أصدقاء الدكتور علي القاسمي

الدكتور جواد رشدي يكتب قصة حب في النرويج


الدكتور جواد رشدي يكتب قصة حب في النرويج

لمن لم يحلم أحلاما عذبة أو بعضا من الاحلام العذبة،  سيجد ملاذه في المجموعة القصصية” الحب في أوسلو”التي صدرت مؤخرا عن الدار العربية للموسوعات ببيروت وهي لعلي القاسمي،الباحث الأكاديمي والكاتب العراقي المقيم في المغرب منذ1978.فلا غلو أن نعتبر المجموعة القصصية السالفة الذكر، غنيمة حب عابر للقارات.والسبب الكامن في هذا الوصف، هو أن قصصه تجمعها خيوط  تيمة الحب، و القلب عادة لا يستسلم إلا لشيئين الله والحب.إلا أنه في قصص علي القاسمي يهفو نحو الجمال الأنثوي الأخاذ، في تأرجح بين نشوة خمره وعذابه اللذيذ.و الحب لديه  في هذه المجموعة القصصية المتميزة بأسلوبها ، مزامير وتراتيل غاية في التناسق، تجعل المُحِب ينفي أن للعالم حدودا وأن للعقل منطقا، لكن النهاية أحيانا تكون مأساوية.فللمحبين فيما يعشقون مذاهب وإن تعددت الثقافات واللغات،فالحب في نهاية المطاف واحد.أحيانا نجد الرجال يسعون إلى نهب أنوثة الحسناوات وأحيانا أخرى نجد الحسناوات يسعين إلى نهب فحولة الرجال.فضمن قصة”الجريمة الكاملة” التي استهل بها مجموعته السالفة الذكر، نجد الدكتور سمير يسقط في حب الدكتورة مادهو الهندية ليظل يُسبح بجمالها بكرة وأصيلا، ناسيا بدايته ونهايته، كأنه دخل المُطْلَقَ من أبوابه المشرعة.حدث ذلك في أحد الدول البترولية بالخليج وبالضبط في نادي الأساتذة الغربيين حيث كل شئ متاح لهم، عكس أساتذة البعثات العربية.تعرفا على بعضهما البعض ومنذئذ ورعشة الحب تسري في أوصال سمير كعذاب لذيذ، كلما تعتق زاده لذة ونشوة ليطير به في محيط سماوات زرقاء لاموج فيها ولا حد لها .ظل العشيقان يتواصلان باستمرار،ولما أنهى سمير دراسته العليا،صارحها بأنه عازم على العودة إلى بلده لعلها تقبل مرافقته ،لكن سمير سيصطدم بكون هذه الفتاة الهندية التي تعلق بها، أسرها رفض أبيها لزواجهما بالنظر للتباعد الثقافي بينهما.فلئن كانت مياه الحب عذوبة تروي ظمأ المُحِب، فإن للحب غشاوة لا يدركها المُحِب إلى بعد طول عشرة وما أدراك بتباعد الثقافة بين مُتَيم عربي ومتيمة هندية. ولقد حكت له الكثير من الحكايات من التراث الهندي في موضوع الحب واقتنع، رغم كل الذي حصل من مشاكل تسببت لهما فيها نيلما صديقة نادهو،إن الحياة قصيرة لا تحتمل الغضب والحزن والنكد. وعندما أصرت نيلما على العمل كل ما في وسعها لكي لا تذهب صديقتها للقاء بسمير في منزله بلندن، تمنى هذا الاخير لو خلصه القدر منها كي يرتاح باله، وبالفعل اتصلت إحدى الممرضات بنيلما لتخبرها أن هذه الأخيرة أصيبت بنزيف في الدماغ، حينها أحس سمير بفرح شيطاني يغمره.وسافر بعد ذلك إلى باريس لدراسة القانون في السربون لعل دراسته تسعفه في معرفة  ما  إذا كان  النزيف الذي حصل لنيلما، تنطبق عليه  أوصاف الجريمة التي توجب متابعته قضائيا.
