أصدقاء الدكتور علي القاسمي

القبض على عصفور السعادة, قصة قصيرة بقلم علي القاسمي

 

علي القاسمي: القبض على عصفور السعادة

علي القاسميأو قصةُ ولادةِ "معجمٍ الاستشهادات"

في عام 1987 كنتُ مديرا لإدارة التربية في المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسبسكو) التي تتخذ من العاصمة المغربية، الرباط، مقراً لها. وكنتُ أعمل في المنظمة منذ إنشائها عام 1982، وكان عدد العاملين فيها آنذاك محدوداً وعلينا أن نثبت مصداقية المنظمة ونبرهن على فائدتها العملية للدول الأعضاء، خاصَّةً أنَّها تحمل اسماً مشابهاً لمنظمتين أُخريين هما اليونسكو والألكسو، فكنا نواصل العمل ليلاً ونهاراً.

وكان مديرنا العام حينذاك المفكِّرَ العربيَ رجلَ الدولة المغربي عبد الهادي بوطالب، الذي كان يثق بي ويشملني بعطفه ويعاملني معاملة الأخ الأصغر أو الابن، ما جعلني أضاعف من جهودي لأظلّ عند حسن ظنه. وكانت لي الحرِّية شبه الكاملة في اختيار البرامج، ووضع خطوطها الرئيسة، وتحديد خطوات تنفيذها، واختيار الدول الأعضاء الآسيوية أو الأفريقية التي تستفيد منها، وتعيين الخبراء الميدانيين، وغير ذلك من الإجراءات التي يتطلَّبها تنفيذ البرامج.

وكثيراً ما كنتُ أسافر بنفسي إلى الدولة المستفيدة، إمّا لوضع ترتيبات التنفيذ أو الإشراف على العمل وتوجيهه، أو لتقييم النتائج المحصَّل عليها، إضافة إلى كتابة كثير من المواد التعليمية التي تحتاج إليها بعض البرامج مثل تأليفي كتاب " التقنيات التربوية في تعليم العربية للناطقين باللغات الأخرى" الذي كنا نستخدمه في الدورات التدريبية التي تعقدها المنظمة لفائدة مشرفي وأساتذة اللغة العربية في الدول الأعضاء غير الناطقة بالعربية. وهكذا كنتُ في عملٍ متواصلٍ، وحركةٍ دائبة، وحلٍّ وترحال. فكنت أجد نفسي في ماليزيا شرقا والسنغال غربا في شهر واحد.

في مثل هذا الوضع، قد يُصبِح المرءُ معرَّضا لجميع الاحتمالات والأخطار ما خلا شيئاً واحدا. إنَّ رجلا في مثل وضعي ذاك قد يتعرض للنجاح أو الفشل، أو لحادث سفر أثناء ترحاله، أو قد يمسي هدفاً لغَيْرةِ الآخرين وحسدِهم أثناء ممارسته وظيفتَه، أو لأيِّ شيءٍ آخر. ولكن لا يخطر على بالِ أحد أبداً، ولم يخطر على بالي شخصياً، أنَّ رجلاً يقوم بمثل تلك الوظيفة المليئة بالنشاط والحركة والعمل والاتصال الدائم بالآخرين، يُصاب بشيء اسمه السأم أو الضجر أو الملل. فالقاعدة المعتمدة هي أن النشاط والضجر على طرفي نقيض، فهما لا يجتمعان أبدا. ومع ذلك فقد أُصِبت بشيءٍ من ذاك. ترى، هل كانت حالتي هي الاستثناء الذي يؤكِّد القاعدة، كما يقول الفرنسيون؟

لا أدري كيف حلّ برَبعي هذا الضيف الثقيل الذي يسمونه السأم! فأنا لم أعرفه فيما مضى من حياتي، ولم أكن أتوقع ملاقاته فيما يُقبل من حياتي. وليس في ماضيِّ ما يشجعه على القدوم، ولا في فضائي النفسيّ ما يغريه بولوج عالمي.

في بداية الأزمة أخذتُ أُحسّ بأنَّ ما أفعله ليس بالشيء الجديد، لا إبداعَ فيه، ولا قيمةَ له، ولا فائدةَ تُرجى من ورائه، على الرغم من أنني كنتُ أحرص كلَّ الحرص على تطوير أعمالي لتتسم بالجدَّة، والابتكار، والفاعلية، فكنتُ أُخضعها خطوةً خطوةً للأهداف الإجرائية التي كنت أحدِّدها بعد مسحٍ للحاجاتِ الفعلية، في ضوء ما تعلَّمتُه في أمريكا من دروسِ التخطيط وحلِّ المشكلات.

ثمَّ أخذ هذا الشعور القاسي المؤلم يمدُّ أذرعه مثل أخطبوط كريه إلى كياني وذاتي. راح يسيطر على عقلي وتفكيري، ويصيب حواسي بنوع من المرض لا ينفع معه دواء، فأَضحت الأشياء تبدو قاتمة لعينيّ، لا رواء فيها ولا بهاء، وأمست أذناي تسمعان الغناء نواحاً وأنيناً، لا موسيقى فيه ولا إيقاع، وفقدَ الطعامُ مذاقَه في فمي تماماً، لا ملوحة فيه ولا حموضة ولا حلاوة. شيءٌ لا طعم له ألوكه بصورةٍ آليةٍ ممجوجةٍ بين فكَيَّ وأزدرده مُكرَهاً، مثل دواءٍ مُرٍّ تعافه نفسي. حتى الماء، في عزّ الصيف فقدَ عذوبتَه فكرهتُه. أمسى كلُّ شيءٍ في حياتي باهتاً لا لون له، وماسخاً لا طعم له، وقبيحاً لا جمال فيه، حتّى أنَّني كدتُ أصرخُ كما صرخَ نجيب محفوظ في إحدى رواياته: " أينَ محطةُ الموت لأغادر مركبةَ الحياةِ المُملَّة؟!"

غدوتُ أخشى من أنني مصابٌ بنوع من الكآبة كذلك الذي أودى بحرية الكاتبة اللبنانية الفلسطينية المصرية، مي زيادة، وألقى بها في غياهب مستشفى المجانين. كنت أتوجَّس فقدان عقلي، وأخشى اقتراب نهايتي، وأنا في زهرة العمر.

ما الذي يجب أن أفعله لأنقذ نفسي من مخالب هذا السأم الساخط المفترس؟ لم تنفع صلاتي ودعائي وتضرعي إلى الله أن يخلّصني من شرور النفس، من هذا الوسواس الخناس، من هذا الشيطان اللعين الذي حلّ في الزوايا المظلمة من روحي، وتحصَّن في المخابئ الدفينة من ذاكرتي، وتمترس في أطلال ذاتي. نعم أطلال ذاتي، لأنني كنت أحس أن نفسي أصيبت بشرخ كبير وأنها كانت تتشظَّى مثل مرآة مهشمة، ولا أستطيع تجميع شظاياها حتى لو أمضيت العمرَّ كله، أو ما تبقى منه، في محاولة بائسة يائسة.

وذات مرَّة، خلوتُ بنفسي في المساء. أحسستُ أنَّ دمعةً ساخنةً تكاد تنساب من عيني اليسرى. أهبت بنفسي أن يؤول بي الحال إلى البكاء، كما تبكي النساء، كما يبكي الوليد. زجرتُ نفسي عن فعلٍ لا يليق بالرجل الذي ينبغي أن يتحلّى بالصبر، ويتَّصف بالبأس والشجاعة، ويتسلَّح بالإباء والكبرياء. أمّا إذا استسلم للبكاء، فإنَّه يُؤاخَذُ، يُلامُ، يُعذَلُ، يُعابُ. فبكاءُ الرجلِ نوعٌ من الإثم، شيءٌ شبيه بالغي. فزجرتُ نفسي زجراً شديداً. ولكن حدث عكسُ ما توخّيتُ، فقد سال الدمعُ من كلتا عينيّ. وتذكّرت قول الشاعر:

بكتْ عيني اليسرى فلمّا زجرتُها ...  عن الغيِّ، أسبلتَا معا

تُرى هل كان هذا السأم أو الملل في الحياة نتيجة شعوري أنَّني حقَّقت جميعَ طموحاتي المتواضعة، فملكتُ ما أردتُ امتلاكه من شهاداتٍ ووظائفَ ومتاعٍ متواضع. هل كانت طموحاتي محدودة وغايتي قريبة، فلما بلغتها انتهى الشوط بالنسبة إليّ، ولم يعُد ما يدعوني لمواصلة الجري؟ عقدتُ العزم على أن أفعلَ شيئاً لأنقذ حياتي، أو بالأحرى ما تبقّى من حياتي. ولملمتُ وريقات نفسي التي بعثرتْها ريحُ الأزمة الهوجاء، وجمَّعتُ ما بقي من أوشال عزيمتي، وفتشتُ في الركام عمّا ظلَّ من إرادتي، وأعملتُ الفكر، وأجهدتُ الذهن، لأجد الحلّ.

وفي تلك الفوضى العارمة، حينما كان كلُّ شيء ضبابياً لا يَبينُ جوهرُهُ ولا تتضح ماهيتُهُ، رأيتُ، أو ظننتُ أنَّني رأيتُ، أنَّ أفضلَ شيءٍ أفعلُه هو أنْ أتركَ كلَّ شيءٍ، أن أتخلى عن جميع ما أملك، أن أرمي شهاداتي في القمامة، شهادات علوم لم تنفعني عند الحاجة ، أن أغادر مكاني، وأبدّل عاداتي، وأغيّر هواياتي، وأتنازل عن وظيفتي وحقوقي وواجباتي، وأودّع معارفي وأصدقائي، وأهجر أحبائي، وأنجو بنفسي إلى أبعد نقطةٍ أعرفها أو لا أعرفها، هناك هناك قد أعثر على  بصيصِ أمل، بعيداً عن ظلامِ الضجر، هناك قد أجد شعاعَ دفءٍ يذيب جليدَ الجمود وثلوجَ السأم. لا بدّ أن أبدأ من جديد تماماً، كما ولدتني أمّي أوَّل مرَّة، عاريا من ماضيّ، خالعاً عني أرديتي الرثة، واضعاً على كاهلي رداء جديداً بلون جديد، ومقاسات جديدة، وزخرفة لا عهد لملابسي البالية بها.

