أصدقاء الدكتور علي القاسمي

القتلة، قصة قصيرة بقلم: الأديب الأمريكي إرنست همنغواي ترجمة: علي القاسمي


القتلة

علي القاسميبقلم: الأديب الأمريكي إرنست همنغواي
ترجمة: علي القاسمي

نقلا عن صحيفة المثقف

انفتح بابُ مطعمِ هنري ودخل رجلان. وجلسا إلى منضدة المطعم الرئيسة. فسألهما النادل جورج: "ما طلبكما؟"
قال أحدهما: " لا أعرف. ماذا تريد أن تأكل يا آل؟"
فأجاب آل : " لا أعرف. لا أعرف ماذا أريد أن آكل."
وأخذ الظلام بالهبوط خارج المطعم. وكان من الممكن رؤية مصابيح الشوارع وهي تُضاء من خلال النافذة. وراح الرجلان يطالعان لائحة الطعام. ومن الجانب الآخر للمنضدة أخذ آدمز يراقبهما، وكان يتحدّث مع جورج عندما دخلا.
قال الرجل الأوّل:
ـ "سآخذ شرائح خنزير مشويّة مع صلصة تفّاح وبطاطس مطحونة."
ـ " هذه الأكلة ليست جاهزة بعد."
ـ " ولماذا وضعتموها على لائحة الطعام إذن؟"
نظر جورج إلى الساعة المعلَّقة على الحائط خلف المنضدة، وقال:
ـ " إنّها الساعة الخامسة."
فقال الرجل الثاني: " الساعة تشير إلى الخامسة وعشرين دقيقة."
ـ " هذه الساعة تزيّد عشرين دقيقة."
فقال الرجل الأوّل :
ـ " فلتذهب الساعة إلى الجحيم. ماذا عندك من الطعام؟"
قال جورج: " أستطيع أن أعطيكما أيَّ نوع من الشطائر (السندويتشات). يمكنكما أن تأخذا لحم الفخذ بالبيض، أو لحم الظَّهر بالبيض، أو الكبدة مع لحم الظَّهر، أو شريحة لحم مقليَّة."
ـ " أعطني دجاجة مع بازلاء خضراء وصلصة قشدة وبطاطس مطحونة."
ـ " هذه الأكلة تُقدّم في العشاء."
ـ " كلُّ الذي نريده يُقدّم في العشاء، ها؟ هذه هي الطريقة التي تعملون بها."
ـ " يمكنني أن أعطيك لحم فخذ بالبيض، أو لحم ظهر بالبيض، أو كبدة ــ"
ـ " سآخذ لحم فخذ بالبيض"، قال ذلك الرجلُ الذي يُدعى آل. وكان يلبس قبَّعةً عريضةً ومعطفاً أسود وقد شُدَّت جميع أزراره على الصدر، وله وجه صغير أبيض وشفتان مضمومتان؛ و يرتدي شالاً حريرياً وقفّازين.
ـ " أعطني لحم ظهر بالبيض" قال الرجل الآخر؛ وكان بنفس حجم آل. وكان وجهاهما مختلفَين، ولكنَّهما ارتديا نفس الملابس كما لو كانا توأمين. فكلاهما لبس معطفاً ضيِّقاً. وجلسا منحنيَين إلى الأمام، متكئَين على مرفقيهما على المنضدة.
وسأل آل:
ـ " أ لديكم أيّ شيءٍ للشرب؟"
فأجاب جورج :
ـ "الجعة الفضيّة، أو البيفو، أو الزنجبيل."
ـ " أعني هل لديكم شيءٌ يُشرب؟"
ـ " فقط ما ذكرتُ"
قال الآخر:
ـ " هذه مدينة حارّة. ماذا يسمّونها؟"
ـ " سوميت"
فسأل آل صديقه:
ـ " هل سمعتَ بها من قبل."
أجاب صديقه:
ـ " لا."
فسأل آل:
ـ " وماذا تفعلون هنا ليلاً؟"
فقال صديقه:
ـ " يأكلون العشاء. يأتون هنا ويأكلون العشاء."
وقال جورج:
ـ " هذا صحيح."
فسأل آل جورج:
ـ " إذن أنتَ تظنّ ذلك صحيحاً؟"
قال جورج:
ـ " بالتأكيد ".
ـ " أنتَ ولدٌ نبيه، أليس كذلك؟"
قال جورج:
ـ " بالتأكيد"
قال الرجل الآخر الصغير:
ـ " حسنا، أنتَ لستَ نبيهاً. أليس كذلك، يا آل؟"
ـ " إنّه غبيّ" قال آل ذلك، واستدار إلى آدمز وسأله :
ـ " ما اسمك؟"
ـ " آدمز"
فقال آل:
ـ "‎ ولدٌ نبيهٌ آخر. ألا تظنّ أنّه ولدٌ نبيهٌ، يا ماكس؟"
قال ماكس:
ـ " هذه المدينة مليئة بالأولاد النابهين."
ووضع جورج الصحنَين على المنضدة وفي أحدهما لحم فخذ بالبيض وفي الآخر لحم ظَهر بالبيض. ووضع إلى جانبهما صحنَين فيهما بطاطس مقليّة، وأغلق البويب المؤدّي إلى المطبخ.
فسأل آل :
ـ " أيهما طلبك؟"
ـ " ألا تذكر؟
ـ " لحم الفخذ بالبيض."
ـ " إنّه ولد نبيه حقّاَ." قال ماكس، ومال إلى الأمام وأخذ لحم الفخذ بالبيض، وأكل كِلا الرجلَين بقفازيهما. وراقبهما جورج وهما يأكلان.
ـ " ما الذي تنظر إليه؟" هكذا سأل ماكس وهو يحدّق في جورج.
ـ " لا شيء."
ـ " فلتذهب إلى الجحيم. كنتَ تنظر إليّ."
فقال آل:
ـ " ربّما كان الولد يقصد المداعبة."
ضحك جورج.
ـ " لا ينبغي لكَ أن تضحك" قال له ماكس " لا ينبغي لك أن تضحك مطلقاً، فهمتَ؟"
قال جورج:
ـ " طيِّب."
فقال ماكس مخاطباً آل:
ـ " إذن هو يعتقد أنَّ الأمر طيِّب."
ووجه آل السؤال إلى ماكس قائلاً:
ـ " ما اسم الولد النبيه هناك خلف المنضدة؟"
فقال ماكس موجها كلامه إلى آدمز:
ـ " أنتَ، أيّها الولد النبيه! اذهبْ إلى الجهة الثانية من المنضدة بجانب صديقكَ."
سأل آدمز:
ـ " وما المقصود؟
ـ " لا يوجد أيُّ قصد."
وقال آل: " من الأفضل لكَ أن تذهب إلى الجهة الثانية، أيّها الولد النبيه!" فذهب آدمز إلى الجهة الثانية من المنضدة.