1
تلت مباشرة قصة”الجريمة الكاملة”،قصة”السباح”حيث يتحدث أحد الأطفال عن تجربته مع السباحة في النهر رفقة أخيه حسن.فلقد طلب الطفل من أمه أن تسمح له بالذهاب إلى النهر للإستحمام مرفوقا بأخيه،لكن الأم فضلت بأن لا يذهبا لأن أباهما مسافر وبأنها تخشى على حسن ذي الست سنوات من الغرق. وأمام إلحاحه سمحت لهما بالذهاب. وعندما وصلا إلى النهر وتحت غمرة الفرح هرعا إلى جنباته  ليرش بعضهما البعض. بعد ذلك  شجع  الطفل أخاه  على  السباحة.وبعد لحظة اختفى حسن.حينها غمر الهلع الطفل الأكبر واستحضر ما قالته له أمه واستحضر كذلك أباه وهو  يشرح  له سورة يوسف.فجأة يلمح أخاه من بعيد فهرع لإنقاذه،وعندما مسك به وجده وهو يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة بعدما امتلأ بطنه بالماء. ولكي لا تعاتبه أمه على فعلته، ألح على أخيه بألا يحكي لأمه ما حصل مقابل أن يشتري له الحلوى.لكن كما هي عادة الأطفال كان أول ما تلفظ به حسن هو إخبار أمه بأنه غرق في النهر، حينئذ أمسى وجه الأخ الأكبر أكثر اصفرارا، وقتئذ قال لأمه بنبرة اعتذار:” صدقيني، يا أمي، أنني قررت إذا غرق حسن، فإنني سأغرق نفسي معه، ولن أعود إليك.”
وبخصوص قصة”اللغز”، فهي قصة مفعمة بنشوة الحب. حب مزلزل يكاد لا يشبهه في الزلزلة إلا حلم شخص ما بشئ ما طوال حياته، وفي لحظة ما يتحقق له شئ يتجاوز حلمه. يتعلق الأمر بشاب في العشرينات من عمره،كان يدرس بالجامعة الأمريكية في بيروت إسمه نبيل. هذا الشاب لا يهمه سوى تحصيل المعرفة والعلم أنى وجد. علم أن إحدى الجامعات النرويجية تقدم منحة من أجل دورة تكوينية في الصيف بالعاصمة أسلو، فذهب إلى سفارة النرويج ببيروت فتأتى له ما كان يصبو إليه ونصحته إحدى الموظفات بلغة دبلوماسية أنيقة بأن يسافر برا عبر القطار من إسطمبول لأنه أرخص. وبينما هو في القطار وقع نظره على فتاة ذات جمال ملائكي أبهره ثم أسكره فأحس حينها أن الكواكب تولد والنجوم تبزغ.أحس برعشة عميقة تقتلعه من الأعماق. إسم هذه الفتاة جسيكا وهي من سالزبورغ، فهي مدينتها حيث مهرجان الموسيقى الكلاسيكية.تمنت هذه الفتاة لو أن نبيل كان متجها إلى نفس المدينة لإستضافته.قال لها نبيل بأنه ذاهب إلى النرويج من أجل حضور دورة تكوينية تدوم ستة أسابيع،حينها قالت له أنه بإمكانها انتظاره حتى ست سنوات. لم يكد نبيل يصل إلى أوسلو حتى ناولته كاتبة إدارة الجامعة ثلاث رسائل  لجسيكا.ظلت لذة جسيكا تغمره يوميا لدرجة أنه لم يتمكن من متابعة دراسته بالتركيز اللازم.لكن ما أن أنتهت فترة الدراسة بأوسلو واستمتاعه بطبيعة النرويج المتميزة جدا بثلوجها وشمسها التي لا تغيب ليلا حتى عاد على التو إلى سالزبورغ لملاقاة جسيكا.تاه كثيرا قبل العثور على منزلها،خرجت أختها لترشده نحو المسبح حيث توجد.وعندما وصل سلمت عليه بملامح باردة ليس أكثر برودة منها سوى يدها.لم يفهم لماذا هذا التبدل المفاجئ.رافقها إلى المقهى.رغم مرافقته لها وإلحاحه في السؤال لم يعرف رغم إصراره لماذا هذا التغير العاصف في إحساسها تجاهه من حب جامح إلى جفاء كسير،  فغادر المدينة في غضب و خيبة شديدتين.
