يحيى السماوي: الإمتلاء فراغا
يحيى السماوي: الإمتلاء فراغا
نقلا عن صحيفة المثقف
مُستغيثاً جئتُ
أستفهمُ من آلهة الحكمةِ
عمّا لا أعِيْهْ
لـسـتُ بـالـكـافـرِ
لـكـنْ
كَـثُـرَ الأربـابُ فـي أوروكَ ..
كـلٌّ ولـهُ فـي سُـورةِ " الـكـرسـيِّ " تـفـسـيـرٌ وزعـمٌ
ولـهُ مـالٌ وجـنـدٌ ..
لـسـتُ أدري أيُّ ربٍّ أتَّـقـيـهْ
*
كـاهـنُ الـمـعـبـدِ لـصٌّ ..
وولـيٌّ الأمـرِ دجّـالٌ ..
وكـلٌّ يـطـلـبُ الـبَـيـعـةَ فـي أوروكَ ..
كـلـكـامِـشُ بـاعَ الـسـورَ واسْــتـوزرَ أصْـهـارَاً
وأضـحـى قـارئُ الـفـنـجـانِ والـكـفِّ فـقـيـهْ
*
فـإذا الـسـارقُ قـاضٍ
وإذا الـنُّـكْـرُ وجـيـهْ
*
وإذا بـالـشـمـسِ تـسـتـجـدي مـن الـفـانـوسِ ضـوءاً
لـيـسَ مـا يـمـلـؤنـي إلآ فـراغُ الـقـلـبِ
مـمـنْ يـســتـبـيـهْ
*
هـا أنـا أُفـرِغُ مـن يـومـيَ أمـسـي
نـافِـضـاً عـنـي رمـاداً
كـان يـومـاً شَـجَـراً مُـخـضَـوْضِـرَ الأفـيـاءِ
يُـشـجـي بـحـفـيـفٍ وهـديـلٍ سـامِـعـيـهْ
*
أفـرغـي قـلـبَـكِ مـنـي ..
أفـرغـيـهْ
*
واطـعِـمـي لـلـنـارِ قـيـثـاري
وشِـعـراً كـنـتِ فـيـهْ:
*
لـلـهـوى الأرضـيِّ فـي أوروكَ رَبَّـاً ..
وأنـا كـنـتُ نَـبـيـهْ
*
ورسـولَ الـعـشـقِ فـي وادي زهـور الـلـوزِ
أتـلـو فـي الـبـسـاتـيـنِ وصـايـاكِ عـلـى الأنـهـارِ
والأشـجـارِ والأطـيـارِ ..
فـرداً كـنـتِ فـي أوروكَ لا تُـشـبِـهُـهـا آلِـهَـةٌ أخـرى ..
وقـلـبـي كـانَ مـبـعـوثَـكِ فـي الـعـشـقِ
ولـيْ ألـفُ شَـبـيـهْ
*
كـلُّـهُـمْ حَـجُّـوا الـى قـلـبِـكِ
يـرجـونَ دخـولاً لـفـراديـسِـكِ ..
كـلٌّ
ولـهُ مـا يـبـتـغـيـهْ
*
طـرقـوا بـابَـكِ
لـكـنـكِ أغـمَـضْـتِ جـفـونـاً
وأبَـتْ عـيـنـاكِ إلآيَ سـمـيـراً
فـاصـطـفـانـي قـلـبُـكِ الـطـفـلُ خـلـيـلاً ..
كـنـتِ مـنـي الـنـهـرَ والـنـاعـورَ والـحـقـلَ
ومـا أمـضـيـتُ عـمـري أشــتـهـيـهْ
*
وأنـا مـنـكِ:
كـمـا طـفـلٌ وحـيـدٌ مـن أبـيـهْ
*
نـتـسـاقـى الـلـذةَ الـبـيـضـاءَ:
تـنـوراً ومـحـراثـاً ..
صـهـيـلاً وهـديـلاً ..
