أصدقاء الدكتور علي القاسمي

رشيدة وحمدان

 

 رشيدة وحمدان

علي القاسمي أو فنُّ الإدارة الحديثة

نقلا عن صحيفة المثقف



كانت هيفاء تعرف ما تريد، وقليلٌ مَن يعرف ما يريد في مثل سنّها. فبعد أن تخرّجت في كلية الهندسة في أفضل جامعات بلادها، قرَّرت أن تدرس هندسة الحاسوب في أمريكا، وتحصل على الماستر فيها، ثم تدرس إدارة الأعمال في أرقى الجامعات التي تمنح شهادة الماستر MBAفي هذا التخصُّص. وتعود إلى بلادها لتفتح شركتها الخاصَّة بتسويق الأطعمة والأغذية؛ ولها من ذكائها وأموال أبيها ما يدعِّم طموحاتها.

من أشهر برامج إدارة الأعمال في أمريكا برنامج جامعة بيركلي في كاليفورنيا. يفوق عدد الطلاب المتقدِّمين للحصول على قبولٍ في هذا البرنامج سنوياً أكثر من 2000 طالب، ولكن الجامعة تنتقي منهم 200 طالب أو أقلّ فقط؛ حسب معاييرَ رفيعةٍ مشدَّدة: علامات عالية في الدراسات السابقة، إجادة عدد من اللغات العالمية، خبرة عملية ناجحة، القدرة على الإبداع والابتكار، طموح متوقّد. ولهذا فإنَّ تصفيات القبول تمرُّ بمراحلَ كثيرةٍ، ويخضع المرشحون لاختباراتٍ عديدةٍ، علميةٍ ونفسيةٍ ولغوية. اجتازتْها هيفاء جميعاً بنجاحٍ باهر، وتمَّ قبولها في البرنامج الحُلم.

بعد شهرٍ واحدٍ من بدءِ الدراسة، خلَال صفَّ أستاذُ مادَّة " العلاقات العامَّة"، البرفسور روبرت جونسون المرشح لجائزة نوبل في الاقتصاد، وقال: "Quiz"،أي اختبار قصير، تكون أجابته بكلمةٍ واحدةٍ، أو عبارةٍ قصيرةٍ على الأكثر. (وطبعاً لا يقوم الأستاذ بتصحيح الأوراق، بل يتولّى أحدُ مساعديه ذلك).  أخرج الطلاب أوراقهم، وكلُّ واحدٍ كتب اسمَه على ورقته. فقال الأستاذ: " ما اسم مسؤول النظافة الواقف خارج الصف؟". "ويقصد بذلك ما نسمّيه نحن بـالكنّاس أو الزبّال. وبعد دقيقتين فقط، طلب الأستاذ من أحد الطلبة جمع الأوراق، وكانت غالبيتها العظمى بلا جواب. في الدرس التالي، أعلن الأستاذ نتائج الاختبار القصير: " جميع الطلاب صفر". وأضاف: "اليوم يبدأ درسكم الأول في العلاقات العامة".

كان الدرس الأوَّل حول العنصرِ الأهمّ في الشركة. إنّه ليس المدير العام، ولا مجلس الإدارة، ولا رأس المال، ولا زبائن الشركة، ولا، ولا؛ بل العنصر البشري فيها، لا سيَّما، العمّال وصغار العاملين، فهم العنصر المنتِج. وينبغي على المدير العام أن يستثمر في هذا العنصر، ليس في إقامة علاقاتٍ طيبةٍ وثيقةِ معهم فحسب، بل الاستثمار فيهم وتطويرهم علمياً ومهنياً كذلك؛ فالإكثار من الدورات التدريبية التي تُحسِّن مهاراتهم المختلفة وتطوّر قدراتهم الذاتية، هو سرُّ نجاح الشركة.