قلتُ في نفسي لأدرس من جديد تخصَّصاً لم أمارسه سابقاً، في جامعة لم تطأها قدماي من قبل، لأدرس العلوم القانونية، أي لأواصل الدراسات العليا في العلوم القانونية التي كنتُ قد نلت شهادة الليسانس فيها، ولأتخصَّص، مثلاً، في القانون الدولي، لأضيعَ في متاهة علاقاتٍ غير متكافئة بين ذئاب شرسة، وأًحْمال مستضعفة لا قدرة لها على الدفاع عن نفسها.

وتقدَّمت بطلبِ قبولٍ إلى جامعة هارفرد في الولايات المتحدة، وحصلتُ على قبولٍ ومنحةٍ لدراسة الدكتوراه في القانون الدولي. وفرحتُ بالقبول، وظننتُ أنني وجدتُها، وتوهَّمتُ أنني أتيتُ بما لم تستطِعْهُ الأوائلُ. ولم يبقَ عليّ إلا أن أذهب إلى المدير العام واقدِّم استقالتي وينتهي كلُّ شيء ويبدأ كلُّ شيء.

واستأذنتُ في الدخول على المدير العام. وكان يعرف أنَّ من عادتي أن لا أراه إلا لأمر هامّ جداً، لأنه خوَّلني باتخاذ جميع القرارات اللازمة لعملي، ولأنه رجلٌ مشغولٌ جداً  فهو المدير العام لمنظمة ناشئة، وفي الوقت نفسه مستشار الراحل  الملك الحسن الثاني، عاهل المغرب آنذاك، ومنسق البرنامج الدراسي الجامعي لولي العهد حينذاك الأمير سيدي محمد (الذي أصبح الملك محمد السادس)، وأستاذُ القانون الدستوري والقانون الدولي في كلية العلوم القانونية والاقتصادية بالرباط، وكاتبٌ تُنشَر مقالاته الأسبوعية في ثلاث صحفٍ عربية، ومؤلِّفٌ، ورجلُ أعمال، وهذا غيض من فيض.

سلّمتُ على الرجل وأنا واقف أمامه وبادرته بالقول:

ـ معالي الأستاذ، أتيتُ لأقدم استقالتي.

ـ لماذا؟

ـ لأعود إلى مقاعد الدراسة.

ـ لماذا؟

ـ لأبدأ حياة جديدة

ـ لماذا؟

ـ لأنني لستُ سعيدا حالياً.

وهنا أشار إلى كرسي، فجلستُ. صمتَ قليلا، فرأيتُ في السكون الذي يحيط به، الهيبةَ التي ترتسم على وجهه، والنظرة النافذةَ التي تلمع في عينيْه، والحزم الظاهر على شفتيْه المطبقتين. رأيت في جميع ذلك علمه الغزير وخبرته الطويلة، رأيت كل ذلك يطلّ من نافذتَي عينيْه. فهذا الرجل كان زعيماً في أحد الأحزاب التي ناضلت لتحرير المغرب من الاستعمار الفرنسي. وبعد الاستقلال، أصبح وزيراً في الحكومات المغربية إحدى عشرة مرَّة، وتقلّب في وزارات متعددة: الأشغال، العدل، التربية، الخارجية، الإعلام، إلخ. وصار رئيساً للبرلمان، وسفيراً لبلاده في أمريكا والمكسيك وسورية.. وبكل خبراته الطويلة وجَّه إليّ سؤالاً بسيطا عجزتُ عن الإجابة عليه، بل عجبتُ لأنَّ هذا السؤال لم يطرأ على بالي عندما كنتُ أقلّب جميع الاحتمالات لشهور عديدة. لم يرد هذا السؤال في خلدي، ولا في خضم التفاصيل العديدة التي درستُها استعداداً لسفري. كان سؤاله ببساطة:

ـ هل تظنُّ أنَّكَ ستجد السعادة في مكانٍ آخر؟

فاجأني السؤال، وعَييتُ في الكلام، وعجزتُ عن الجواب. ولكن حتى لو كنتُ قد فكّرت في هذا السؤال من قبل فليسَ من جوابٍ لدي عليه، لأنه لا شيء يضمن أنني سأكون سعيداً في أمريكا، أو مسروراً بدراساتي الجديدة. لا شيء يؤكّد ذلك البتة، حسب علمي. وهل هنالك شيء مؤكَّد في العِلم نفسه؟ بل هل ثمَّةَ شيءٌ ثابت في الوجود كلِّه، ما دامت حياةُ الإنسان ذاته  مجرَّدَ وجود مؤقت زائل؟ بلى، إنَّ الشيءَ المؤكَّد الوحيد أنْ لا شيء مؤكَّداً على الإطلاق في عالمنا الفاني.

(أكتب هذه السطور وأنا أسافر في طائرة من نوع إيرباص 320 تحلق على ارتفاع 11.800 متر وتسير بسرعة أرضية مقدارها 980 كيلومترا في الساعة. وعلى المسند أمامي فنجان قهوة، وفجأةً أخذت القهوة تترجرج وتتموج في الفنجان، وأخذ المسند يهتز بقوة تحت قلمي فراح يتخبَّط، وأخذت الحروف التي أخطُّها تنبعج ويختلط بعضها ببعض. وهنا أعلنت المضيّفة أنَّ الطائرة تمرُّ في منطقة اضطرابات جوية، وطلبتْ من المسافرين أن يشدّوا أحزمة الأمان. وعند ذاك تساءلتُ في نفسي، ما إذا كنتُ قبل خمسة عشر عاماً أمرّ، أنا الآخر، في مرحلة اضطرابات نفسية بحيث اختلطت عليّ الأمور ولم أتبينْ موطئ قدمي، ولا اتجاه الريح، فحلّقتُ بعيداً عن السرب، دون أن أشدَّ حزام الأمان في الوقت المناسب وقبل فوات الأوان؟)

وفكرتُ في  الإجابة على سؤال المدير العام:

ـ وهل تظنُّ أنكَ ستجد السعادة في مكان آخر؟

وبحثتُ عن جواب فلم أجد، وكلّ من يبحث عن اللاموجود، في اللامحدود، يعود بلا مردود. وأطرقت برأسي أمامه ولم أَفُه بكلمة. ويبدو أن الرجل عطف عليّ، ورحم حيرتي، فزودني بالدليل. وَهَبني شمعةً لأبحث عن الجواب الصحيح في الظلمة التي خيّمت على روحي، فقد قال:

ـ ابحث عن السعادة في نفسك ذاتها.

وتعاظم صمتي. فقد طلب مني أن أفعل شيئاً قد أعجز عنه. طوال خمس سنوات من العمل كنتُ أنفِّذ تعليماته فوراً، أبادر إلى العمل حالما أتلقى توجيهاته. أما الآن فأنّا جامد في مكاني لا أتحرَّك. فكيف أجيبه إلى ما طلب في الحال؟ كيف أعثر في لحظة واحدة على سعادة فقدتها في خضمٍ لُجيٍّ واسعٍ متلاطمِ الأمواج منذ شهور طويلة، إن لم تكُن سنوات عديدة. ولا شكَّ في أن العجز قد ظهر على ملامح وجهي المرهقة، إذ رأيت المدير العام يعتدل في جلسته، وكأنه على وشك أن يتخذ قراراً، فرجل الدولة يصنع القرار في حين يحوم حوله الآخرون ويعجزون عن الاقتراب منه أو الإمساك به. ها هو يقرِّر نيابة عني:

ـ تمتع بعطلة مدتها ثلاثة أسابيع. اجلس في دارتك على شاطئ البحر. وفكّر في كيفية تحقيق السعادة لنفسكَ، بل حتّى لغيركَ إنْ استطعت.

بوذا فعل الشيء نفسه ولكنَّه أمضى عدَّة سنوات في التأمل قبل أن يضع قواعده العشر لبلوغ السعادة. ولكن المنظَّمة لا تستطيع الاستغناء عن عملي أكثر من ثلاثة أسابيع. ستتراكم الأعمال، وسيتوقَّف تنفيذ البرامج إنْ طالت عطلتي.

ثمَّ وقف المدير العام، ومدّ يده مودعاً.

إذن انتهت المقابلة. الكرة في ملعبي، كما يقول هواة كرة القدم. لماذا أعطاني عطلة ثلاثة أسابيع دون أن أطلبها؟ هل أنا في حاجة إلى الراحة؟ هل يبدو الإرهاق على ملامح وجهي؟ هل كنتُ أنغمس في العمل بلا حساب وبلا فترات استراحة؟ هل ذلك الإجهاد هو سبب الاكتئاب الذي أصابني؟ هل أخطأتُ في تشخيص حالتي فسمَّيتُ الاكتئابَ ضجراً أو مللاً؟ كانت تلك الأسئلة تطنُّ في رأسي وتدور، كما لو كانت خلية نحل مذعورة، كورة زنابير هائجة، تلسعني في كلِّ بقعة من دماغي. يا إلهي!

وخرجت لأمتطي سيّارتي، وأنا أردد: أنا متعب، أنا مُجهد، أنا مرهق، إنني في حاجة إلى الراحة. وتوجَّهت إلى دارتي في شاطئ الهرهورة. وهناك، جلستُ وحيداً في الشرفة. لا أحد معي، لا شيء يستدعي انتباهي، لا مذياع ولا تلفزيون ولا تلفون. ولأوَّل مرَّة منذ سنوات لا أذكر عددها، أضربتُ عن القراءة والكتابة اللتين كانتا ديدني منذ طفولتي. لا شيء سوى الراحة التامة، عملاً بنصيحة رئيسي الحكيم. كان الاستلقاء على فراش وثير من رمال على شاطئ البحر، دون أن أفعل شيئاً، أمراً صعباً في الأيام الأولى من العطلة. كنت أنهض بلا إرادة مني، بحكم العادة، وأتوجه إلى مكتبي في مسكني لأفعل شيئاً، لأقرأ أو أكتب. ولكنني وأنا في طريقي إلى المكتب، سرعان ما أُذكّر نفسي بشعاري الجديد: " الراحة التامة ! الراحة المطلقة!"

ولمدَّة عشرة أيام، كنتُ مستلقياً باسترخاءٍ على الشاطئ، والأمواج تغسل قدمي، وجسمي يستحمُّ بنور الشمس، ومساماته تستنشق نسيمَ البحر المنعش، فأحس بدبيبها على جلدي الذي ازداد قدرة على التجاوب مع محيطه الجديد، مع الطبيعةِ، عاريةَ طبيعية دون أن تفسدها يدُ العمران والصناعة.

