة ، هي اكثر من غيرها من البلذان مصابة بالأمراض النفسية ... والحديث طويل وشيق مع الدكتور العزيز كعزته للأنسان والأنسانية
مودتي حبيبي دكتور علي القاسمي
اخوك ابراهيم
الاسم:الدكتور ابراهيم الخزعلي
التاريخ:21/04/2017 03:04:54
الأخ العزبز الدكتور علي القاسمي المحترم:
تحياتي القلبية لك ايها الرائع انسانا واديبا ومفكرا
نعم سيدي واخي العزيز ، وبمعرفتي المسبقة بجواهرك الأبداعية ، الجميلة في الشكل والعميقة والقيّمة في المضمون ، صحيح ان اي عمل ادبي ناجح في البقاء والخلود ، فلا بد ان يكون له جانبان ، الشكل والمضمون ، فالشكل والأبداع فيه شئ مهم ، لأنه الوجه الذي يدعو الى الجذب في الوهلة الأولى ، ولكن هل هذا هوكل شيء؟!
بالتأكيد لا .. لأن جمالية الشكل تبقى محدودة مهما كانت الجماليةبأجمل صورها ، لأنها تكون خادعة ، إذا لم تكن تحتوي جمالية الشكل على شيء وراءها تحتويه من الداخل الحسي والغير مرئي ، وذلك الشيء الذي نريده هو المحتوى ، او ما نسميه بالمضمون ، والذي يعتبر هو الجانب الأهم في العمل الأبداعي ، ولربما يرد علي من يقول انه لا يوجد عمل ابداعي ادبي كان او فني من دون شكل ومضمون ، فأقول قد اتفق مع هذا الطرح نسبياً ، ولكن هناك توجد تناجات وللأسف لا محتوى ولا مضمون ، وحتى لا شكل ولا مضمون ، وكما يقولون في العامية ( لا خلقة ولا أخلاق ) وهذه العبارة للمزحةوليس للجد ...
أعود واقول ان هناك من النتاجات الأدبية ، ليست أكثر من مجموعة كلمات وحروف ، وحتى مؤلفها لا يعرف ما هي !
وكما هنالك نتاجات ادبية ذات شكل ومضمون ، ولكن المضامين ايضا متنوعة ، مضمون محدود العمق ، ومتوسط العمق ، بينما هناك مضامين ذات ابعاد عميقة ، وهي التي تكتب لنفسها ولمؤلفها النجاح والخلود ، كالتراث الأدبي العالمي الخالد والشامخ ، الذي يتحدى الزمان والمكان ، وهذا المضمون عندما يكون مضمونا انسانيا ، نابع من عصارة قلب الأنسان وللأنسان في همومه ومعاناته وقضاياه الأنسانية ، وهنا صلب الموضوع الذي اريد ان اقوله ، وهو اني عرفت الأخ الدكتور علي القاسمي ،الأنسان والأديب والمبدع ، الذي ليس همه هو الكتابة للتسلية او للشهرة ، وانما هو ذو الهدف الأسمى وهو الأنسان ، وقيمة الأنسان عند الدكتور القاسمي علي ، نابعة من القيم المثلى التي يحملها في قلبه وعقله واحاسيسه ومشاعره ، فيفرح لفرح الأنسان ، ويحزن لحزن الأنسان ، وهمه الأول والأخير هو الأنسان .
فالقصة التي بين ايدينا هي اعمق وابعد واكبر من الأنسانين الآليين ( فريد وفريدة ) ولكن الدكتور القاسمي علي أعلى الله شأنه ، يريد ان يوصل لنا فكرة عن احد الأمراض النفسية التي يعاني منها الأنسان خاصة والمجتمع عامة ، عندما يستشري هذا المرض في الوسط الأجتماعي ، وارجو المعذرة على الأطالة وملخص ما اريد قوله هو اراد الدكتور ان المجتمعات في الدول المتحضرة التي يتصورها الكثير منا ، بأنها جنة الله ( يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (23) سورةالطور ) ، ولكن في الحقيقة والواقع ليس كذلك وقد ألمح الى ذلك الدكتور في بداية القصة " لم يَدُرْ في خاطري يومًا، أَنَّ الشعور بالغيرة يمكن أنْ يشكِّل دافعًا لاقتراف جريمةٍ ما؛ بل لمْ أعدّ الغيرة سببًا كافيًا للتخلِّي عن السلوك المتحضِّر واللجوء إلى العنف. كنتُ أحسب أنَّ الغيرة لا محلَّ لها في مجتمعٍ متمدِّنٍ، ينعم أفراده بالمساواة، ويتمتعون بحرية الاختيار والتعبير، وأنَّها لا وجود لها إلا في الحكايات الخياليَّة والروايات التاريخيَّة." وهو يريد من ذلك ان هذه المجتمعات المتحضرة ، هي اكثر من غيرها من البلذان مصابة بالأمراض النفسية ... والحديث طويل وشيق مع الدكتور العزيز كعزته للأنسان والأنسانية
مودتي حبيبي دكتور علي القاسمي
اخوك ابراهيم
الاسم:علي القاسمي
التاريخ:20/04/2017 21:44:31
عزيزتي الشاعرة مرهفة الإحساس الأستاذة إلهام زكي خابط المحترمة،
أشكرك جزيل الشكر وأخلصه على تفضلك بالاطلاع على قصتي والتعليق عليها.