بعدما عادت هيفاء إلى بلادها، افتتحت شركتها، وأخذت في تطبيق جميع ما تعلَّمتْه في ذلك البرنامج بالحرف، وعلى وجه الخصوص معاملة صغارِ الموظَّفين باللطف والكرم، لكسب ثقتهم وإخلاصهم. ومن الأمثلة على ذلك، ما حصل مع سائق سيّارتها الخاصَّة الجديدة من نوع "فورد موستانغ" واسمه حمدان، الذي استخدمته، دون أن يتوفَّر على شهادةٍ ماعدا شهادة " أشهد أن لا إله إلا الله". كلَّ ما لديه من مؤهَّلات هو حبّه لقيادة السيارة، وشبابه فهو في أوائل العشرينيات من عمره، ووسامته، وأناقة ملبسه النسبية. ومنحته راتباً يبلغ ضعف راتب أمثاله من السائقين لتضمن إخلاصه ووفاءَه. وأكثر من ذلك، اقترحتْ عليه، بعد مدّة، دخول معهد مسائي لتعلّم اللغة الإنجليزية، فمعظم الشركات في بلادها تستعمل اللغة الإنجليزية وليست اللغة الوطنية! وطبعاً هي التي ستدفع تكاليف الدراسة.

عندما ترى هيفاء أَمارات الإجهاد أو الإرهاق على ملامح أحد موظفي شركتها الثلاثين، تقترب منه مثل أخ عزيز، وتقول له برفقٍ ومودّة:

ـ " أرى أنك اشتغلتَ كثيراً، وأرهقتَ نفسَك. أقترح عليك أن تعود إلى منزلك لتأخذ قسطاً من الراحة وتعود غداً صباحاً ممتلئاً همّة ونشاطاً. وأنا سأكمل بقية عملك اليوم."

وإذا لم يكن لذلك الموظف سيّارة، فإنها تنادي حمدان، سائقَ سيّارتها الخاصَّة ليصحبه إلى منزله.

وأكثر من ذلك، أخبرتْ سعادةُ المديرة حضرةَ السائق، بأنّها لا تحتاج السيّارة بعد انتهاء العمل وعودتها إلى زوجها وابنتها الصغيرة في منزلها. وحتى إذا احتاجت إلى التنقُّل لأمر طارئ، فإنَّ البرنامج الحاسوبي "سيّارة في خدمتك" يجلب إليها أقرب سيارة منخرطة في هذا البرنامج في الحيّ خلالَ دقائقَ معدودةٍ، لإيصالها إلى حيث تريد، لقاءَ أجرةٍ معقولة. ولهذا فإنَّ السائق حمدان يستطيع أن يأخذَ السيّارة معه إلى معهد اللغة الإنجليزية، ويعودُ بها إلى منزله في أحد الأحياء خارج المدينة، ويرجع بها في الصباح إلى الشركة قبيل بدء العمل فيها. وعلاوة على ذلك، كانت تأتمنه على مفاتيح الشركة ومفاتيح منزلها. فالسائق هو لولبُ الشركة، في نظرها. فهو الذي يحضر الى الشركة قبل بقية العاملين فيها ببضع دقائق، فيفتح لهم أبواب الشركة. وهو الذي يصحب المديرة إلى منزلها، ويفتح لها أبوابه. فلا بدَّ أن تكون لديه نسخةٌ من جميع المفاتيح اللازمة. وهذا هو المنطق "الصحيح".

وعلى الرغم من أنَّ أحد الموظَّفين نبّه سعادة المديرة إلى أنَّ هذا السائق قد يستخدم سيّارتها الخاصة في جلب المسافرين من المطار أو نقلهم إليه ليلاً، وهذا ما كان يفعله قبل استخدامه في الشركة، أو يستعمل سيّارة المديرة في أشغاله الخاصة، فإنها لم تلقِ بالاً إليه، لأنَّ هذا ما تعلّمته في أمريكا، وما تعلَّمته في بيركلي مثل كتابٍ منزَّلٍ لا يأتيه الباطل أبداً من بين يديه ولا من خلفه. وذكّرها موظفٌ آخر بما فعلته مع أحد صغار الموظَّفين، واسمه علاء، فقد علّمته البرمجة بنفسها، ثمَّ أدخلته معهداً متخصّصاً ساعتَين في الصباح لتطوير مهاراته، مدّةَ سنةٍ كاملة على حسابها. وبعد أن أتقن البرمجة، انتقل إلى شركة أخرى براتب لا يزيد على عشرين ديناراً عن الراتب الذي يتقاضاه منها. ولكن هذا ما تعلّمتْه في بيركلي من فنِّ الإدارة الحديثة. ولا يصحُّ إلا الصحيح.