وفي اليوم الحادي عشر وجدتني أقبل على الطعام بشهية أكبر. أخذت أشعر أن جسمي استوفى ساعاتٍ كافيةً من النوم والراحة، وأنَّني مستعدٌ لأفعل أي شيء، لأذهب إلى المنظمة، لأستأنف العمل، العمل الرسالة. ولكن المدير العام منحني ثلاثة أسابيع وليس أسبوعين فقط. إذن سأبقى أسبوعا آخر على الأقل هنا على شاطئ البحر. ولا بُدَّ أن أفعل ما طلبه منّي.

كان الأستاذ قد طلب مني أن أبحث عن السعادة. فأين تراني أجدها؟ هل أبحث عنها بين رمال الشاطئ، كدرَّةٍ ألقت بها الأمواج في نوبة من نوبات الكرم البحري، أم أفتش عن كينونتها في أجنحة الريح؟ أتراني أمشط خيوط أشعة الشمس لأعثر عليها، أم أتوجَّه إلى غابة الهرهورة القريبة لأبحث عنها في أغصان الأشجار وأعشاش العصافير؟

تذكرتُ أنَّه قال لي:" ابحث عن السعادة في نفسك!" إذن يتوجب عليّ أن أغوص في أغوار عقلي، أو أبحر بين مرافئ قلبي، لعلّي أخلد إلى مرفأ تخمد عنده العواصف وتضمحل فيه النيران وتنطفي.

وفي الهزيع الأخير من التفكير، وجدتني أفتح بابا للحوار مع عقلي، وأعقد صفقة مساءلة مع قلبي:

ـ ما السبب في هذا الملل أو السأم أو الضجر أو الاكتئاب أو سمّه ما شئت؟

ـ ما الذي ينقصني لكي أكون سعيداً حيثما أكون؟

ـ ألم يبرأني الخالق على أحسن صورة، ووهبني نعم البصر والسمع والذوق وسلامة الأعضاء وصحة العقل والجسم؟ ألم يهدني إلى الإقامة في بلد جميل ذي حضارة عريقة ويتسم أهله بالكرم وحسن المعشر بعد أن ذقت مرارة الغربة؟ ألم يرزقني رزقا وفيراً؟ ما الذي أريده بعد ذلك كله؟ وهل يبتغي الإنسان أكثر من الصحة والأمان والرزق؟ هذه الثلاثة هي مقومات السعادة لكل إنسان وهو أمر متفق عليه في كل مكان وزمان.

ـ إذن، لماذا تفرُّ السعادة من بين أصابعي مثل عصفورٍ صغير تمكّنتُ من القبض عليه، ثمَّ في غفلة مني طارَ بعيداً عني ؟

وبعد تفكير طويل، خلصت إلى نتيجة مفادها أنَّ الله وهبني كلّ شيء ولكنّني أهملتُ كلّ شيء. وبعبارة أخرى، إنني لم أقبل الهبة ولم استفد من العطية، وكأنني لم أحصل على شيء. وهبني الله تعالى نعمة البصر، ولكنني أنظر ولا أرى، وأحدّق فيما حولي ولا أبصر شيئاً.  أتوجه كلّ صباح إلى مكتبي فأسلك طريقاً بين الغابة والبحر، ولكنني لا أرى ما يحيط بي من بهاء وجلال وجمال. لا أرى البحر يعانق زرقة السماء، ولا أرى الأمواج ترتمي في أحضان الشاطئ، ولا أرى خضرة الغابة تلوّن الشفق، ولا أرى قوس قزح يملأ الأفق، ويرسم ألوانه المشعة الزاهية على الأرض والسماء والماء.

ومنحني الخالقُ نعمة السمع، ولكنَّني أسير في هذه الطريق كلّ صباح ولا أسمع شيئاً. تزخر الغابة بأنواع الطيور المغرّدة، عنادل تغني، وعصافير تزقزق، وحمام يناجي بعضه بعضا، وأنا لا أسمع ، صوتا، كما لو كانت أذناي قد أُغلقتا بغطاءٍ حديديٍّ ثقيلٍ مثل قبر فرعوني، وكما لو كان دماغي قد حُنِّطَ فلم يعُد يستجيب للحن الحياة الراقص الذي يُعزَف بلطفٍ وإلحافٍ على باب ذلك القبر.

لقد اعتدتُ على المرور في هذه الطريق حتى أماتت العادة باصرتي ومحت بصيرتي. والعادة تلغي شهقةَ الجدَّة، ولذَّةَ الصدمة الأولى.

ولكي أكون جزءاً من جمال الكون، وامتداداً لهذا الوجود الذي يؤطِّرني، لا بُدَّ من أن أفتح نوافذ ذاتي لينفذ النور والهواء والصوت والصدى والصداح إلى أعماقي. لا بُدَّ أن أفتح كوَّتَي نظري وأبصر هذا الكون الزاخر بالحُسن والملاحة والروعة والجمال. لا مندوحة عن إزاحةِ هذا الغطاء الثقيل الذي يطبق على مسمعي، وأنصت. لا مهرب من فتح أشرعة قلبي ليبحر في هذا الكون الرائع الرائق الرائد الفريد

ولكن، أيكفي أن أقول لأذنَيَّ: اسمعا موسيقى الأصوات، وأقول لعينيّ: ابصرا جمال الأكوان، ليتمكَّن قلبي من الإحساس بجمال الوجود وروعة موسيقاه؟ لا أظنَّ الأمر بهذه البساطة. إذن ينبغي عليّ أن أدرّب حواسي على تلقّي الإشارات الإلهية الصادرة من الموجودات والوجود، وأدرب نفسي على تذوُّق الجمال حولي، والإحساس بقيمة النِعم التي لا تُحصى لدي، حتى يُصبح تذوّق الجمال عادةً تقضي على عادات اللامبالاة والعماء. إذن، فلأبدأ بهذا التدريب، وهو ككل تدريب يستغرق وقتاً، ويتطلَّب إرادةً وعزماً، ويقوم على معرفةٍ ودرايةٍ، ويستلزم تكراراً وفعلاً، حتّى يصبح بدوره عادةً من العادات المفيدة.

وهكذا كان. فقد شرعتُ على الفور بملاحظة الأمواج التي كانت تصل إلى قدميّ فتغسلهما وأنا مستلقً على رمال الشاطئ. ومددتُ بصري إلى نهاية الأفق البعيد على البحر، فرأيتُ الأمواج متهادية من بعيد يدفع بعضها بعضا حتّى تصل إلى الصخور القريبة من الشاطئ فتتكسر عليها وتتطاير ذراتها، ويستحيل لونها أبيضَ ناصعاً بعد أن كان أخضرَ داكناً، ثمَّ تعبر الصخور لتنساب بهدوء وترمي نفسها بحنان ولطفٍ على رمال الشاطئ. يا لروعة الكون ويا لجمال الطبيعة ويا لعظم الحظِّ الذي واتاني!.

أخذت عيني ترى لأوَّل مرَّةٍ كيف أنَّ النسيم يداعب الأغصان ويهدهدها في الغابة فتتمايل في رقصةٍ جذلى، وتتحوَّل إلى أرجوحة للأطيارِ المنتشية بشذى الأزهار وعبق الورود وخرير المياه في السواقي والجداول المترقرقة تحتها. يا إلهي، ما أروع الوجود وما أعظم الخلق!

أخذتُ، وأنا أقود سيّارتي، أشعر لأوَّل مرَّةٍ باللذة التي استمدها بتمهلٍ من هذه الرياضة الممتعة، بعد أن كانت قيادةُ السيّارة عبئاً ثقيلاً ينحى على أعصابي بالإرهاق والنَّصَب. أية متعة يهبنا العِلم، وأية عظمة يمتاز بها العقل؟!

إذن، لقد نجحتُ نسبيّاً في إيقاظ حواسي التي كانت تغطّ في سبات طويل، وبعثها إلى الحياة، وإعادة استخدامها فيما خُلِقت له. وأمتعتُ نفسي بها، وأدخلتُ السرور والرضا على قلبي بواسطتها. بيدَ أن هذه المتعة الحسِّية لا تكفي، فقد علمني أبي في صغري، من بين ما علمني ونسيت، أنَّ الإنسان يتكوَّن من جسم وروح وعقل، ولكي يستكمل الإنسان إنسانيته، لا مفرّ له من تنمية جوانب إنسانيته الثلاثة بصورةٍ متوازنة، لئلا يكون له جسم فيل وعقل عصفور.

إذن، لا بد من أن أغذي عقلي كذلك بمعطياتٍ تتوافر فيها المتعة والمعرفة في آن واحد، وتنطوي على تحدٍّ جديدٍ لذيذ يضيف بعضَ التشويق إلى حياتي. ولماذا لا أعيد دراسة التراث الفكري العربي قديمه وحديثه، وأستخلص جواهره أو جوهره؟ وهذا مشروع يستغرق العمر كلَّه ولا نهاية له، وسأظلُّ أجري وراءَه طوال حياتي، فلا يعود للسأم منفذٌ إلى نفسي، ولا للضجر موطئ قدم في رَبعي.

وعزمتُ على أن يكون هذا المشروع ذا معالم واضحة وغايات نافعة، ليس لي فحسب، بل لغيري كذلك، لأنًّ المعرفة بلا نفع كشجرة بلا ثمر. ولهذا فكّرتُ في جمع خلاصات الفكر العربي، ومكنون حكمته، وروائع نثره وشعره، ثمّ ترتيبها في كتاب بشكل ييسر الوصول إليها والاطلاع عليها. ولكن ما هي خصائص هذه الجواهر وما سماتها وألوانها كيما ألتقطها من بين ملايين الكلمات التي تزخر بها المكتبة العربية؟ لم يطُل بي التفكير لأهتدي إلى أن الاستشهادات هي جوهر الأفكار، لأن المثقَّفين يَكتبون أروع ما يقرأون، ويحفظون أبدع ما يكتبون، ويستشهدون بأجمل ما يحفظون. ويشيع بين الناس أرقى ما يُستشهَد به فيذهب مثلاً سائرا أو حكمة مشهورة، فيتمثل به الداني والقاصي.