وسأل جورج:
ـ " وما المقصود؟"
قال آل:
ـ " ليس هذا من شأنكَ اللعين. مََن هناك في المطبخ؟"
ـ " الزنجيّ."
ـ " ماذا تعني بالزنجيّ؟"
ـ " الزنجيّ الذي يطبخ."
ـ " اطلبْ منه أن يأتي."
ـ " ما المقصود؟"
ـ " اطلبْ منه أن يأتي."
ـ " في أيّ مكان تظنّ نفسك؟"
قال الرجل المدعو ماكس:
ـ " نعرف تماماً أين نحن. هل نبدو هازلَين؟"
قال له آل:
ـ " كلامك يبدو هزلاً. لماذا تجادل هذا الصبيّ. اسمعْ" وقال لجورج:
ـ " قُلْ للزنجيّ أن يأتي هنا."
ـ " ماذا ستفعل به؟"
ـ " لا شيء. استخدم دماغك، أيّها الولد النبيه! ماذا نفعل بزنجيّ؟"
فتح جورج النافذة الصغيرة التي تطلُّ على المطبخ ونادى:
ـ " سام! تعال هنا دقيقة."
انفتح باب المطبخ وجاء الزنجيّ، وسأل:
ـ " ما هناك؟"
وألقى الرجلان الجالسان إلى المنضدة نظرةً عليه.
وقال آل:
ـ " حسناً، أيُّها الزنجيّ! قِفْ هناك بالضبط."
فنظر سام إلى الرجلَين الجالسَين إلى المنضدة، وقال:
ـ " نعم، يا سيدي!" فنزل آل من مقعده وقال:
ـ سأذهب إلى المطبخ مع الزنجيّ والولد النبيه. ارجعْ إلى المطبخ، أيّها الزنجيّ! وأنتَ اذهبْ معه، أيّها الولد النبيه!"
وسار الرجل الصغير خلف آدمز وسام الطبّاخ إلى المطبخ. وأُغلِق الباب خلفهم. وجلس الرجل المدعو ماكس إلى المنضدة مقابل جورج. ولم ينظر إلى جورج ولكنّه كان ينظر في المرآة التي تعكس ما هو كائن خلف المنضدة. وكان مطعم هنري في السابق صالون حلاقة.
وقال ماكس وهو ينظر في المرآة: " حسناً، أيّها الولد النبيه! لماذا لا تقول شيئاً؟"
ـ " ما المقصود من كلِّ هذا؟
فقال ماكس منادياً:
ـ " ها، يا آل! يريد الولد النبيه أن يعرف ما المقصود من كلِّ هذا."
وجاء صوت آل من المطبخ قائلاً:
ـ " ولماذا لا تخبره أنتَ؟"
ـ " ماذا تظنّ وراء كلِّ ذلك؟"
ـ " لا أدري."
ـ " ماذا تظنّ؟"
وكان ماكس ينظر إلى المرآة طوالَ الوقت الذي يتكلّم فيه.
ـ " لا أريد أن أقول شيئاً."
ـ " ها، يا آل! يقول الولد النبيه إنّه لا يريد أن يقول ما يظنّ بكلِّ ذلك."
وقال آل من المطبخ:
ـ " لا أستطيع أن أسمعكَ جيّداً." ودفع، بقنينة صلصة طماطم، النافذةَ التي تمرُّ منها الأطباق إلى المطبخ، وأضاف:
ـ " اسمعْ، أيّها الولد النبيه!" وقال من المطبخ مخاطباً جورج:
ـ " ابتعدْ قليلاً من البار، وأنتَ، يا ماكس، تحرّك قليلا إلى اليسار." وكان مثل المصوِّر الذي يتّخذ الترتيبات لصورة جماعيّة.
وقال ماكس:
ـ " كلّمني، أيّها الولد النبيه! ما الذي تظنّ أنّه سيحدث؟"
لم يقُلْ جورج شيئاً.
فقال ماكس:
ـ " أنا أُخبِركَ. سنقتل سويديّاً. هل تعرف سويديّاً طويلاً اسمه أولي أندرسون؟"
ـ " نعم."
ـ " يأتي هنا كلَّ ليلة ليأكل، أليس كذلك؟
ـ " أحياناً يأتي هنا."
ـ " يأتي هنا في الساعة السادسة، أليس كذلك؟
ـ " إذا أتى."
فقال ماكس:
ـ " نعرف كلَّ ذلك. والآن تحدّث عن شيءٍ آخر. هل تذهب إلى السينما؟"
ـ " أحياناً."
ـ " ينبغي عليك أن تذهب إلى السينما أكثر. فالأفلام السينمائيّة مفيدة لولدٍ نبيه مثلكَ."
ـ " لماذا تريدان أن تقتلا العجوز أندرسون؟ ما الذي فعله بكما؟"
ـ " لم تُتح له الفرصة لفعل أيِّ شيءٍ بنا. حتّى أنّه لم يَرَنا قط."
وجاء صوت آل من المطبخ: " وسيرانا مرَّةً واحدة فقط."
فسأل جورج :
ـ " إذن لماذا تريدان أن تقتلاه؟"
ـ " سنقتله لفائدة صديق. فقط لنُسدي معروفاً لصديق، أيُّها الولد النبيه!"
قال آل من المطبخ:
ـ " اسكتْ! اللعنة، إنّكَ تتكلَّم أكثر من اللازم."
ـ " حسناً، أريد أن يستمتع الولد النبيه، أليس كذلك، أيّها الولد النبيه؟"
فقال آل:
ـ " إنّكَ تتكلّم أكثر من اللازم. إنّ الزنجي والولد النبيه يستمتعان بمفردهما. لقد ربطتهما مثل راهبتَين صديقتَين حميمتَين في الدَّير."
ـ " أفترضُ أنّكَ كنتَ في دَير."
ـ " ومن يُدريك"
ـ كنتَ في دَير يتوفّر فيه الطعام اليهوديّ. هذا ما كنتَ فيه."
ونظر جورج إلى الساعة.
ـ " إذا دخل كائن من كان، اخبره أنّ الطباخ غير موجود. وإذا ألحّ أحدهم اطلبْ منه أن يدخل إلى المطبخ ويطبخ لنفسه. هل فهمتَ ذلك، أيّها الولد النبيه؟
قال جورج:
ـ " طيّب. وماذا ستفعلان بنا بعد ذلك؟"
قال ماكس:
ـ " هذا يعتمد. هذا من الأشياء التي لا نعرفها إلا في حينها."
فنظر جورج إلى الساعة. وكانت السادسة والربع. وانفتح الباب من الشارع. ودخل سائق حافلة، وقال:
ـ " مرحباً جورج! هل أستطيع أن أتناول العشاء؟"
فقال جورج:
ـ " لقد خرج سام. وسيعود بعد نصف ساعة تقريباً."
قال السائق:
ـ " من الأفضل أن أواصل السير.".
ونظر جورج إلى الساعة. وكانت السادسة والدقيقة العشرين.
قال ماكس:
ـ " هذا لطيف، أيّها الولد النبيه!" " أنتَ (جنتلمان) صغير اعتياديّ."
فقال آل من المطبخ:
ـ " يعرف أنّني كنتُ سأطلق النار على رأسه."
قال ماكس:
ـ " لا، ليس ذلك. فالولد النبيه لطيف. إنّه ولد لطيف. وهو يعجبني."
وفي الساعة السادسة وخمسٍ وخمسين دقيقة قال جورج:
ـ " إنه لن يأتي اليوم."
وكان هناك شخصان في المطعم. ودخل جورج المطبخ ليعدَّ شطيرةً من لحم الفخذ بالبيض لزبونٍ أراد أن يحملها معه. فرأى في داخل المطبخ آل، وقبعته العريضة مائلة إلى الخلف، وهو جالس على مقعدٍ عالٍ بجانب البويب. وكان آدمز والطبّاخ موثوقين ظهراً لظهر في الزاوية، وقد شُدّت منشفة في فم كلِّ واحد منهما. أعدّ جورج الشطيرة، ولفّها في ورق مشمّع، ووضعها في كيس، وجاء بها، ودفع الرجل ثمنها وانصرف.
فقال ماكس:
ـ " الولد النبيه يستطيع أن يفعل كلَّ شيء. يمكنه أن يطبخ كلَّ شيء. ستجعل من فتاةٍ ما زوجة سعيدة، أيّها الولد النبيه!"
قال جورج: ـ
ـ " نعم" ، وأضاف: " صديقك أولي أندرسون لن يأتي."
فقال ماكس: " سنعطيه عشر دقائق أُخرى."
وظل ماكس يراقب المرآة والساعة. وأخذتْ عقاربُ الساعة تشير إلى السابعة، ثم إلى السابعة وخمس دقائق.
قال ماكس:
ـ " تعال، يا آل! يحسن بنا أن نذهب. إنّه لن يأتي."
فقال آل من المطبخ:
ـ " الأفضل أن نعطيه خمس دقائق أُخرى."
وخلال تلك الدقائق الخمس، دخل رجل إلى المطعم، وبيّن له جورج أنَّ الطبّاخ مريض. فسأل الرجل قائلاً:
ـ " اللعنة، لماذا لا تأتون بطبّاخٍ آخر؟ ألم تفتحوا المطعم للزبائن؟"، ثم خرج.
قال ماكس:
ـ " انهض، يا آل!"
ـ " وماذا عن الولدَين النبيهَين والزنجيّ؟"
ـ " إنّهم على ما يرام."
ـ " أتظنّ ذلك؟"
ـ " بالتأكيد. لقد انتهينا من الموضوع."
فقال آل:
ـ " أنا لا أحبّ ذلك. هذا مزلق. وأنتَ تكلَّمتَ أكثر من اللازم."
قال ماكس:
ـ " أوه، يا للجحيمّ. كان علينا أن نستمتع، أليس كذلك؟"
قال آل:
ـ " ومع ذلك، فقد تكلمتَ أكثر من اللازم.". وخرج من المطبخ.
وكانت ماسورة مسدَّسه تكوِّن انتفاخاً خفيفاً في المعطف الضيِّق عند الخصر. وسوّى معطفه بيدَيه المغطاتَين بالقفازَين. وقال لجورج:
ـ " إلى اللقاء، أيُّها الولد النبيه! عندك حظٌّ كثير."
فقال ماكس:
ـ " هذه هي الحقيقة. ينبغي أن تراهن في سباق الخيل، أيّها الولد النبيه!"
وخرج كلاهما من الباب. فراقبهما جورج من الشبّاك وهما يمرّان تحت المصباح ويقطعان الشارع. وكانا في معطفَيهما الضيِّقَين وقبعتَيهما العريضتَين مثل فرقة مسرحيّة. وعاد جورج من خلال البويب المُتأرجِح إلى المطبخ مُلتحِقاً بآدمز والطباخ. فقال سام:
ـ " لا أريد شيئاً من ذلك بعد اليوم. لا أريد شيئاً من ذلك بعد اليوم."
ووقف آدمز مُنتصِباً. ولم يكُنْ قد وضع أحدٌ منشفةً في فمه من قبل. وقال وهو يحاول إخفاء خوفه:
ـ " قُلْ لي، ما الموضوع، يا تُرى؟"
فقال جورج:
ـ " كانا سيقتلان أولي أندرسون. كانا سيُطلِقان عليه النار عندما يدخل المطعم ليأكل."
ـ "أولي أندرسون؟"
ـ " مؤكَّد."
وتحسَّس الطبّاخ زاويتي فمه بإبهامَيه. وسأل:
ـ "هل انصرفا؟"
أجاب جورج:
ـ " نعم، انصرفا الآن."
فقال الطبّاخ:
ـ " أنا لا أحبُّ ذلك. أنا لا أحبُّ شيئاً من ذلك مطلقاً."
قال جورج لآدمز:
ـ " اسمعْ، من الأفضل أن تذهب لرؤية أولي أندرسون."
ـ " حسناً."
قال سام الطبّاخ:
ـ " من الأفضل أن لا تتدخَّلا في هذا الموضوع مطلقاً. من الأفضل أن تظلا بعيدَين عنه."
فقال جورج:
ـ " لا تذهب، إذا كنت لا تريد ذلك."
قال الطبّاخ:
ـ " إنَّ خوضك في هذا الموضوع لا يدرّ عليك بفائدة. ابقَ بعيداً عنه."
قال آدمز لجورج:
ـ " سأذهب لأراه، أين يسكن؟"
أدار الطبّاخ ظهره قائلاً:
ـ " الأولاد الصغار يعرفون دائماً ما يريدون أن يفعلوا."
قال جورج لآدمز:
ـ " إنّه يسكن في عمارة هيرش لإيجار الغرف".
ـ " سأذهب إلى هناك."
وكان المصباح، خارج المطعم، يُلقي ضوءَه على أغصان شجرة عارية. ومشى آدمز على رصيف الشارع بمحاذاة السيّارات، واستدار عند عمود المصباح في شارع فرعيّ. وبعد ثلاثة دور وصل إلى عمارة هيرش لإيجار الغرف. وصعد آدمز الدرجتَين وضغط على زرِّ الجرس. وفتحت امرأةٌ الباب:
ـ " هل أولي أندرسون هنا؟"
ـ " أ تريد أن تراه؟"
ـ " نعم، إذا كان موجوداً."