أما عن قصة”الحب في أوسلو”التي اختارها علي القاسمي لتكون عنوانا لمجموعته القصصية،فهي تلخص معاناة شخص يسمى سليم مع فتاة تسمى غابي.حدث ذلك في أوسلو عندما سافر سليم لمتابعة دراسته العليا هناك. كان ستيف ذلك الأمريكي ذو الروح الشفافة أخا لم تلده له أم.شرح سليم لصديقه ما معنى الأخوة في الإسلام حتى اقتنع به.سقط ستيف في حب فتاة هولندية إسمها غابي. توطدت صداقة الثلاثة.لكن ستيف تجمعه بغابي علاقة حب.هذه العلاقة انتهت بسرعة غير مفهومة،فحينما زار سليم لايدن، قدم نفسه لهذه الفتاة الهولندية التي أصبحت معلمة بأحد المدارس الإبتدائية، فتذكرته وأراد أن يعرف منها لماذا افترقت مع ستيف. لأن هذا الفراق تلقفه صديقه كالرصاصة القاتلة.علم أنها تزوجت، فقدحت عيناه غضبا، حينها شرحت له أنه قبل ذهابها إلى أوسلو، كانت مخطوبة.لقد أغرمت بستيف لكنها عندما عادت إلى لايدن ، كانت قد عادت إلى بيئتها لتحلق روحها في سماوات الحب النورانية من جديد لحبها الأول خطيبها قبل السفر إلى أوسلو.وما الحب إلا للحبيب الأول كما يقال.وكأنها تردد مع بن عربي:
أدين بدين الحب أنى توجهت     ركائبه فالحب ديني وإيماني
لم يفهم سليم حينها لماذا انغمست في الحب والجنس مع استيف في الغرفة التي كانت تأويها هي و ستيف عندما يتغيب.لم يفهم لماذا خدعت ستيف ولماذا خدعت خطيبها في بلدها وهي المعلمة التي تربي الأجيال.
2
قصة”التخاطر”تعرض لحب بين رابحة  الطالبة المصرية ذات الواحد والعشرين ربيعا والأستاذ سليم الذي شارك في دورة دراسية صيفية في جامعة الاسكندرية.أحب سليم الطالبة المصرية لكنه لم يف بوعده في الإرتباط بها.وعندما  أراد أن يحسن من صحته النفسية والصحية واظب على الذهاب إلى قاعة الألعاب الرياضية، حينها لمح فتاة تشبه رابحة.ظلت رابحة تتصل به وكان اتصالها  بغرض تهنئته بعيد ميلاده.هذا الحدث  جعل  ضميره يتسمر طوال الليل على صليب التأنيب والتبكيت.غير مواقيت الذهاب إلى قاعة الرياضات عله لا يعثر على  تلك  الفتاة  التي  تشبه  رابحة، لأنه كلما راها يظل يحملق فيها.بعدما يعود إلى منزله تتصل به رابحة الطالبة التي علم أنها تزوجت كما علم منها  أن  أختها و أخاها توفيا.وعندما عاد مرة أخرى إلى قاعة الرياضات وجد مرة أخرى تلك الفتاة التي تشبه رابحة.وبما أنه يظل يحملق فيها ترجلت وتجهزت إليه  فسألته عن سبب حملقته فيها، فأجابها بأنه أحب في شبابه فتاة تشبهها إلى حد غريب وعجيب، فاغتنم الفرصة ليقدم نفسه إليها قائلا لها أن إسمه سليم ولما سألها عن إسمها قالت له أن إسمها رابحة.فكانت صدفة غريبة وكأنها جاءت لتحيي قصة حبه لرابحة الطالبة الجامعية من جديد.
أما قصة “الساحر”فتعرض كما يحيل على ذلك العنوان إلى مقارنة استاذ جامعي لوضعه مع وضع ساحر اغتنى بسرعة بينما هو الذي يقوم بالتدريس والبحث والتأطير لا يزال يسكن شقة صغيرة مستأجرة في حي شعبي.فهذا الأستاذ الجامعي علم أن ابنة أحد الأغنياء منحت الساحر ألفي دولار دفعة واحدة بالعملة الصعبة من أجل أن يكتب لها تميمة تجعل زميلها يسقط في غرامها.هذا الخبر جعل الأستاذ يتساءل عن طبيعة علم الساحر،هل علمه يتجاوز البحوث النفسية والتربوية؟.فأمثال هذه الفتاة بما يغدقنه على الساحر،هن من جعلناه يسكن قصرا جميلا.والسبب العميق وراء انتشار السحر واغتناء السحرة هو  وجود مجتمع يؤمن به.كل ذلك شجع الأستاذ الجامعي على التعاطي للسحر بواسطة إحدى تلميذاته التي تسمى سميرة.فبعدما حدثها عن التنويم المغناطيسي أعجبت بتقنياته.وبعد ذلك حدثها عن السحر ودعاها لتكون والوسيطة بينه وبين زبونات موسرات بعد أن تطلعه على مشاكلهن ومعلومات حميمية تخصهن.فالحب أصبح مشكلة حقيقية في بلادنا.فكذلك كان وكانت سميرة تجني من وراء كل عملية عشرة بالمائة من الأرباح.انتهى الأمر بالأستاذ الجامعي داخل السجن بعد أن شاع خبره.لقد حكم عليه بثلاث سنوات سجنا نافذة بتهمة الإحتيال والشعوذة وبغرامة عشرون ألف درهم.
