صادق السامرائي: الدكتور علي القاسمي والكتابة!!
صادق السامرائي: الدكتور علي القاسمي والكتابة!!
نقلا عن موقع جريدة المثقف
الكتابة فن وصنعة بحاجة لمعرفة بتقنياتها وأساليبها وغاياتها، فالمكتوب من المفروض أن يُقرأ، وما نكتبه بلغة الضاد، النسبة العُظمى منه لا يُقرأ، والعلة في فقدان تقنيات الكتابة، وعدم تعلمنا كيف نكتب!!
فواقعنا الكتابي، خصوصا في زمن النشر السريع وكثرة المنافذ والمواقع والصحف، التي تنشر كل شيئ بذريعة حرية التعبير عن الرأي، وما هي كذلك، فضاعت قيمة الكتابة، وإنتفى دورها، وأصبح المكتوب مجرد كلام.
ومن الكتاب المتميزين بمهاراتهم وتقنياتهم الكتابية والأسلوبية، الدكتور علي القاسمي، الذي قرأت له منذ مطلع الثمانينيات من القرن العشرين، وبين يدي كتابه (مقدمة في علم المصطلح \1985) وكنت قد قرأته في حينه، ووجدتني أتصفحه قبل بضعة أسابيع.
فكتاباته تمنحكَ متعة القراءة، التي نفتقدها في معظم الكتابات المنشورة، فمهما كان الموضوع طويلا وبعدة صفحات فأنك تقرأه من أوله لآخره، إذ يبدأ واضحا فيما يريد تناوله، ويشدك إليه بعبارة إفتتاحية جذابة ومغرية للتواصل بالقراءة، ويضخ ما يكتبه بمعلومات مشوقة ومشجعة على المتابعة، ويوضّح مفرداته وما يعنيه في كل عبارة أو مصطلح يطرحه، ويأتيك بالأدلة والبراهين البينة المقنعة، وبإنتظام منطقي سببي مرموق.
ويأخذ بمناقشة فقرات الموضوع، ويربطها ببعضها، حتى لتجد نفسك مرهونا بإتمام القراءة، والتمتع بما تقرأ.
هذه القدرة على الكتابة، والإحاطة بتقنياتها نادرة فيما ننشره، ولربما أستطيع الجزم بأن كتاباته ذات مقروئية عالية، لأنها تجذبك إليها وتتملكك تماما.
وأجدني أتمتع بما يكتبه، فأزداد معرفة وأتعلم أسلوبا، وأكتشف الوفاء للكلمة وللقارئ في كتاباته.
والدكتور علي القاسمي، يقدم مثلا وقدوة للكتابة المعاصرة، اللازمة للتفاعل مع القارئ، والتعبير السلس الواضح المنظم عن الفكرة، التي يتناولها مهما كان الموضوع طويلا وصعبا.
تحية للدكتور علي القاسمي، ولقدرته العالية على التعاطي الخبير مع الكلمة، وبها يقدم لنا صورة عملية عن كيف للكتابة أن تكون.
فكتاباته تترجم رسالة الكلمة، وقيمة الكتابة ودورها في صياغة الوعي الجمعي، وبث وهج التنوير المعرفي.
ومعظم الكتابات الطويلة التي تتناول موضوعات صعبة، ينحى كتابها إلى زيادة تعقيدها، وإفهام القارئ بأنهم لا يعرفون ماذا يريدون قوله، فتجد نفسك في متاهة، وتنفر من المكتوب من أول عبارة أو فقرة.
فليكتب أصحاب المقالات والدراسات الطويلة وفقا لتقنيات الكتابة المعاصرة، فالكتابة بحاجة إلى ثورة أسلوبية وتعبيرية، وقد أوقد جذوتها الدكتور علي القاسمي، وبأدلة متكررة في كتاباته.
مع خالص التحايا، ودمتَ مبدعا متنوّرا ومنيرا!!
د. صادق السامرائي
28\5\2021
تعليقات (5)