وتبع آدمز المرأة مُرتقياً السلَّم إلى الطابق الأوَّل، ثم إلى نهاية الممرِّ. وطرقتِ الباب.
ـ " مَن هناك؟"
قالت المرأة:
ـ " هناك شخص يريد أن يراك، يا سيد أندرسون!"
ـ " أنا آدمز."
ـ " ادخلْ."
ففتح آدمز الباب ودخل في الغرفة. كان أولي أندرسون مُمدَّدا على السرير وهو يرتدي كامل ملابسه. كان في السابق ملاكماً مُحترِفاً من الوزن الثقيل. وكان طويلاً أكثر من اللازم بالنسبة إلى الفراش. كان مُستلقياً ورأسه على وسادتَين. لم ينظر إلى آدمز.
قال آدمز:
ـ " كنتُ في مطعم هنري، ودخل شخصان وأوثقاني والطبّاخ، وقالا إنّهما سيقتلانك."
وبدا كلامه سخيفاً عندما نطق به. ولم يقُلْ أولي أندرسون شيئاً.
وواصل آدمز كلامه قائلاً:
ـ " حجزانا في المطبخ. وكانا سيطلقان النار عليك لو دخلت المطعم لتناول العشاء."
نظر أولي أندرسون إلى الحائط ولم يقُلْ شيئاً.
ـ " وارتأى جورج أنّه من الأفضل أن آتي وأخبرك بذلك."
فقال أولي أندرسون:
ـ " ليس هنالك من شيء أستطيع أن أفعله في هذا الشأن."
ـ " سأصفهما لك."
قال أولي أندرسون ـ " لا أريد أن أعرف أوصافهما،" ونظر إلى الحائط وأضاف:
ـ " شكراً لك لأنّكَ أتيت لتخبرني بالموضوع."
ـ " لا شكر على الواجب."
ونظر آدمز إلى الرجل الضخم المستلقي على السرير.
ـ " ألا تريدني أن أذهب لأخبر الشرطة؟"
قال أولي أندرسون:
ـ " لا، لا ينفع ذلك بشيء."
ـ " هل هنالك من شيء يمكنني أن أفعله من أجلك؟"
ـ " لا. لا شيء يمكن فعله الآن."
ـ " ربّما كان الأمر مجرَّد تهديد."
ـ " لا، ليس مجرّد تهديد."
وتحوَّل أولي أندرسون إلى الجدار. وقال وهو يتكلَّم في اتّجاه الجدار:
ـ " الشيء الوحيد هو أنّني لا أستطيع أن اتّخذ قراراً بالخروج. فأنا هنا طوال النهار."
ـ " ألا يمكنكَ مغادرة البلدة."
قال أولي أندرسون:
ـ " لا، لقد انتهيتُ من كلِّ تلك التنقُّلات." ونظر إلى الحائط وأضاف:
ـ " لا شيء يمكن فعله الآن"
ـ " ألا يمكنك إصلاح الأمر بطريقةٍ ما؟"
ـ " لا، فقد وقعتُ في المحذور." وأضاف وهو يتكلَّم بنفس الصوت المستوي: " لا شيء يمكن فعله. بعد قليل سأحزم أمري بالخروج."
فقال آدمز:
ـ " يجب أن أعود وأرى جورج."
قال أولي أندرسون:
ـ " مع السلامة". ولم ينظر ناحية آدمز " شكراً على مجيئكَ هنا."
وخرج آدمز. وبينما كان يغلق الباب، رأى أولي أندرسون بكامل ملابسه وهو مُستلقٍ على الفراش ينظر إلى الحائط.
قالت صاحبة العمارة في الطابق الأرضيّ:
ـ " لقد بقي في غرفته طوال النهار. أحسب أنّه ليس على ما يرام. قُلتُ له: يا سيد أندرسون! يحسن بك أن تخرج وتتمشّى قليلاً في يومٍ صحوٍ كهذا اليوم، ولكنّه لم يشعر برغبة في ذلك."
ـ " إنّه لا يريد الخروج."
قالت المرأة:
ـ " آسفة لأنّه ليس على ما يرام. إنّه رجل لطيف جدّاً. كان يحترف الملاكمة، كما تعلم."
ـ " أعرف ذلك."
قالت المرأة:
ـ " لا يمكنك أن تعرف ذلك من ملامح وجهه أبداً". وظلا واقفَين يتحدّثان قرب باب العمارة من الداخل. وأضافت قائلة:
ـ " إنّه رجل مُهذَّب جدّاً."
ـ " حسناً، ليلة سعيدة، يا سيدة هيرش!"
قالت المرأة:
ـ " أنا لستُ السيدة هيرش؛ إنّها تملك العمارة في حين أقوم أنا بالعناية بها فقط. إنّني السيدة بيل."
فقال آدمز:
ـ " حسنا، ليلة سعيدة، يا سيدة بيل!"
قالت المرأة:
ـ " ليلة سعيدة."
وسار آدمز في الشارع المُظلِم حتّى بلغ الزاوية عند المصباح ثم استدار ماشياً بجانب السيّارات حتّى وصل إلى مطعم هنري. وكان جورج في داخله خلف المنضدة.
ـ " هل رأيت أولي؟"
،" قال آدمز:
ـ " نعم؛ هو في غرفته ولا يريد الخروج."
وفتح الطباخ البويب من المطبخ عندما سمع صوت آدمز، وقال:
ـ " لا أريد حتّى أن أسمع عنه." وأغلق البويب.
وسأل جورج:
ـ " هل أخبرتَه بالموضوع؟"
ـ " طبعاً، أخبرتُه ولكنّه يعرف الأسباب."
ـ " ماذا سيفعل؟"
ـ " لا شيء."
ـ " سيقتلونه."
ـ " أحسب ذلك."
ـ " لا بدّ أنّه تورَّط في شيءٍ ما في شيكاغو."
ـ " أحسب ذلك."
ـ " يا له من شيءٍ خطير!"
فقال آدمز:
ـ " إنّه شيءٌ مخيف."
ولم يقولا شيئاً آخر. وانحنى جورج وتناول منشفةً ومسح بها المنضدة.
وقال آدمز:
ـ " أتساءل ما الذي كان قد فعله؟"
ـ " احتال على شخص ما. هذا ما يقتلونهم من أجله."
قال آدمز:
ـ " سأنتقل من هذه البلدة."
قال جورج:
ـ " نعم، ‎ هذا خير ما تفعل."
ـ " لا أحتمل التفكير فيه وهو ينتظر في غرفته ويعرف أنّه سيُقتل. إنّه شيءٌ مُخيف حقّاً."
قال جورج:
ـ " حسناً، من الأفضل لكً ألا تفكِّر في الأمر."