وتفاقمتْ حماستي للمشروع عندما تنبّهت إلى أنَّ المكتبة العربية، على الرغم من ثروتها المعجمية الضخمة تخلو من معجمٍ للاستشهادات. وازددتُ رغبة في الأمر عندما وقفت على إحصائية تشير إلى أنَّ اللغة الإنجليزية تتوفر على 320 معجماً مختلفاً للاستشهادات، وأن المكتبة الفرنسية تضمَّ أكثر من 80 معجماً للاستشهادات، على حين أنَّ المكتبة العربية لا تعرف معاجم الاستشهادات، فهي تعرف معاجم الأمثال لا غير.[1]

وشرعتُ في إعادة قراءة أُمّهات التراث العربي وروائع الكتب الحديثة الصادرة في مختلف الأقطار العربية، لأضمن لمدوَّنتي المعجمية التمثيل الزماني والتوزيع المكاني اللازمَيْن. وكلّما استشهدَ مؤلِّف بشاهدٍ من الشواهد دوَّنتُه على جذاذة ووضعتُها في المجذَّة. ولم أَبتُّ آنذاك في طريقة ترتيب المعجم، لأنَّني كنتُ أدرك أنَّ عمليةَ الجمع تلك ستستغرق سنواتٍ طويلة.

وبعد أربع سنوات من العمل على تلك الصورة، وصلتني دعوةٌ من الجمعية المعجمية الأوربية لتقديم بحثٍ إلى المؤتمر العالمي الخامس للمعجمية الذي كان سيعقد في جامعة تمبرة في فنلندة بعد سنة من تاريخ الدعوة. فعزمت على أن أَكتب في موضوع معجم الاستشهادات ومشكلات تصنيفه، لكي أغتنم فرصة المؤتمر للتداول مع المشاركين فيه حول الحلول الممكنة لتلك المشكلات. قُبِلت الدراسة التي قدّمتُها ونُشِرت في كتاب أعمال المؤتمر[2] الذي صدر قبل انعقاد المؤتمر لإتاحة الفرصة للمشاركين لدراسة البحوث فيه قبل حضورهم إلى مكان الاجتماع بحيث يكون المؤتمر لقاء للتدارس والتحاور.

كان عدد المشاركين يناهز 250 معجمياً، وكانوا يتوزَّعون باختيارهم على 5 جلسات متوازية تٌعقد كلَّ يوم في محاور مختلفة. وعندما حان دوري، وجدت أن عدد المشاركين في تلك الجلسة يفوق 40 معجميّاً كنت على معرفة شخصية ببعضهم، وودتُ أن أتعرَّف على بعضهم الآخر، فتبين لي أن جلّ المشاركين في الجلسة كانوا من مصنّفي معاجم الاستشهادات في أوربا. وكان بينهم أستاذي البرفسور داغ غندرسون، الذي كان قد درّسني في إحدى الدورات الصيفية في جامعة أوسلو في النرويج، والذي ألَّف معجم الاستشهادات النرويجي وعَنْونه بـ " الكلمات المجنّحة"2،

وبدلا من أن أُلقي ملخص دراستي في تلك الجلسة، طرحت على المشاركين فيها عدداً من الأسئلة والمشكلات لمناقشتها والاستفادة من خبرتهم وآرائهم. وقد سرّوا لتلك الطريقة لأنهم كانوا يبحثون كذلك عن كيفية تحسين معاجمهم. فمعاجم الاستشهادات في أوربا تصدر في طبعات متلاحقة لما تحظى به من إقبال، ويقوم مصنفوها بإدخال تعديلات مستمرة عليها، فيغيرون بنيتها، أو يعيدون طريقة ترتيبها، أو يحذفون منها بعض الاستشهادات التي لم تعد شائعة لسبب أو لآخر، أو يضيفون إليها ما استجد من استشهادات، وما إلى ذلك.

كانت مسألة ترتيب الاستشهادات في المعجم من المشكلات التي واجهتني وتدارستُها مع المشاركين في تلك الجلسة. فمعاجم الاستشهادات قد تتخذ واحداً من أنواع ترتيب الاستشادات التالية:

ـ الترتيب حسب المؤلِّف: وتُرتب فيه المداخل طبقا لأسماء الأعلام الذين يُستشهد بأقوالهم. وتحت اسم كل كاتب، تُرتب أقواله ألفبائياً أو زمنياً أو بحسب الكتاب الذي وردت فيه.

ـ الترتيب حسب الموضوعات: وتُصنَّف فيه الاستشهادات طبقاً للموضوع الذي تتعلّق به، ثم تُرتَّب الموضوعات ألفبائياً أو بحسب الجذر تحت كلِّ موضوع.

ـ الترتيب بحسب التاريخ: وتُصنَّف فيه الاستشهادات بحسب الحقب التاريخية وتحت كل حقبة تُرتب الاستشهادات بحسب مؤلفيها أو موضوعاتها أو أوائلها.

ولكل ترتيب حسناته وسيئاته. وقد وقع اختياري على الترتيب الموضوعي لمبررات ذكرتها في مقدمة "معجم الاستشهادات".[3]

بعد خمس سنوات من العمل توقفتُ عن إضافة الاستشهادات الجديدة للمجذَّة، لأنَّ العثور على استشهادات جديدة عملية لا تنتهي فهي مرتبطة بالقراءة، وطلاب المعرفة لا يتوقّفون عن القراءة والكتابة، فهم كما قال الإمام أحمد بن حنبل " مع المحبرة إلى المقبرة ". ّ

وبدأت عملية الطباعة. فطبعت مسودات الكتاب في الرباط في مطبعة كانت تستخدم حاسوباً من نوع ماكنتوش. واستغرق تصحيح المسودات الطباعية أكثر من سنتين كان يساعدني فيها ثلاثة من الأصدقاء، وهي عملية شاقّة مؤلمة، يعرفها كلُّ من جرّبها. وزاد من صعوبتها في هذا المعجم أننا أضفنا الشكل للآيات القرآنية والأحاديث النبوية ولكثير من مفردات الأبيات الشعرية ليستقيم الوزن، ولجميع الألفاظ الأخرى التي تستدعي الشكل لرفع الالتباس المتوقع.

وعندما تمَّ الاتفاق مع (مكتبة لبنان ناشرون) في بيروت لنشر المعجم، لم يستطِع مطبعيّوها من تحويل نظام ماكنتوش للنظام الذي يستعملونه والذي يحقّق لهم اقتصاداً في حجم المعجم. فأعلموني بأنّهم سيعيدون تصفيفه، أي طباعته. فوافقت على شرط ألّا يطلبوا مني تصحيح المسودات الطباعية، لأجنب نفسي المشقّة التي عانيتُها سابقاً. ولكن عندما صدر المعجم وألقيتُ نظرة هنا وهناك على محتوياته ووقفتُ على بعض الأخطاء، شقّ عليّ ذلك أكثر مما كان سيؤلمني التصحيح. إنَّ نقطة زائدة، مثلا، في أحد الاستشهادات قلبت المعنى رأساً على عقب وأفسدته:

يا بيتَ عاتكةَ الذي أتغـزّلُ

حذرَ العِدى، وبهِ الفؤادُ موكـَّلُ

إنّي لأمنحُكَ الصدودَ وإنَّني

ـ قسماًـ إليكَ معَ الصدودِ لأميَلُ

فالشاعر الأحوص الأنصاري كان يبتعد عن دار عاتكة ويتعزّله، مخافة أن يدرك الأعداء غرامه بعاتكة. فهو لا يتغزّل به، كما أخطأ مصحِّح المطبعة.

وعلى الرغم من تلك الأخطاء المطبعية الطفيفة، والهفوات الخفيفة التي وقعتُ فيها خلال التأليف ، فقد فرحت بإخراج " معجم الاستشهادات"، لأنه أوَّل معجم من نوعه، ويحمل في مقدِّمته التي تقع في خمسين صفحة تقريباً، دراسةً مفصلةً عن كيفيةِ تأليف معاجم الاستشهادات بأنواعها المختلفة، ومنهجياتها المتباينة ، وأغراضها المتعدِّدة. ولهذا قلتُ في مقدِّمة الكتاب مفتخراً:

" منذ أربع سنوات ونَيِّف، وأنا أطوف في حقول الفكر العربي، وأتجوَّل في بساتين آدابه، وأتنزّه في حدائقِ أشعاره، وأُمعِن النظر في منثورِ أزهاره؛ ثمَّ أقطفُ أروعَها منظراً، وأزكاها أريجاً؛ فأجمع الورودَ التي فاح عبيرُها حتى تناقلته النسيماتُ العليلة إلى الوديان المجاورة والسهول المتاخمة، ليُسرَّ به الأصحاب، ويرتاحَ له الخُلان؛ والتقطُ الزنابقَ النادرة الألوان التي يبحث عنها أهلُ الفنِّ السامي وذوو الذوق الرفيع، ويتباهى في مضاهاتها عباقرةُ المصوِّرين، ويتنافس في رسمها جهابذةُ الرسّامين.

منذ سنين طويلة، وأنا أغوصُ في بحار الأدب العربي، شعره ونثره، أجتبي اللآلئَ الثمينةَ النادرة التي تتمنّاها أترفُ الحسناوات، وأنتقي الدُّررَ الفريدةَ النادرةَ التي تشتهيها أغنى الجميلات، واقتلعُ المرجان الذي ينشده أمهرُ الصيادين ويبحثُ عنه هواةُ الجواهر النادرة.

وبعد هذا وذاك، أنظم تلك الأزاهير، وأرتِّب تلك الجواهر في معجمٍ فريدٍ من نوعه، رائدٍ في  ميدانه يقوم على الاستشهاد والتمثيل والاقتباس ، لأضعه بكلِّ عناية وأناة، وبكلِّ  فخر واعتزاز  على رفوف مكتبتنا العربية الزاهرة، هدية محبّة ورمز ولاء للغتنا الجميلة."[4]

***

بقلم: الدكتور علي القاسمي

.............................

[1]

[2] 1) Ali M. Al-Kasimi, Is the Dictionary of Quotations a Dictionary? In : Euralex 92 Proceedings I-II (Tampere: Studia Translatologica,  1992) pp.573-580.