وأكثر من ذلك، وإمعاناً من المديرة في العناية بالموظفين، قرَّرت توفيرَ وجبةِ الغداء لهم مجاناً داخل الشركة، بدلاً من إعطائهم ساعةً ونصف الساعة لتناول الوجبة في أحد المطاعم القريبة. فطبّاختها الخاصة، هي التي تُعدُّ طعام الغداء لها ولبقيّةِ الموظَّفين.

لا ندري بالضبط ما إذا كان كرمُها ولطفُها نتيجةً لما تعلَّمتْه في برنامجِ إدارةِ الأعمال في بيركلي فقط، أو أنَّه طبيعةٌ غريزيةٌ وُلِدتْ معها، أو أنَّه ثمرةُ تربيةِ والدَيها اللذَين كانا يحبّانها حبّاً جمّا، فأشبعاها حناناً وعنايةً في طفولتها، أو أنَّ طبعَها الجميلَ ذاك كان نتيجةً لتضافر تلك العوامل مجتمعة.فالمتخصِّصون في علم النفس التكويني (دراسة المراحل التي يمرُّ بها الفرد لتتكوَّن لديه المعالم النفسية المختلفة) لا يعرفون السرّ في ذلك، فكثيراً ما يجدون توأَمَيْن متماثلَيْن، تربَّيا في بيتٍ واحد، ومع ذلك، لكلٍّ سلوكُه المختلف عن الآخر.

***

رشيدةٌ فتاةٌ في الثامنة عشرة من عمرها وتنتمي إلى الطبقة الفقيرة وتدرس في مدرسة ثانوية. ولكنَّها واعية بجمالها الذي قد يدرُّ عليها بالنفع أكثر من الدراسة الجامعية. فأكثر الجامعيِّين عاطلٌ عن العمل اليوم. وهي فتاةٌ طموحة، تأمُلُ في تغييرِ طبقتِها الاجتماعية في المستقبل، بفضلِ جمالها لا اجتهادها. فنسبةُ الناجحين في امتحانات البكلوريا العسيرة، لا تشجِّع على الاستثمار في الدراسة. فالنجاحُ فيها يحظى به الطلاب الذين يدرسون في المدارس الأهلية عادةً، ويستطيع أهاليهم أن يدفعوا أجورها الباهظة، التي لا يُطيق تسديدها الفقراء.فأبناؤهم يدرسون في المدارس الحكومية المُكتظَّة صفوفها بالطلاب، ويكثر فيها غيابُ المعلّمين، وتخلو من المكتبات والمختبرات. هذه هي المشيئة الربانية، فقد قسّم الله البشرَ إلى أغنياء وفقراء. ولكنه قسَّمَ البنات كذلك إلى جميلات وأقلّ جمالا، وإذا كانت البنات القبيحات من ذوي الثراء، فإنَّ عمليات التجميل موجودة. وتستطيع بعض الجميلات أن يحقِّقن طموحهن، إذا استخدمن ذكاءَهن وساعدهن الحظُّ، حتى لو كُنَّ من الفقراء.

ولهذا قرَّرتْ رشيدة أن تنتظر الفرصة التي تتعرّف فيها على ذلك الرجلِ الغنيِّ الذي يقدّر جمالها حقَّ قدره، ويوفِّر لها ما تحلم به من حياة الأغنياء وترفهم. ويتلخَّصُ الترفُ في نظرها في فيلا مريحةٍ وسيّارةٍ جميلةٍ. وحسِبتْ أنَّ ما سمعتْه في المدرسة الثانوية من زميلاتها يكفي لجذب الرجل الغني إليها، وإيقاعه في حبّها، وتعلُّقه بها؛ بحيث يتقدَّم لأهلها في طلب يدها منهم مهما كان فقرهم. أمّا ما تعلَّمتْه من جدَّتها عن متطلَّبات الزواج فهو ضرورة المحافظة على البكارة، ولها أن تفعل ما تريد بعد ذلك. فالبكارة في العروس أهمُّ من الأخلاق أو المعرفة أو العمل، كما علّمتها.  فأكثر الرجال العرب مولعون بـ "الدماء". ويحقِّق العريس منهم رجولته، بخروجه من مخدع العروس إلى المحتفلين بالعرس من أهله، بأسرع وقت، حاملاً المنديلَ الملطَّخَ بالدماء. وعند ذاك يُطلق أبناءُ العشيرة الرصاصَ في الهواء ابتهاجاً بتلك المناسبة العصماء!