...........................
* في عام 1999، احتفلتِ الأوساط الثقافيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة بالذكرى السنويّة المئويّة لميلاد الروائيّ الشهير أرنست همنغواي Earnest Hemingway، الذي يُعَدّ رائدًا من روّاد الأدب الأمريكيّ الحديث، إذ إنَّه غيَّر أسلوب السرد القصصيّ باللغة الإنجليزيّة، ونحا به نحو البساطة والوضوح في التعبير، وابتكر تقنيات سردية جديدة، في مقدمتها "جبل الجليد" أي أنك ترى قمة جبل الجليد في المحيط، وتقدِّر حجم الجبل المغمور في الماء، فالقصة تستخدم التلميح بدل التصريح، وعلى القارئ أن يعمل خياله لمعرفة التفاصيل.
تختلط الأسطورة بالحقيقة فيما يتداوله الناس عن حياة همنغواي الزاخرة بالمغامرات وركوب المخاطر، نتيجةً للهوايات العنيفة التي كان يزاولها مثل صيد الأسود في أفريقيا، والتزلُّج على الجليد في النمسا، وما كتبه عن مصارعة الثيران في إسبانيا، وغير ذلك. فعندما زرتُ منزل همنغواي الذي أصبح متحفاً في جزيرة كي ويست في ولاية فلوريدا الأمريكية، كانت هنالك بعض القطط التي يشاع عنها أنها من أحفاد قطة همنغواي، على حين أنني قرأت مقالاً يؤكِّد أنّ تلك القطط لا علاقة لها بهمنغواي من قريب أو بعيد، بل تعود إلى حارس المتحف.
تطوَّع همنغواي للاشتراك في الحرب العالميّة الأولى (1914ـ1918) ولكنَّه رُفِض بسبب باطن قدمه المُسطَّح، ولدى إصراره، جُنِّد بصفة سائق سيّارة إسعاف في الجبهة الإيطاليّة. وقد أُصيب هناك بجرحٍ خطيرٍ.
وبعد نهاية الحرب، استقرَّ، مع زوجته الأولى، في باريس (1921ـ1926)، مراسلاً صحفيّاً ثمَّ تفرَّغ هناك لكتابة القصّة والرواية. وكتب في باريس أوّل رواياته، من وحي تجربته في الحرب، وعنوانها " الشمس تشرق ثانية"(1926) قبل أن يعود إلى الولايات المّتحدة. وتسرد روايته السيرذاتيّة " الوليمة المتنقّلة" التي كتبها قبيل وفاته والتي ترجمناها إلى العربية، جانباً من حياته في تلك الفترة التي عاشها في باريس.
وتطوع مراسلاً حربيّاً في إسبانيا خلال الحرب الأهليّة الإسبانيّة (1936-1939). واستوحى من تلك الحرب روايته " لمن يقرع الجرس؟". وعدداً من قصصه القصيرة الرائعة، مثل قصته “ شيخ على الجسر” التي سبق أن ترجمناها في كتابنا “ مرافئ على الشاطئ الآخر”.
وعاش همنغواي في جزيرة كي ويست الأمريكيّة في منزل كبير قبل أن يستقرّ في أحد شواطئ هافانا في كوبا إبتداءً من سنة 1940 حتى نجاح الثورة الكوبيّة بقيادة فيدل كاسترو سنة 1959. وكان يمارس هواية صيد السمك هناك. وكتب في هافانا قصّته الطويلة " الشيخ والبحر" التي نشرتها مجلة "لايف" الأمريكية سنة 1952 والتي ترجمناها إلى العربية. وحاز همنغواي بفضل هذه القصة جائزة البولتزر الأمريكيّة سنة 1953، ثم نال جائزة نوبل سنة 1954.
وحوّلت صناعة السينما الأمريكية معظم روايات همنغواي وقصصه إلى أشرطة سينمائية رائعة. كما تحظى مجاميعه القصصية ورواياته العديدة بإقبال القراء في إنحاء العالم. وقد اختار الكاتب الأمريكي جون أبدايك قصَّة " القتلة" التي نترجمها في هذا الكتاب، ليضمّها إلى كتابه "أحسن القصص الأمريكيّة القصيرة في القرن العشرين" الصادر عام 1999.
تزوّج همنغواي أربع مرّات وخلَّف عدداً من الأولاد. وتوفّي منتحراً عام 1961. وكان والده الطبيب قد انتحر قبله، وانتحرت بعده بمدة طويلة حفيدته الممثلة مارغو همنغواي.
** صدرت في كتاب : علي القاسمي. أبدع أروع القصص الأمريكية المعاصرة (بيروت: المركز الثقافي العربي، 2018).