[2] Ved Snorre Evensberget og Dag Gundersen, Bevingede Ord (Oslo: Den Norske Bokklubben, 1991)

[3] استغرق أعداد ثلاثة معاجم استشهادات بمنهجيات مختلفة هي : معجم الاستشهادات، ومعجم الاستشهادات الموسع، ومعجم الاستشهادات الوجيز للطلاب"  أكثر من 15 عاماً.  ويشتمل الأول والثاني على دراسة عن كيفية تأليف معجم الاستشهادات تأليف معجم استشهادات، لمساعدة كل من يرغب في تأليف نوع جديد منها. وقد صدرت هذه المعاجم عن (مكتبة لبنان ناشرون) في بيروت تباعاً في 2001 و2008، و2014.

[4] علي القاسمي. معجم الاستشهادات (بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، 2001) ص. 15. 

تعليقات (46)

جانب مهم ومضيء من جوانب السيرة الذاتية للمثقف الموسوعي / الروائي / المترجم / واللغوي الذي يدعوه الناس د . علي القاسمي ، وأدعوه : العصامي الذي صنع نفسه بنفسه فكان علماً من أعلام الأمة المنشغلين ـ والمشتغلين ـ بالمعرفة .

يقينا أن للأستاذ الذي عمل " عليّنا القاسمي " بإمرته دوراً في إنقاذه من تشتته النفسي والفكري ، ما يعني أنّ للأساتيذ الكبار دورا مهما في حياة النوابغ ..

*
أدب السيرة الذاتية جنس من أجناس الأدب بعامة ، المحلي منه والعالمي .. وينماز هذا الأدب بكونه أقرب الأجناس الى التاريخ لكونه يُعنى بالتوثيق ولذا يخلو من الإبداع لإيلائه الإهتمام بالحقائق وليس بالخيال ـ غير أن أستاذنا القاسمي صاهر بين الأرشفة والسرد فجاءت السيرة كما لو أنها فصل من فصول رواية إبداعية .

*
أستاذي العَلَم والمعلّم : تقول عن نفسك : " ألم يبرأني الخالق على أحسن صورة، ووهبني نعم البصر والسمع والذوق وسلامة الأعضاء وصحة العقل والجسم؟ " ..

قولك صحيح ، لكنك نسيت أو تناسيت صفة شاخصة من صفاتك وهي " جمالك ووسامتك " فلماذا لم تذكرها ؟ ( شنو تخاف من الحسد ؟ وحق الله ورسوله أصلاً زملاؤك بالكلية ما اختاروك لإرسال الورد لأستاذتكم الجميلة إلآ لأنك جميل ووسيم ... أنت بينهم : مثل حسين فهمي أو آلان ديلون ـ بينما هم مثل محمود المليجي وتوفيق الدقن ) .
زادك الله بهاء وتعهّدك بتمام الصحة وكمال العافية ودوام الرغد والمسرة بإذنه تعالى .

أستاذنا الجليل الأديب اللامع شاعر العراق الكبير يحيى السماوي حفظه الله وزاد في عطائه وتألّقه.

أولا، إني أفتخر بك وأعتز بكلماتك البهية، لأنك بمنجزك الشعري الهائل المتميّز، تقف بشموخ إلى جانب كبار الشعراء في تاريخ الأدب العربي كالجواهري والمتنبي وامرؤ القيس. وينبغي لوزارات التربية والتعليم تضمين المناهج المدرسية في مختلف المراحل، نماذج من قصائدك الرئعة.

ثانياً، بمناسبة إشارتك الذكية إلى دور الأساتيذ الكبار في حياة الآخرين، أود أن أوكد لك أن قدري كريم رحيم. فعندما تعذّر عليَّ العودة الى العراق الحبيب، أقمتُ في المغرب العزيز، وتعلّمتُ على اثنين من كبار رجالاته، إن لم يكونا الأكبر: العلامة عبد العزيز بنعبدالله، في اللغة والمعجمية؛ والمفكر الدكتور عبد الهادي بوطالب، في الفكر والأدب. فاقتبست منهما ما لم أستطع اقتباسه في الجامعات الغربية التي ارتدتها.

ثالثاً، أتفق معك في ملاحظتك القيمة عن السيرة الذاتية، وقد أعربتُ عن ذلك في كتابي " طرائف الذكريات عن كبار الشخصيات" وكتابي " طرائف النوادر عن أصحاب المآثر"، ويشرفني ويسعدني ان تطَّلع عليهما في موقع " أصدقاء الدكتور علي القاسمي" على الشابكة.

رابعاً، إصرارك الكريم على وصفي بـ " الجميل والوسيم"، وأنا لا أعدّ نفس كذلك، فإنني مع الشاعر القائل:

حُسنُ الرجالِ بحُسناهُم، وفخرُهُمُ
بِطَوْلِهِم في المَعالي، لا بطُولِهِمُ

خامسا، لاحظتُ، بكل سرور، مرحَكَ الذي انعكس في تعليقاتك الكريمة. وتدلّني دراساتي في علم النفس على أنك رجلٌ سعيد، متصالحٌ مع نفسك، محبٌّ للحياة، راضٍ بقدرك، إيجابيٌّ في علاقاتك. وهذا سرّ السعادة التي تناولها نصّي " القبض على عصفورة السعادة". وهذا الموضوع مطروح في كتاب " الدماغ الخبيث: كيفية التحكم بالعقل الباطن وتحقيق السعادة" للعالم العراقي الأمريكي طالب الخفاجي، الذي سعدتُ بترجمته إلى اللغة العربية، وهو متوافر في موقع " أصدقاء الدكتور على القاسمي " على الشابكة.

وختاماً، ألف شكر على كريم اهتمامك وجميل تواصلك، حفظك الله ورعاك.
محبكم: علي القاسمي

الاستاذ الفاضل الاديب المبدع عالي القاسمي
تابعت مقالاتك الشيقة عن سيرتك الشخصية. يشد القارئ اسلوبك السهل المكتنز بالاحداث دونما اضافات تجميلية غير لازمة او غوص في تحليل الحدث بما يشتت ذهن القارئ. أحببت هنا ان اعبر لشخصك الكريم عن اعجابي بمنجزك العلمي والادبي واسلوبك الممتع في أعمالك.
دمت بصحة وخير

عذرا استاذي الفاضل للخطأ الطباعي في كتابة اسمك.

أستاذنا الجليل الأديب الشاعر المتألق الدكتور عادل الحنظل حفظه الله ورعاه،

أشكرك من صميم القلب على كلماتك الطيبة التي نثرت الحماسة والأمل في جنينة روحي. وتنم كلماتك عن ثقافتك العميقة، ونخوتك الأصيلة، ومحبتك الناس والوجود. ويقينا ستنجح في مهمتك السامية في التعريف بثقافتنا وآدابنا العربية الإسلامية، في أوربا.

وأغتنم هذه المناسبة، لأزجي إليك أطيب التهاني القلبية بصدور ديوانك الشعري الفاخر " رحيق إيلول" ، ونحن في شهر إيلول.

وختاماً أود أن أطمئنك بعدم الحاجة الى الاعتذار، فحاسوبك لم يخطئ، بل عبّر عما يجيش في أعماقك الخيّرة من تمنيات لي، فكتب " عالي " بدلاً من "علي"، وهذا من باب التخاطر الذي يحصل بين الإنسان والآلة الإلكترونية، وقد درستُ بعض حالاته على يد أستاذي الدكتور جون بوردي في جامعة تكساس.

  1.  

أخي الحبيب والأستاذ القدير الدكتور التابغة علي القاسمي
تأليف معجم بهذا العنوان يعدّا فتحا من فتوحات اللغة والأدب وشكرا للضجر الذي قادك إلى سدّ فراغ كبير في اللغة والادب العربيين
على فكرة طبعت لي إحدى دور النشر الأردنية معجم (ألأساطير والحكايات الجاهلية) قبل أكثر من 15 الذي استغرف جمعه أكثر من 20 سنة لدي نسخة منه على ميموري ستك إذا أحببت أرسلها على بريدك الألكتروني كذلك عندي معجم المنقلب والمتحول من الكلمات وقد استحسنه 5 لغويين كبار كذلك معجم الحيوانات والحشرات والنباتات في الكتب المقدسة الثلاثة التوراة والإنجيل والقرآن كذلك قاموس الكلمات المشتركة في اللغات الدنماركية الإنكليزية العربية هذه القواميس لم اهتم بنشرها لأن جهدي انصب على الرواية والشعر إذا أحببت أن تطلع عليها أرسلها لك ماعدا معجم الأساطير الذي تم طبعه فهل لديك وقت لتضيعه معها
واسلم لصديقك وأخيك قصي أيها العزيز الكبير

أستاذنا العالم الأديب الشاعر الكبير الدكتور قصي الشيخ عسكر حفظه الله ورعاه،

كنتُ أعرفك وأتعلم منك ، شاعراً مبدعاً، وروائيا رائداً، وقاصاً متميزاً. والآن أكتشف بسعادة بالغة (لأنني معجمي بالمهنة)، أنك معجمي من نوع فريد.

أرجوك أن تتكرم بتزويدي بمعاجمك. ولولا ظروف جائحة كورونا، وأزمة لبنان، لأرسلتها حالاً إلى أخي المخلص الأستاذ الدكتور جورج عبد المسيح، رئيس دائرة المعاجم، في دار " مكتبة لبنان ناشرون " في بيروت، لنشرها حالآ. فهذه الدار متخصصة في نشر المعاجم، وقد أصدرت أكثر من 600 معجم، وسترحّب بمعاجمك المتميزة. وقد تولّت نشر جميع معاجمي، وكتبي المعجمية والمصطلحية.

المهم، آمل أن تتكرم بالتواصل معي على عنوان بريدي الإلكتروني: alkasimi@gmail.com

أرجو أن تتقبل مني جزيل شكري وإعجابي بشخصيتك الفذة، وأطيب تمنياتي، ومودتي واحترامي.
أخوك علي القاسمي

أيها الحبيب والنابغة القدير
سأبعث لك بالمعاجم الليلة فأنا الآن في العمل مع كبار السن أساعدهم سأرسل على عنوانك المعاجم
مع ألف شكر واحترام
قصي عسكر

شكراً جزيلاً سلفاً على كرمك ـ أخي الحبيب الدكتور قصي .
أنا في لهفة لللاطلاع على إبداعك المعجمي.
حفظك الله ورعاك ووفقك في عملك الإنساني في مساعدة كبار السن.
أخوك علي

سيرة ذاتية
ورحلة علمية
تفوح في شذاها
بلغة عفوية

أخي الحيبيب الشاعر الأديب الكبير الدكتورأكرم جميل قنبس حفظه الله ورعاه،
كانت الأديبة المتألقة الدكتورة نجاة المريني قد كتبتُ تعليقاً قرأتُه في حينه وتذكرتُ اليوم أنه لم يظهر في خانة التعليقات، فأخذتُ أبحث عنه، فاكتشفتُ أن شكري الذي أزجيته لك، وللأديب المترجم الأستاذ عاصم ثاير ، قد اختفيا. فأعتذر أخلص عذر وأشده.