تتحدث القصة ما قبل الأخيرة”الحج”عن أستاذ جامعي كان يدرس بجامعة الرياض بالمملكة العربية السعودية والذي توصل يوما ببرقية من أبيه يطلب فيها ابنه التوجه إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج معه.كان الخبر قد أسعده كثيرا لأنها فرصة لكي يرى والده بعد سنين الفراق الطويلة بسبب خوفه من دخول وطنه العراق.كانت البرقية في نفس الوقت محيرة، أولا لأن والده  دأب على  أداء فريضة الحج كل عامين أو ثلاثة تقريبا دون أن يطلب منه لقاءه، الثاني  هو أن والده لم يذكر عنوانه في مكة فكيف سيتمكن من أن يجده في جموع الحجيج الذين بلغ عددهم مليون حاج؟ فعلا تمكن  الإبن من لقاء أبيه بعد جهد جهيد، فكادت المفاجأة تخرسه، فعانقه ولثم وقبل يديه ووجنتيه.كانت سعادة الأب كبيرة بلقاء إبنه.قضيا الليلة في التعبد والتأمل في جبل عرفات.ودع والده بعد انتهاء موسم الحج وعاد إلى إقامته في الرياض.اتصل بعد يومين بمنزلهما في العراق فأجابته أمه ففرح بسماع صوتها وبعد سؤالها عن حال والده وكيف وصل بعد رحلة الحج اجأبته بأن والده لم يحج ـ وهذا الحدث خلق لديه مفاجأة ـ لكن بعد قليل أجابه والده  حينئذ شكره على دعائه  له خلال حجته الرائعة. بعد مدة قصيرة وصلته برقية من أخيه الأكبر يعزيه فيها بوفاة والديهما،عندئذ أدرك السر وراء طلبه منه أن يوافيه في موسم الحج.فلقاؤهما كان وداعا فحزن حزنا مضاعفا، لأنه لم يكن بجنبه ساعة الرحيل بسبب عدم استطاعته دخول العراق ليشارك في تشييع جنازته والتخفيف من أحزان أمه.وفي العام الثاني راسله أحد إخوته ليخبره أن أمه ستزوره وهي في طريقها إلى مكة لأداء العمرة  وأنه سيرافقها.وقتئذ كتب إليه رسالة يوصيهم فيها ببذل أقصى الرعاية واللطف بأمهم حاثا إياهم على إسعادها ما أمكن.
ونزولا عند رغبة الناشر الأستاذ خالد العاني، أضاف القاص علي القاسمي إلى قصة “الحج”قصة أخرى عنونها  كما يلي:”البحث عن قبر الشاعر عبد الوهاب البياتي”.تحكي هذه القصة زيارة القاص للعراق ولقائه بأحد أشقائه الأصغر سنا.لقد كان القاص يتهيأ للخروج،فاتضح لأخيه أنه سيقوده نحو ضريح محي الدين بن عربي للبحث عن قبر عبد الوهاب البياتي ليتلوا الفاتحة على روحه.حينئذ قال له أخوه:”ألم نشبع  من  القبور  و المقابر  في  العراق؟”.وجدا قبر
3
 البياتي في سوريا في ربوة صغيرة بعيدة عن المقبرة الكبيرة،فالمكان اختير من طرف المرحوم عبد الوهاب البياتي نزولا عند رغبته كما ترك ذلك في وصيته، فدفن قرب قبر محي الدين بن عربي.خلال قراءة القاص للفاتحة استحضر ذكرياته معه عندما كان يزور المغرب في ذاك الوقت الذي كان يشتغل في إسبانيا.كان يزور المغرب في مناسبات ثقافية و أحيانا بلا مناسبة. كان يأتي إلى المغرب ليرى ملامح الوجوه العربية وليسمع اللغة العربية في الطرقات،ليسمع الأذان من المنائر وليروي عينيه بالأزياء العربية.كان بحاجة لرؤية جمهور قرائه العرب في بيئتهم العربية كي يتمكن من قول الشعر باللغة العربية.كان القاص يتمنى أن يستفسره عن مقطع ورد في ديوانه”قصائد حب على بوابات العالم السبع” الذي تنبأ فيه بمكان موته ودفنه.لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.لقد توفي عبد الوهاب البياتي قبل أن يستفسره عن المقطع الذي تنبأ فيه بمكان موته ودفنه.