وقد جاء تعليقك بتأويل جديد زاد من إعجابي بقريحتك الأدبية وثقافتك الواسعة.
وبالمقارنة مع القصة الأمريكية التي أواصل الاطلاع عليها، فإن الأدب العربي
المعاصر لم يتناول التكنولوجيا كثيراً في إنتاجه. ولعل ذلك راجع إلى عدم تشبع
المجتمع العربي بالتقنيات الحديثة، أو لأن الأديب العربي لا يعدّ التكنولوجيا من
مجالات تخصصه.
أكرر شكري وتقديري واحترامي.
علي القاسمي
الاسم:إلهام زكي خابط
التاريخ:20/04/2017 17:16:26
الدكتور القدير علي القاسمي المحترم
تحية طيبة
لا أخفي عليك في أني قرأت القصة مرتين كي أمسك بالخيط الذي يربط ما بين الآلة وبين غرائز الإنسان ، وبما أن الإنسان هو صانعها فيكون هو المتكلم بالنيابة عنها .
نعم هناك غيرة وحرب ضروس في مجال التطور العلمي السريع ، ما أن صنعت آلة أو ماكنة حتى جاءت أخرى أقوى وأفضل منها والأمثلة كثيرة في يومنا هذا .
ولكن تبقى الحبكة القصصية الجميلة التي جعلتني في أني أشعر بأن فريد يغار فعلا منك على محبوبته فريدة أو بالعكس يغار منها لأنها أخذت مكانه وهو الذي كان المفضل لديك
وهذا ما هو حاصل فعلا في مجال التكنلوجية التي تنطلق كانطلاق الصاروخ
سلمت يداك
إلهام
الاسم:علي القاسمي
التاريخ:20/04/2017 13:05:55
عزيزي الأديب المتألق الأستاذ علاء سعيد حميد،
أشكرك أولاً على إطلالتك البهية على قصتي القصيرة.
كتبتُ هذه القصة قبل حوالي ثلاثين سنة قبل أن يتطور علم الإنساليات. بحيث كانت تُعدّ في وقتها من قصص الخيال العلمي.
وأشكرك ثانياً على تأوليك الرائع أو تأويلاتك الرائعة.. فالتفسير يحتاج إلى ثقافة واسعة. أما التأويل فيتطلب، إضافة إلى الثقافة الواسعة، قريحة مبدعة مثل قريحتك الفياضة.
أكرر شكري الجزيل، وتمنيات الخالصة لك بدوام الصحة والهناء والإبداع والعطاء.
محبكم: علي القاسمي
الاسم:علاء سعيد حميد
التاريخ:20/04/2017 11:31:03
مبهر فعلاً القاص النابغة الدكتور علي القاسمي
كلما تقدمت بقراءة القصة كان التأويل يتجدد ، في بداية الامر كانت القصة تتجه الى معركة باردة بين الانسان و الالة حتى اشتد اوجها الى صراع تسابق بين التطور و التعايش مع ذلك التطور كوحدة مكملة لرفاهية الانسان غير ان منحى القصة كان صراع بين قطبين من العالم كل يفرض نفسة كقوة الكترونية مدمرة عنوانها حرب عالمية ثالثة تستخدم فيها كل التطور الحسي و السمعي و البصري و ما قد توصل اليه العلم يكون اداة لتدمير البشرية في هذه الحرب و عند الاسترسال بالقراءة عرفت ان الانسان المتطور مبرمج على حي علمية لا تخلوا ابداً من غرائز الانسان الفطرية التي قد تتحول الى نكال تدمر منظومة بشرية متكاملة .
مع خالص امنياتي لك بوافر الصحة و الابداع

مقالات ذات صلة