وأود أن أُِؤكد لك أن تعليقاتك الشعرية تمتعني حقاً وتثير إعجابي، لأن كلامك أصبح شعراً يا شاعرنا الكبير، ولعل أحلامك غدت شعراً لا نثراً. فأنت الشعر.
تمنياتي الحارة لك بالصحة والهناء وموصول الشعر والعطاء.
محبكم: علي القاسمي

الاستاذ الدكتور العلامة علي القاسمي… احلى تحية واطيب الامنيات بالعافية…. واستكمالا لتعليقي على (( أستاذتي الدكتورة سيرلين ديلي)) الذي لا ادري لماذا لم يطّلع عليه جنابكم - ربما اخفته الشابكة العنكبوتية بين خيوطها- اقول : لا نملك الا الشكر الجزيل والثناء الجميل للدكتور القاسمي على هذا المشروع الذكي المتميز الفريد الذي يتسلل الى ارواحنا وعقولنا مثل عطر الياسمين تحت عباءة السيرة الذاتية وهو في حقيقته مشروع تعريف وتثقيف واطلاع منهجي كبير … الاسلوب الشيّق السهل الممتنع الذي يقدم لنا فيه الدكتور القاسمي معلومات علمية وادبية ومنهجية باسلوب سردي قصصي ممتع يزقّ لنا المعلومة هنيئة مريئة. لاادري هل ماقرأته سيرة ذاتية.. ام قصة قصيرة.. ام مقال؟؟ لكن ما اعلمه حقاً اني خرجت منه بفائدة ومتعة وعِبرة والاهم بمشروع للاطلاع على كتاب الاستشهادات بفصوله للاستاذ القاسمي واضافة معرفة اخرى ….دمت مبدعاً متألقاً وامنيات بالعافية وطول العمر.

سيدي العزيز الطبيب الأديب الشاعر الكاتب المفكر المتألق الدكتور أحمد فاضل فرهود حفظه الله ورعاه،
تحياتي الحارة وتمنياتي الطيبة واعتذاراتي المتكررة للسهو الذي بدر مني في عدم التقدم إليك بأجزل الشكر وأخلصه على تكرمك بكتابة تعليق على نصي " أستاذتي سيرلين ديلي "، بقصد تشجيعي وتكريمي.

إن الشابكة لا تستطيع أن تخفي بخيوطها تعليقاً كريما مشرقاً كالشمس، مضمخماً بالخلق الرفيع، والأسلوب البديع، ونابعاً من نفس زكية، زاخرة بالحق والخير والجمال ومحبة الآخرين. كنتُ قد قرأت تعليقك الكريم ـ يا سيدي ـ وجلستُ لكتابة الشكر لك، ولا أذكر ما شغلني وأوقعني في خطأ جسيم. ولعلك تدرى بأن الرجل الذي يناهز الثمانين عاما من العمر قد تضعف قواه، ويكون معرَّضاً لهذه الهفوات المحرجة المخجلة، وأنا الآن في غاية الإحراج وقمة الخجل. فأرجوك أن تقبل اعتذاري، والعذر عند كرام الناس مقبول، كما قال الشعراء.

إنني أكن في صميم قلبي، عميق الإعجاب لك شاعراً وكاتباً ومفكراً أعتز به وأفتخر. وإلى جانب ذلك فأنا منبهر بما تكتبته من تعليقات تنم عن ثقافة أدبية ونقدية عميقة لا تضاهى.
أكرر شكري على كريم اهتمامك وجميل تواصلك.
أرجو أن تتقبل مني خالص المودة وصادق الاحترام والتبجيل.
محبكم: علي القاسي

سيدي واستاذي الدكتور علي القاسمي…عفواً وحاشا … انا من يعتذر … اقبّل رأسك الكريم ويشرفني دائماً ان تسمح لي بمتابعتكم واتّباعكم مع فائق التقدير والاحترام.

متابعتك الكريمة لأعمالي شرف أعتز به وسعادة تغمرني. وكرم وتفضل من لدنك.
ولعلك تدري أن موقع (أصدقاء الدكتور علي القاسمي) على الشابكة، يضم عددأً من أعمالي الأدبية وفي وسعك الاطلاع عليها متى ما شئت ، عزيزي. كنتُ سأبعث إليك بنسخ ورقية من كتبي ، ولكن تجربتي مع البريد لا تشجعني على ذلك، خاصة في زمن الكورونا.
أطيب التحيات، وأخلص مودة، وأعمق احترام .
محبكم: علي القاسمي

الدكتور علي القاسمي المحترم
أطيب التحايا

أبهجتني بومضة سردية من سيرة ذاتية
فما أحوجنا لما أبدعته
ليكون قدوة لكتابة السيرة الذاتية التي لا نجيدها !!

خالص الود

أستاذنا الجليل الطبيب النطاسي الخطير والأديب الشاعر الكبير الدكتور صادق السامرائي حفظه الله ورعاه،
أشكرك من صميم الفؤاد على تفضلك بالتعليق على نصّي لتشجيعي. وليس في وسعرجل مثلي، أن يكون قدوة لمبدعٍ موسوعيٍّ مثلك، ولكن قولك الكريم نابعٌ من جبال خلقك الرفيع وقمم تواضعك البديع.
أسأل الله أن يديم نعمة الصحة والهناء ، والإبداع والعطاءعليك.
محبكم: علي القاسمي

من الجيد أنك اُصبت بالسأم كي تخرج هذا النوع من المعجمات ، أهدافك ليست متواضعة لكنك أعظم منها ، لذلك شعرت عند بلوغها انها بسيطة، وفي الحقيقة تنطبق عليك مقولة المتنبي: وتصغر في عين العظيم العظائم. أمثالك يجب عليهم ألا يحددوا هدفا فكل المعجزات لكم مشروعة وكل اللا ممكن لكم مستطاعة . تحية لقلمك الذي يجول بنا دومًا في العالم ، جولة علمية، أدبية، فنية، نفسية،… وتسحبنا الى ما ورائيات تلك المرافئ 🌸

عزيزتي اللسانية الأديبة الدكتورة أسمهان الموسوي حفظها الله ورعاها، ووفقها في إنجاز مشاريعها الفكرية الفذة.
أشكرك على تكرمك ببثّ الفرحة في أعماق نفسي، لأنك وصفت معاجمي للاستشهادات بالجودة والإفادة.

في نظري، إنّ هذه المعاجم الثلاثة التي أنجزتُها، ليست كافية وليست شافية لا كماً ولا نوعاً. ولهذا ضمّنتها دراسةً شبه وافية عن كيفية تأليف معاجم الاستشهادات ، من أجل تشجيع الباحثين الآخرين، مثلك، على إنتاج معاجم أخرى تستجيب لحاجات أنواع القرّاء المتباينة.

تمنياتي لك بالصحة والهناء، ومواصلة البحث والعطاء، مقرونة بالمودة والاحترام.
معزّكم: علي القاسمي.

عصفور السعادة ... مااروع أسلوبكم ومفرداتكم الغزيرة دكتورنا علي القاسمي المحترم ، أبحرت في نصّكم دون توقف فكانت رحلة ممتعة وأخاذة وغنية بسحر ادبي لافت .. فيها دروس وعبر ونُصحٍ هامة لكل انسان طامح يمر بظروف عسيرة و عصيبة، وكيفية التخلص منها بعد الرجوع الى الذات واكتشاف اعظم الكنوز المخبئة في داخلها. جزيل الشكر والامتنان استاذنا المبجل لمنحنا مثل هكذا فرص للتعرف على عالمكم الادبي الرائع والتعلم منكم .. دمتم سالمين وزادكم الله علما وتواضعا

عزيزي المترجم الإعلامي الأديب الأستاد عصام ثاير منصور حفظه الله ورعاه،
اسمح لي أن أتقدم منك اليوم بالاعتذار لاختفاء الشكر الذي كتبتُه لتكرمك بإضافة تعليق قيم جميل، بعد أن ظهرت استجابتي في مكانها قبل ثلاثة أيام ثم اختفت. وهذا ما حدث للشكر الذي أزجيتُه للشاعر العربي السوري الكبير الدكتور أكرم جميل قنبس الذي كتب تعليقه شعراً.

إن تعليقك الكريم أسعدني كثيراً، لأنك سلطتَ الضوء فيه على قضية مهمة جداً، تلكم هي التفاعل الإيجابي بين الكاتب والمتلقي، وهل تستجيب الكتابة إلى حاجات شريحة من القراء وتنير الدرب لهم؟
تمنياتي الحارة لك بالخير والصحة والهناء وموصول العمل والعطاء.
محبكم: علي القاسمي

قصة تتنقل بالقارئ في شيء من ذاتية القاص أ.د علي القاسمي بأسلوب جذاب وأدب جم.
وفقه الله وأطال بمشيئته في عمره بصحة وعافية.

صديقي وأخي الحبيب العميد الأستاذ الدكتور صادق أبو سليمان حفظه الله ورعاه,
أشكرك على تشجيعك ا لكريم، يا أبا وسام.
قلوبنا مع فلسطين وغزة الصامدة، ولكن سيوفنا مع بني أمية، مع بالغ الأسف.
فك الله الحصار الجائر، وحرّر البلاد من الاستعمار الاستيطاني والتمييز العنصري.
أخوك: علي القاسمي

  1.  

أسلوب فني راق، ونظم سردي متميز، وأحاسيس إنسانية نبيلة، وأفكار علمية رائدة. كل تلك السمات اجتمعت في كتابتكم. حفظكم الله تعالى أستاذي الفاضل، وزادكم بسطة في علمكم الوافر، وإبداعكم الفذ.

عزيزتي الناقدة الأديبة المتألقة الأستاذة فتيحة غلام حفظها الله ورعاها.
أشكرك على تعليقك الكريم.
وأتمنى لك الإعلان عن موعد مناقشة أطروحتك القيمة للدكتوراه. فأنت تسحقين الشهادة بامتياز بعد أن أطلعتُ على درساتك النقدية التي نشرتها الدوريات المتخصصة.
معزّكم: علي القاسمي

  1.  