ولهذا كانت رشيدة تغادر مدرستها مساءَ كلِّ يوم، وتقف مع بعض الطالبات في موقف الحافلات. وقد لا تأخذ الحافلة الأولى المُتَّجهة إلى الحيِّ الذي تسكن فيه، بل تنتظر الحافلة التي بعدها. فهذا يمنحها وقتاً أطول لألقاء نظراتها الجذّابة على السيّارات التي تمرُّ أمامها، ولانصراف بقيّة الطالبات من موقف الحافلات. وعلى كلٍّ، فحافلاتنا لا تتقيّد بمواعيدَ مضبوطة. فالوقت لا قيمة له عندنا. ورشيدة تستثمر في الانتظار أكثر من استثمارها في مذاكرة دروسها. والعِلم عند الله متى ستلتقي بالرجل الذي قسمه تعالى لها. فالزواج قسمةٌ ونصيب، ولكلِّ فتاة خاطب.  إنَّها تعرف مواصفات الزوج المطلوب: أن تكون سيّارتُه جديدةً أو شبهَ جديدة، ومن نوعيةٍ محترمةٍ، وأن يكون شاباً عليه علامات الجاه والغنى، ويملك فيلا جميلة.

***

ذات مساء كان السائق حمدان يعود بسيّارةِ مديرةِ الشركة بعد العمل، متجهاً إلى معهد تعليم اللغة الإنجليزية، حينما وقعت عيناه على فتاةٍ لفتت انتباهه بطولها المناسب، ورشاقتها، وملاحة وجهها، ونظافة هندامها. وفكَّر بسرعة: ماذا لو تعرّف عليها هذا المساء. فهو تعلّمَ من الإنجليزية ما يكفي لإيهام المديرة المحترمة بمواظبته على الدروس. أضف إلى ذلك أنّها لا وقت لديها للتدقيق في مواظبته أم لا؛ وكأنَّ رضاها يتمُّ بإنفاق المال على دراسته، وسلامه عليها بالإنجليزية كلَّ صباح:

-         Good morning, Mame.

واصل حمدان السير، ثمَّ استدارَ عند المنعطف وعاد إلى موقف الحافلات، وأوقفَ سيّارته مقابل الفتاة، وقال بلطف:

ـ "هل تودّين أن أوصلك، آنستي؟"

ومَن لا تركب في سيّارةٍ رياضية مكشوفة؟! نظرت رشيدة إلى السيّارة وراكبها، فأَلْفَتْ أن جميع المواصفات المطلوبة متوافرة فيهما. ولكنّها تظاهرت بشيءٍ من التردُّد وكثيرٍ من الحياء والاستحياء، واقتربتْ بخطواتٍ خجولة من السيّارة قائلة:

ـ " شكراً. أخشى أن وجهتي ستبعدك عن قصدك."

أجابَ حمدان بابتسامٍة مرحة قائلاً:

ـ " قصدي هو قصدك أينما كان."

فتحت باب السيارة، وبخفّة الشباب جلست إلى جانبه. ومن دون أن يطلب منها، سحبت حزام الأمان وتمنطقت به، بطريقة تبرز نهديها النافرين. سلّمت عليه، وقالت:

ـ " اسمي رشا". (والرشا هو صغير الغزلان العربية بعدما يقدر على السير، وكثيراً ما يشبّه الشعراءُ العرب الفتاة الجميلة بالرشا. وتستعمل رشيدة هذا الاسم بدلاً من اسمها التقليدي، ولكن هذا الاسم المختصر الجميل من المضنون به على غيرِ أهلِهِ).

رد حمدان السلام وقال:

ـ  سعدتُ وتشرّفتُ، اسمي حمدان."

وبعد قليل من الصمت، أضاف متسائلاً:

ـ " أين المنزل، يا آنسة رشا؟"

طبعاً رشيدة لا تخبره الحقيقة، بل ستعطيه عنوانَ أقربِ حيٍّ نظيفٍ إلى منزلها الكائن في منطقة سكن عشوائي من القصدير، قائلة:

        ـ " أنتَ تعرف، أنَّني لا أستطيع أن أدخل حيِّنا في سيّارةِ رجلٍ غريبٍ. أهلي سيقتلونني إذا رأوني معك." وضحكت. فشاركها الضحك.