تعليقات (9)


  1.  
العلامة الاديب
دائماً تجهد وتبحث في تقديم النافع والمفيد . وفق القول المأثور ( فذكر إن نفعت الذكرى ) لواقعنا بكل عثراته وثيماته خلال اختيارك في تقديم وترجمة هذه القصة القصيرة . لقد ضربت عصفورين بحجر واحد :
الاول : تذوقنا بالادب الروائي الكلايكي التقليد القديم . حتى ندرك الفرق النوعي في تقنيات عالم السرد , وكيف طرحها وتناولها في الاتجاه الواقعي . حتى نعرف تحول عالم السرد من القديم الى اسلوب الحداثة . لاشك الفرق كبير بين الاتجاه القديم والاتجاه الحديث في تقنيات اساليب وادوات الحبكة السردية .
الثاني : جعلتنا ان نترحم على اساليب القتلة القديمة . رغم الازعاج والضجة المفتعلة التي اثارها المرشحين لدور القاتل في المطعم وبعض تمثل السخرية الساخرة في افعالهم وتصرفاتهم . والقتلة اليوم تطوروا بشكل هائل ونوعي في اساليب القتل والاغتيال . بأنهم لم يعلنوا عن نيتهم للقتل والاغتيال , حتى يتسنى للضحية او المرشح للقتل , ان يتخذ الاجراءات الوقائية في انقاذ نفسه من القتل . الاساليب الجديدة في القتل والاغتيال تحدث فجأة بدون موعد لحظة الاجرام . ربما قنص الضحية في الشارع او اي مكان حتى تأتي رصاصات القاتلة فجأة . او ربما بكواتم الصوت مخطط في صمت رهيب, دون أثارة انتباه الاخرين , سوى يجد الضحية يسبح في بركة من الدماء . يعني بلغة اخرى لو استخدمت الاساليب القديمة في القتل . حين اعالنوا القتلة عن نيتهم في قتل ( اندرسون ) وحين لم يأتي في موعده المحدد لم ينتظره عشرة دقائق وينصرفوا بدون تحقيق هدفهم . الاساليب الجديدة , هم عندهم استعداد انتظار الضحية ايام كاملة , ولا يعودون بخفي حنين بكل الاحوال . حتى يقبضوا الثمن , ينتظرون حتى تحقيق هدف القتل , لو كانت سائدة هذه الاساليب , لما كان رقم الضحيا او شهداء الغدر 700 وربما 1000 ألف سقطوا في ساحات التظاهر والاعتصام في العراق . اذا كان القتلة القدماء يحافظون على بقايا من ضميرهم . فأن القتلة الجد ضميرهم ميت اصلاً .
تحياتي ودمت بخير وعافية
صديقي العزيز المفكر الأديب الأستاذ جمعة عبد الله،
شكراً على إطلالتك البهية المزدانة بالفكر والوطنية على القصة.