شكرًا جزيلًا عالمنا الفاضل.
القصة رائعة، ولعلها جاءت في وقتها؛ فالضجر والسأم وفقدان الحياة ألوانها يُخيّم على نفوسنا، وأنا أقرأ وصفكم لما مررتم به تأثرت كثيرًا، كنت اعتقد أن سببه الوعي المفرط ورفض الواقع، كما عبر عن ذلك الفيلسوف إيميل سيوارن " الوعي لعنة مزمنة وكارثة هائلة"، لكن ما آل إليه ما مررتم به من ضجر كان مثمرًا، لعله يكون كذلك …

عزيزتي اللسانية الأديبة ألأستاذة سهاد حسن حفظها الله ورعاها.
شكرا جزيلأً على كريم أهتمامك وجميل تشجيعك.
أتفق معك على أن سبب شعوري بالسأم ضجر هو الوعي المفرط بالواقع المتخيَّل ورفضه.
وأغتنم هذه المناسبة لأتقدم منك بالتهاني القلبية الحارة بوصول كتابك القيم عن علم اللغة الاجتماعي إلى الأسواق العراقية. وأتمنى لك موصول الدرس والبحث والتأليف.
معزّكم : علي القاسمي

جملة قالها لك الأستاذ ،"ابحث عن السعادة في نفسك ذاتها"، بداية البحث عن عالم ومفكر أحدث ثورة علمية في الفكر العربي.
استاذي أشكرك أعطيتني أجوبة عن أسئلة كثيرة كانت تحيرني في داخلي

عزيزتي الأديبة الباحثة أسمهان حلوي حفظها الله ورعاها،
أشكرك على كلماتك الطيبة التي أسعدتني حقاً، لأنك وجدت بعض ما ينير لك الطريق في مسيرتك المباركة.
أتمنى لك مزيداً اليقين، والثقة بالنفس ، لتتمكني من إكمال أطروحتك للدكتوراه، فنسعد بنجاحك وتألقك.
علي القاسمي

سيدي علي اكرمكم الله وحفظكم.
براعة في استعمال تقنيات السرد في كتابة سيرة ذاتية من خلال قصة قصيرة واقعية.
عدم الرضا على النفس، والشعور بالسأم، والإفصاح بذلك بصراحة، والفاعل منهمك بإيمان قوي في عمل أو مشروع معين، مؤسساتي كان أو ذاتي، دولي أو وطني، هو فرصة ذهبية لمن تحمل مسؤولية إحداث الوقفة التأملية، وكذا لمحيطه المتتبع لمجربات الأحداث وللقارئ لاستنباط الدروس والعبر وقيادة الذات في المنعرجات الصعبة.
الحواس عندما تكدح إراديا بقوة، وهي مرتبطة بتفكير عميق يسعد الروح ويخدم قضايا الذات والإنسان، ويترتب عن ذلك إنتاج طاقة راحة نفسية عارمة، تستمر الحياة في سعادة وراحة ومتعة.
سيدي علي القاسمي روح ونفس وعقل راق للغاية عربيا وكونيا. التواجد في إحدى دوائر محيطه أو عالمه هو بمثابة حظ عظيم للتعلم والتكوين فكريا وسلوكيا.
أخي العزيز، لكم المودة والتحية.
تمنياتي لكم بالصحة والسعادة وطول العمر.
معزكم ومحبكم الحسين بوخرطة.

أخي الحبيب الكاتب السياسي الناقد القاص الأديب الأستاذ الحسين بوخرطة حفظه الله ورعاه،
أشكرك جزيل الشكر على تكرمك بالتعليق على نصيَّ " القبض على عصفورة السعادة أو قصة ولادة معجم الاستشهادات".
لقد عثرتُ قبل أيام قليلة على هذا النص في ملفاتي، وكنتُ أبحث في ملفاتي عن دراسات معجمية، استجابة لطلب ناشري في بيروت لإصدار كتاب يضمُّ بحوثي المعجمية، العام القادم إن شاء الله، أحتفاء منه ببلوغي ثمانين سنة من العمر.
والنص، كما لا يخفى عليك، نص واقعي حقيقي لا تخييل فيه، وإنما سجّلتُ فيه كيف اهتديتُ إلى تأليف معجم الاستشهادات.
أكرر شكري وأؤكد محبتي لك وسعادتي بصداقتك وأخوتك.
محبكم: علي القاسمي

إنها قصة تنوير واقعية. نص أدبي رائع ومفيد بغاياته الإنسانية الكبيرة.
أما عن المولود، أي معجم الاستشهادات، فيعتبر ركنا من أركان إعادة بناء الخطاب العربي بأبعاده الثقافية والسياسية والتربوية والتواصلية والسلوكية. تجويد الخطاب عبر القنوات والمنابر المختلفة والمتنوعة يجب أن يتحول اليوم إلى أولوية الأولويات، وعليه أن ينهل من إبداعاتكم المبهرة، ومن دروس وعبر كتاباتكم الأدبية والفكرية والفلسفية.
كتاباتكم، سيدي علي، ارتقت بتراكماتها إلى مشروع أمة، عمق التفكير والنقاش في كل مجالات حياة الشعوب العربية الإسلامية. التنوع في مواضيع كتبكم ومنشوراتكم تحول اليوم إلى كنز معرفي وفكري زاخر بآليات التواصل والتفاوض.
مجتمعاتنا تشمئز اليوم وتتضايق من طبيعة الخطابات السائدة ومن افتقارها للمصطلحات والتقنيات والاستشهادات الجذابة.
حفظكم الله ورعاكم الدكتور العلامة الموسوعي سيدي علي القاسمي على جهودكم الراقية التي تزرع الأمل من جديد لبناء الذات العربية من المحيط إلى الخليج.
معزكم ومحبكم الحسين بوخرطة.

لم تستغرق مني قراءة هذه القصة أكثر من ساعة (ربما لأنني لا أتعجل بالقراءة خصوصاً إذا كان الموضوع شيقاً) هذه الساعة، جعلتني أستغرق في التفكير بحياتي لمدة يوم كامل، بل أكثر.. فكرت بكل الأعمال التي قمت بها والوظائف التي شغلتها، والنساء اللائي عاشرتهن..تفحصت كل زاوية من زوايا حياتي باحثاً عن تلك السعادة.. لا أستطيع أن أقول أنني لم أجد يوماً أو سنة أو وظيفة لم أشعر خلالها بالسعادة، ولكن هذه القصة وهذه العبر في هذه القصة جعلتني استرجع كل ما مضى من حياتي..وخلصت إلى أن أسمى ما يمكن تقديمه للناس هو العلم.. وأقصد بالعلم هو كل ما ينتفع به طلبة العلم، وأخص طلبة العلم بالذكر لأنهم هم من يسعون لإعمار الأرض ويسعدون الناس.. والأجر على قدر المشقة كما يقولون.

فجزاك الله عنا وعن كل طلب علم تعلَّم على يدك وأنهل من علمك وعلّمه لغيره الف الف خير، وزادك الله من فضله وبارك لك في عافيتك ورزقك ومالك وأولادك..

محبك
عامر كامل السامرائي

أخي الحبيب المترجم الأديب الأستاذ عامر كامل السامرائي حفظه الله ورعاه،
أشكرك على كلماتك الطيبة بحقي، وأتمنى لك مواصلة رسالتك المعرفية.
فالكتابة النافعة هي التي يجد فيها الإنسان شيئا من نفسه، ويتعلّم منها شيئاً جديداً.
(فأما الزبد فيذهب جفاء واما مّا ينفع الناس فيمكث في الأرض )،
ولإيمانك بأن رسالة المثقف هي نشر المعرفة لمنفعة الآخرين، أقدمت على تأسيس موقع ثقافي أدبي هو (آفاق معرفية).
تمنياتي لك بالصحة والهناء، ولمشروعك المعرفي الازدهار والنماء.
محبكم: أخوك علي

يكون الملل والسأم مفتاح لإبداعات أخرى جديدة ومتنوعة وغنية بالفائدة علينا وعلى غيرنا
لولا السأم لما اكتشفنا الكثير من الاشياء بغية في التغيير والخروج من طقوس الملل المملة المفيدة بنفس الوقت ..
و يظهر من مقالك نقط مهمة جدا
اولها عدم الاستسلام للسأم والارهاق سواء الجسدي او النفسي وان كل شيء يحدث لسبب فلاشيء عبثي
والسعادة تكمن في ذواتنا في دواخلنا فلا داعي للبحث عنها وهي فينا دفينة
والمبدع مبدعٌ حتى في لحظات اكتئابه ..ولاتكون النهاية دوما نهاية ففي اغلب الاوقات النهاية هي بداية البداية فحياتنا واحدة ولا وجود لإعادة لذا لابد من دراسة قراراتنا جيدا والتروي فيها أيضا ...
والاهم هو عدم الاستسلام ورفع راية التوقف عن العطاء سواء الادبي او الفني او اي كان لأي سبب كان وسيكون.