وتـسـابـيـحَ ومِـحـرابـاً ..
وحـانـوتـاً وصـهـبـاءً ..
وأحـلامـاً وتِـيـهْ
*
مُـسـتـغـيـثـاً جـئـتُ
أسـتـفـهـمُ مـن آلـهـة الـحـكـمـةِ
عـمّـا لا أعِـيْـهْ
*
يـشـتـكـيـنـي قـلـقـي مـنـكِ
ومـنـي أشــتـكـيـهْ
*
كـانـتِ الـجـنَّـةَ أوروكُ
وكـلُّ الـنـاسِ:
أنـكـيـدو و" شـامـاتُ " و" سـيـدوري "
فـمَـنْ صَـيَّـرَهـا الـنـارَ ؟
ومَـنْ صَـيَّـرَ خـمـبـابـا إلـهـاً (*)
يـقـتـديـهْ:
*
سـاسـةُ الـصـدفـةِ
والـعُـبّـادُ مـن لـصٍّ ودجّـالٍ ووغـدٍ وسَــفـيـهْ
*
أفـرغـي قـلـبَـكِ مـنـي ..
أفـرِغـيـهْ
*
فـأنـا زرعٌ وقـد حـانَ حـصـادي ..
نَـعِـسَ الـقـلـبُ ..
وجَـفَّ الـطـيـنُ ـ أو كـادَ ـ
ومـا مـن سُـحُـبٍ
تُـنـبِـئُ عـن غَـيـثٍ مُـغـيـثٍ يُـعـشِـبُ الأرضَ
ويـسـتـرجِـعُ ـ قـسـراً ـ وطـنـاً مـن ســارقـيـهْ
*
نَـعِـسَ الـقـلـبُ
وجَـفَّ الـطـيـنُ أو كـادَ ..
ولا ثـوبُ تـقـىً ـ إلآكِ ـ مـا يـسـتـرُ عُـريَ الـروحِ مـنـي
فـابـعـثـيـنـي مـرّةً أخـرى
إذا لـم تـجـديْ لـيْ فـي الـهـوى
صَـبَّـاً شــبـيـهْ
***
يحيى السماوي
10/7/2921
......................
(*) شامات: الحسناء التي أنسنت الوحش أنكيدو حين مكّنته من نفسها .. سيدوري: صاحبة الحانة المعروفة بالحكمة .. خمبابا: الوحش الخرافي الذي أرعب شعب أوروك .
المشاركون في هذه المحادثة
تعليقات (61)
قصيدة مكتنزة بمحمولاتها وما تنطوي عليه من توظيفات تناصية تمنحها دفقا جماليا وفنيا يعكس القدرة الإبداعية للشاعر بما يبهر المتلقي ويمنح النص ثراء وقابلية على المطاولة الزمنية. دمت باذخ الضوء أيها السماوي الكبير
تورية وانزياحات تختبئ وراء الميثولوجيا التاريخانية جعلت الرقيم ينتفض والحضارات خجلى ،هسيس الوطن ينطق ذاتك ويعتصر الالم حروف.
صديقي الحبيب ، أعتذر جدا لوجود سهو طباعي في ردي ، فقد غافلني حرف " الميم " واحتلّ مكان " النون " في كلمة " الحنظل " فغدت " الحمظل " .. ( ولو أن " الحمض " يفيد نفس المعنى ، فكلاهما : يعني كلّ نبتٍ مالح أو حامض .. ) .
قصيدة من المفرحات المبكيات .... الاولى لانها كتبت بحروف تحاكي الدهشة والابداع والثانية لانها تصف وضعا بشعا نتقاسمه في كل بلد عربي يدعي أفضليته لدى الرب لانه من خير أمة أخرجت للناس وهو أمر مشين في حق الشعوب والاجيال وهو المسبب لما نراه من حركات ارتدادية للخروج عن الملة أو الإلحاد ... بورك قلمك ودام مدادك فياضا