قصة “الحلم”هي القصة  الأخيرة.هذه القصة تتحدث عن طالب أنهى دراسته في الولايات المتحدة الأمريكية.هذا الطالب رأى في نومه حلما غريبا.رأى نفسه يقف على تمثال الحرية في نيويورك، ثم يلقي بنفسه في البحر ويسبح شرقا، يواصل سباحته شرقا حتى يصل إلى الشواطئ المغربية.بعد ذلك يجد لؤلؤة بيضاء مشربة بحمرة،كبيرة الحجم فيخرج من الماء إلى الشاطئ فتبتسم له الدنيا ويشعر بأنه أغنى الناس وأسعدهم.لم يعر بالا لهذا الحلم في الصباح، بالرغم من كونه ظل يتذكر كل تفاصيله.فقدر له أن يعود إلى المغرب ليدرس في جامعة الرباط ويتزوج إحدى طالباته بعد تخرجها.تحمل زوجته، غير أن الجنين يجهض مبكرا وفي المرة الثانية تحمل وتجهض مرة أخرى.وفي الحمل الثالث تتبع الزوجة إرشادات الطبيب في ضرورة ملازمة السرير خلال الأشهر الأولى من الحمل.أيقظته زوجته يوما في الفجر وتطلب منه أن يأخذها إلى المستشفى لأنها تحس بالمخاض.تضع الزوجة مولودة مع بزوغ الشمس،حدق في وجهها الأبيض المشرب بحمرة فتبتسم له ابتسامة عجيبة فشعر  بالسعادة تغمره كيانه وتتغلغل في أعماق وجدانه.حينئذ تذكر الحلم الغريب فأدرك تفسيره بعد كل الذي حدث له.
فالمجموعة القصصية”الحب في أسلو”،قصص ذات أسلوب غاية في التناسق والشفافية، ينفذ إلى أعماق الشخوص والأماكن.هذه القصص في النهاية تشبه صاحبها، فهي خفيفة، سلسة، وممتعة.والأجمل فيها كثرة أسفار الشخوص بين الدول والمدن ومن تم السفر عبر اللغات والثقافات.هذه القصص نُسِجَت حول تيمات السفر، الدراسة، الحيل،البعد الإنساني،الغيرة لكن الحب أكثر التيمات هيمنة.كل القصص من البداية إلى النهاية، تشد القارئ لتأسره بكثرة الأحداث المشوقة التي تبعث على الدهشة و الغرابة.دون أن نغفل بأن نقول أن هذه القصص  نهر متدفق ذو مياه عذبة، يسحرك بجماله، يبهرك بأعماقه، ويطربك بخريره، فلا تشعر لا بالملل ولا بالكلل. فما أن تنهي قصة حتى تجد نفسك متلهفا لقراءة الثانية حتى تجد نفسك قد انتهيت من قراءة القصص كلها وقد تسرب إلى  أعماقك حزن لذيذ. الحزن لأنك انتهيت من قراءة المجموعة كاملة وأنت تتلهف للمزيد واللذة هي أثر المتعة عند قراءة القصص. والمتعة سترافقك بعد الإنتهاء من قراءتها و أنت متحسرعلى انتهائها ومتمنيا لو كانت لها تتمة في جزء ثان أو حتى ثالث ورابع.
*********************
*أستاذ باحث في الأدب الفرنسي-حامعة المولى إسماعيل 

مقالات ذات صلة