كعادتك ارتفعت بقصة همنغواي القصيرة إلى مصاف القضايا الكبرى التي رمى إليها الكاتب والتي أفرزتها الرأسمالية المتوحشة في الولايات المتحدة في النصف الأول من القرن الماضي. فثمة قلة من السكان، في كل مكان، تسعى إلى تركيز القوة والثروة بأيديها، وتسلك لتحقيق ذلك جميع السبل المشروعة وغير المشروعة بما في ذلك سلب الآخرين وقتلهم وغمط حقوقهم واختلاس أموالهم.

في الوقت الذي كتب همنغواي قصته، سنة 1927، كانت عصابات الجريمة المنظَّمة في بعض المدن الأمريكية الكبرى، مثل شيكاغو، تفرض سيطرتها على الملاهي والحانات وحتى الأسواق وتتقاضى منها العمولات لحمايتها أو عدم إلحاق الأذى بها.

أكرر شكري وأؤكد مودتي وخالص احترامي.
محبكم: علي القاسمي

  1.  
اعتقد ان القصة من مجموعة نساء بلا رجال.
كنت معجبا و لا ازال بهمنغواي و حياته ذاتها دراما شيقة.
لكن ما بقي في الذهن: الشيخ و البحر و لمن تقرع الأجراس و وداعا للسلاح.
و في وقت لاحق اطلعت على المائدة المتنقلة و تلال افريقيا الخضراء. و انتبهت انه زار حيفا او عكا ( لست متأكدا) و صاد السمك فيها.
ترجمة نوستالجية تفتح الأبواب على جهنم الماضي الذي يطاردنا بلعناته و اكاذيبه وخططه المشوهة و الناقصة.