*أبدعت أستاذي في كل جملة خطتها أناملك الإبداعية بحبر بريق الأدب*

التعديل الأخير على التعليق تم في قبل 3 ايام بواسطة admin

عزيزتي الأديبة الشاعرة المتألقة الآنسة المهذبة شيماء لحياتي حفظها الله ورعاها،
أشكرك على تعليقك الكريم الذي يجمع بين الموهبة الأدبية والدارسة النفسية المتخصصة .
ولهذا فأنني أتوقع أن نحظى في المستقبل القريب بكاتبة شاعرة ذات خلفية نفسية اجتماعية ما يهب إبداعها مذاقاً خاصاً يفتقده الأدب العربي المعاصر، منذ أن طبق سيغموند فرويد نظرياته في التحليل النفسي على أعظم الأعمال الأدبية في التاريخ.
تمنياتي الطيبة لك بالصحة والهناء، ونماء الإبداع والعطاء.
علي القاسمي

أخي الحبيب تحيه طيبه
ونحن صغار كنا نستقي أخبارك من الوالدين رحمهما الله وعند وفاتهما وسفرك الميمون أنقطعت أخبارك وعندما ترسل لي مشكورآ هذه الكتابات التي من خلالها أعرف ماتمر به فشكرآ جزيلآ لك وثق يخونني التعبير أن أعلق على المنشور

شقيقي الحبييب أبا أسامة حفظه الله ورعاه،
أشكرك على تكرمك بالتعليق على نصي، وأجد لغتك فصيحة على الرغم من دراستك للطب البيطري.
لا بدّ أنك أخذت شيئاً من فصاحة والدنا رحمة الله
تمنياتي لك ولأهلك الأعزاء بالصحة والخير والهناء.
أخوك: علي

الاديب العلامة
سيرة ذاتية كتبت بحروف مشرقة من النور وتسلقت الى العلى , لمثقف مرموق وعلامة بارزة في الادب والفكر واللغة . تعلم وتربى على الجهد والنشاط المتواصل دون كلل . هذا الشوق الكبير لاكتناز المعارف المتنوعة . حتى اكتسب علامة بارزة بامتياز في الادب واللغة والفكر الثقافي , ليس منة او هبة , بل بجهده الحيث والمتواصل . واصبح معجم لغوي وادبي مرموق لاغنى عنه , وهو يقدم سيرته الذاتية بكل سطوع الحقيقة والنور. بدون شك المبدع المرموق من خلال عبء العمل والجهد المتزاحم , قد يصاب بالملل والسأم والكسل . وقد يفكر بأنه سيجد السعادة في مكان الاخر , وهو يقدم خبرة ومشورة , السعادة موجودة فينا ويمكن ان نبحث عنها لنجدها , نخلقها بالنشاط والجهد المتواصل وحب العمل , ولكن الجسم والعقل والذهن يحتاج الى فترة راحة واستجمام . ليعود نشيطاً كسابق وبجهد مضاعف. هذه القيمة البالغة الاهمية التي يقدمها الاديب العلامة , خبرة ومشورة وحكمة , عبرة ودرس نكتسبها حتى نتغلب على ضعفنا وكسلنا . هذا الدرس البليغ الذي يقدمه من خلال المتن السردي بكل شوق ورشاقة ممتعة , فيها فائدة للجميع . في سيرة شخصية تسلقت على سلم العلى . واصبحت علامة فارقة في دنيا الادب والفكر والثقافة
تحياتي ودمت بخير وعافية

أخي الحبيب المفكر الناقد الأديب الأستاذ جمعة عبد الله حفظه الله ورعاه.
شكراجزيلا على متابعتك الحثيثة لما يُنشَر في الصحافة، بتعليقات، قيمة تضيئ النص وتزيد من متعة القراءة، وتضع خطى الشباب على الطريق الصحيح.
من حسن حظي أنني كنتُ أعمل في شبابي مع رجل حكيم هو المرحوم الدكتور عبد الهادي أبو طالب. أذكر أنني بعد سنتين من العمل، فكرتُ في التفرغ للكتابة، وتخيّلتُ أنني سأصبح كاتباً أفضل إذا أعطيتها كلَّ وقتي، وأنني أستطيع أن أكسب قوتي منها. واستطلعتُ رأيه فشرحََ لي أن ترك العمل في هذه السن سيجعلني أشعر بفراغ قاتل، لأن الأنسان في شبابه يحتاج الى نشاط كبير. كما أنَّ وظيفتي الدولية ستكسبني خبرات استثمرها في الكتابة بعد التقاعد. أضف إلى ذلك أن من الصعوبة بمكان الحصول على حقوق التأليف من الناشرين، فكيف أعيش؟ فاقتنعتُ برأيه، وعندما تقاعدتُ عن العمل في سنِّ الستين، واستثمرتُ وقتي كله في القراءة والكتابة، وتعاملتُ مع الناشرين، تبيّن لي صحة نصيحته المخلصة. والعجيب في الأمر أن هذا الرجل كان هذا يستطيع أن يجمع بين العمل والكتابة حتى أنه نشرَ أكثر من 60 كتاباً قيما. كنا نسافر معاً في الطائرة، فكان بعد أن نتناول طعام الغداء أو العشاء في الطائرة ، يأخذ دفتره وقلمه ويكتب مقاله الأسبوعي لصحيفة الشرق الأوسط.
أكرر شكري الجزيل لك، مقروناً بمودتي واحترامي، وأطيب تمنياتي.
أخوك: علي

مساء الخير استادي الكريم.
السعادة او بمعنى اخر الاكتفاء و الرضى ...العنوان له دلالات متعددة...لكن كعهدي بك استادي دوما كلماتك بوصلة تقودنا لنقطة معينة في رؤيتك المتميزة...اتعرف استادي لو وضعت لنا تعريف علمي لمؤلفك *معجم الاستشهادات * لعتبرته من منظوري أمر بديهي ان تضيف لمسارك الأدبي و العلمي نجمة في سماء علمك ...لكن دوما دكاؤك و حسك الأدبي وملكتك القصصية تلعب دورا خرافيا بما للكلمة من معنى في تناول الفكرة او محور النص...كونك استاذي طرحت من خلال سيرتك الذاتية اسباب خروج المعجم للوجود..جعل منه هدفا انسانيا اكثر مما هو علمي ...كقارئة استغربت للوهلة الأولى كيف تم القبض على عصفور سعادتك...و انا اقرا حاولت سبر اغوار كلماتك و احداثك علني اعرف السر قبل بلوغ خاتمة النص ..هذه المرة لم يسعفني استنباطي ...عصفور سعادتك استادي هو العطاء العلمي الدي سيظل منبعا للعلم و المعرفة ...قمة العطاء ....

عزيزتي القارئة الأديبة غير الحائرة
أشكرك على كريم اهتمامك وجميل تواصلك.
موضوع "السعادة" موضوع ساخن في الأوساط الثقافية النفسية الغربية في الفترة الراهنة، لاسيما بعد أن فشلت ثقافتهم المبنية على حرية اقتصاد السوق، والاستهلاك، والتفاني في سبيل تكسيد الثروات.

ولهذا نجد الآن كثيرا من الدول تُنشِئ وزارة خاصة بالسعادة، وإحصاءات عن أسعد الدول في العالم، إلخ. ولهذا أدليتُ بدلوي في معالجة حالة من حالات اللاسعادة، وهي إرهاق الجسم والنفس بالانغماس في العمل من دون إعطائهما ما يحتاجان من الراحة.

قال الرسول (ص): "روحوا عن أنفسكم ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا كلَّت عميت" ،
لاحظي، في النص، أن الإجهاد أعمى عينى عن رؤية جمال الكون، وأصمَّ أُذني عن الاستمتاع بأصوات الطبيعة الغناء.

أطيب تمنياتي لك بالراحة واليقين، والصحة والهناء.
علي القاسمي

الاستاذ الفاضل الدكتور علي القاسمي المحترم
تحية ومحبة و سلام
في هذه اللقطة ذات المعاني من تلك السيرة الذاتية الغنية
كان هناك شيء ملفت وهو انك في حيرتك كان هناك رجل حكيم انار شمعة في تلك العتمة التي كما فهمت انها لفت الموقف وقتها...وكانت الحكمة هي في اللجوء للحكيم
لكم السلامة وتمام العافية ايها الكريم

أخي العزيز الكاتب الأديب الأستاذ عبد الرضا حمد جاسم حفظه الله ورعاه،
تحياتي الحارة وتمنياتي الطيبة لك بالصحة والهناء وموصول الإبداع،
أشكرك على كلماتك الطيبة بحق نصِّي، لأنها صادرة من أبرع وأمتع كتاب السيرة الذاتية والمذكرات. فما زال مذاق " مذكرات جندي" على شفتيّ وشغاف القلب.
نعم، لقد كنتُ محظوظاً في التعلم على يد رجل حكيم عظيم خلال عشر سنوات.
محبكم: علي القاسمي

  1.  

وأنت تلج بستان المعرفة للدكتور علي القاسمي، فاعلم انك لن تغادره إلا وقد أضفت إلى رصيدك المعرفي واللغوي، مايجعل رؤيتك للأشياء تتضح أكثر..ما آثار انتباهي خلال سرده الشيق، مقابلته لرئيسه المفكر العربي الاستاذ عبدالهادي بوطالب، والذي يبدو أن المبدع يكن له الاحترام والتقدير، نظر لما كان يتصف به الرجل من نزاهة فكرية وأخلاق عالية. فالكاتب سيجد حلا لمشكلته من خلال هذه المقابلة القصيرة، ترجمها رئيسه في جملة مقتضبة" ابحث عن السعادة في نفسك ذاتها" جملة مختصرة لكن حمولتها عميقة. أصعب شيء ان تسافر إلى أعماق ذاتك. الأمر كما أشار الكاتب ليس بالأمر السهل..نقطة أخرى أشار إليها الكاتب، وقد أثارت انتباهي ايضا، التحول الذي طرأ على حياته، بحيث أصبح يستمتع بأشياء كانت تبدو له من قبل عادية، ولايعيرها اي اهتمام. وهنا اريد ان افتح قوس كي أشير ان مااشار اليه الكاتب يعاني منه معظمنا، بحيث لاتعيش لحظتنا، واننا لانعطي أهمية للحاضر، فننغمس اما في أحداث الماضي، أو نتوجس مما هو آت. وهذا طبعا يفوت علينا فرصة الاستمتاع بالحاضر والأشياء الموجودة أمامنا..كل الشكر استاذي الفاضل الدكتور علي القاسمي على تقاسمك معنا ابداعا في منتهى الروعة.
استمتعت بالقراءة. احترامي وتقديري.

أستاذنا العزيز التربوي الأديب سيدي الحسين بري حفظه الله ورعاه،
شكراً على كلماتك الطيبة الزاخرة بالمثل والقيم الراقية النابعة من معاناة جيل الاستقلال.
وما تفضلتَ به في غاية الدقة، من حيث استفادتي من صحبة المرحوم الدكتور عبد الهادي بوطالب ، فقد تتلمذت عليه قرابة عشرة أعوام، وتعلمتُ منه ما لم أتعلمه من الجامعات الغربية التي ارتدها. لقد كتبتُ عنه مقالآً أو مقالين بعد رحيله، ولكن الرجل، رحمه الله، يستحق كتاباً كاملاً لتغطيه بعض جوانب نضاله وفكره. ومما يسعدني أن بعض كتبه القيمة، مثل " القانون الدستوري" وغيره، تُدرس في الجامعات المغربية وغيرها.
تمنياتي الطيبة لك بالصحة والهناء، وموصول الإبداع والعطاء.
محبكم: علي القاسميز


مقالات ذات صلة