  1.  
الأخ العزيز الناقد المترجم الأديب الدكتور صالح الرزوق
أشكرك جزيل الشكر على تفضلك بقراءة القصة، والتعليق عليها.
ومتابعتك الكريمة لما يُنشر من أدبٍ، موضوع أو مترجم، يُسهم في إنعاش الحركة الأدبية وازدهارها، إضافة إلى ما يستفيده الكتّاب من ملاحظاتك القيمة.
بيد أني لم أفهم المقصود بعبارتك الافتتاحية " أعتقد أن القصة من مجموعة نساء بلا رجال".
وأكون شاكراً وممتناً لك إذا تكرمتَ بالإيضاح.
وتقبل من أخيك خالص الشكر والمودة والاحترام.
محبكم: علي القاسمي

  1.  
قبل أن أنام بالأمس كنت قد بلغتُ نصف القصة وكانت الأحداث تتفاعل بسرعة ودرامية أشفقتُ على نفسي منها !
والآن ظهيرة اليوم التالي ،، همنغواي الأديب العميق والغريب في مزاجه لا يكتب إلا حين يحس بأن الكتابة تمتص ألماً ما من روحه،
وقد برعتمْ في ترجمة مراميه البعيدة
تقبل أجمل تمنياتي مع قدح من عصير أناناس
صديقي العزيز الشاعر المتميز الأستاذ سامي العامري
مساء الخير والسرور.
شكراً لكلماتك الطيبة بحق همنغواي وبحق ترجمتي لقصته " القتلة" (وكأني وكيل عمال همنغواي!).
تقول إن همنغواي لا يكتب إلا حين يحس أن الكتابة تمتص ألماً من روحه. وأنت وأنا وغيرنا من الكتاب، ألسنا نكتب لنداري ألما ممضاً بين الضلوع؟
الكتابة بلسم لجراحنا الغائرة، أخي الحبيب. نكتب لنخلق عالماً وهميا نعيش فيه للحظات، لساعات، لأيام ، نبتعد خلالها عن العالم الواقعي الأليم الذي نعيش فيه أو نفكر فيه.
أتمنى لك في منفاك، قصائد تدنيك من عراقك البعيد الجريح، وتخفف من آلام الغربة وآلام الأحساس برصاص قتلة العراق الذي يخترق صدور أبنائنا المطالبين بحقوقهم.
مودتي واحترامي.
محبكم: علي القاسمي

  1.  
الأخ العزيز الناقد المترجم الأديب الدكتور صالح الرزوق،
لا أزال في انتظار تكرمك بتفسير عبارتك الافتتاحية في تعليقك الكريم عندما تفضلتَ بالقول: " أعتقد أن القصة من مجموعة نساء بلا رجال." لسببين:
الأول، إن شخوص القصة أغلبهم من الرجال، حتى الفلمين السينمائيين اللذين اتخذا من القصة منطلقاً، نجد الرجال فيهما هم الأكثرية. وأسماء الشخوص في القصة الأصلية أسماء للذكور، مثل جورج وآل، ما عدا صاحبة النزل.
الثاني، إنك تكرمت باستخدام الفعل " أعتقد " وليس أظن، أو أحسب، أو أذكر، أو أرجّح، إلخ. والاعتقاد كما تعلم، هو الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقِده.
ولهذا تبادر إلى ذهني أنني لم أفهم كلامك الكريم، وودت الاستفادة منك.

ومن ناحية أخرى، لم أفهم مصطلحك " ترجمة نوستالجية" الذي ختمتَ به تعليقك الكريم، ولم أجده في المعاجم المتخصِّصة في الترجمة ولا تلك المتخصِّصة في النقد.

ولهذا آمل أن تتكرم بإفادتي، فقد استفدتُ كثيراً من دراساتك النقدية القيمة التي أتابعها باهتمام وتقدير.
وأرجو أن تتقبل من أخيك خالص الشكر والمودة والاحترام.
محبكم: علي القاسمي.

  1.  
للمرة الثالثة أرجو أن يتكرم الأخ العزيز الناقد الأديب الدكتور صالح الرزوق بالإجابة على سؤالي لأستفيد منه مشكوراً.
ولعله لم يطلع على سؤالي، فأرجو من الإخوة الأعزاء في تحرير الصحيفة الغراء أن يتكرموا بتوجيه سؤالي إليه او أن يتكرموا بتزويدي بعنوان بريده الإلكتروني لأتشرف بمراسلته. مع الشكر الجزيل لهم.

  1.  
عفوا لأنني لم انتبه للرد.
لم يكن هناك شيء محدد. فقط للتنويه انني قرأت النص.
وربما اقصد بترجمة نوستالجية ارتباط قصة همنغواي بذكرياتي الخاصة، فقد قرأتها في فترة معقدة من حياتنا بما فيها من ملابسات و شعارات اعتقد انها أصبحت مجدبة تماما.
و شكرا لردك المستفيض.

مقالات ذات صلة