        ليس اللقاءُ الأوَّل هو لمعرفةِ كلِّ ما تريدين من المعلومات، بل لكثيرٍ من الابتسام، ومن نظراتِ العينَين الساحرة. وعندما يسألكِ الرجلُ:متى سيلتقي بك المرَّة القادمة، لا تقولي: غداً. دعيه ينتظر يومَين أو ثلاثة. فهذا يجعله أكثر اشتياقاً لرؤيتكِ. ألم تحفظي في مدرستكِ قصيدةَ الشاعرِ العذريِّ قيس بن الملوح الذي جنَّنه الشوق لرؤية ليلى العامرية، فَلُقِّبَ بالمجنون،وقال:

شَكَوتُ إِلى سِربِ القَطا إِذ مَرَرنَ بي ... فَقُلـتُ وَمِثـلي بِالبُكاءِ جَـديـرُ

أَسِـربَ القَطا!هَل مِن مُعيرٍ جَناحَـــهُ ... لَعَلّي إِلى مَنْ قَدْ هَوَيتُ أَطيرُ؟

 

       

               

               

       

        ولهذا، ضربتْ رشا له موعداً بعد ثلاثة أيام، وبعد انتهاء الدراسة، وبعد وقتٍ كافٍ لانصراف بقية الطالبات من موقف الحافلات. وأعطتْه رقم هاتفها المحمول، فهو رسولُ الشوق، تماماً مثل المِحرار الذي يستخدمه الأطباء لقياس درجة حرارة المريض. والحبُّ هو مرضٌ من الأمراض.

في اللقاءات اللاحقة، ازدادت المودَّةُ بين رشيدة وحمدان. واكتشف حمدان أنّ رشا تتمتَّع بسرعة بديهة وقدرة على الدعابة والفكاهة، وأنّها تكُنُّ له محبّةً صادقة. ومن ناحيته، كان يتصرَّف على سجيّته. أمّا هي فلم تستعجل في أمرها. فلم توجّه إليه أسئلة عن عمله ودخله الشهري أو السنوي، لئلا تثير شكوكه في مقاصدها. المهمُّ أن تبدو تلقائيةً طبيعيةً في سلوكها وكلامها. أضِفْ إلى ذلك كلِّه، إنَّ إحساسها الداخلي يؤكّد لها أنَّ هذا الشاب هو الزوج الذي انتظرتْه طويلاً.  ويخبرنا علم اللغة النفسي أن ما نفهمه من الكلام، منطوقاً أو مكتوباً،لا يعتمد فقط على فصاحته وبلاغته، بل كذلك على ما نرغب نحن في سماعه، مهما كانت قدراتنا اللغوية سامقة. فقد كتب الشاعر الفلسطيني محمود درويش ذات يوم:

" شهادة جامعية، وأربعة كتب، ومئات المقالات، وما زلتُ أُخطئُ في القراءة..تكتبينلي: صباح الخير، وأقرؤها " أُحبُّكَ".

***

ذات يوم، سافرتْ مديرةُ الشركة وعائلتُها إلى أمريكا لشهرٍ كامل، بمثابة عطلتها الصيفية السنوية. فقد وفرّتْ تقنياتُ الاتصال الحديثة للمديرة التواصلَ المجاني عن بُعد باستخدام الفيديو سكايب، بالشركة والعاملين فيها،عندما تريد، كما لو كانت معهم. أضفْ إلى ذلك، أنَّ ثمّة برنامجَ عملٍ لكلِّ موظَّف وموظَّفة في الشركة، لا يعتمد على ساعات وجودهما في مقرّ العمل، بل على مقدار مُنجَزهما الإلزامي في الأسبوع أو الشهر. وحبَّذا لو قام الموظفون بأداء واجباتهم في منازلهم، فهذا يوفّر للشركة كثيراً من المصاريف، مثل تكلفة الكهرباء اللازمة للمكيّفات وغيرها.

اغتنم حمدان غياب المديرة، مثل فرصةٍ ذهبية، فوجَّهَ الدعوةَ لرشا لتمضية يوم العطلة الأسبوعي معه في المنزل والتمتّع بالسباحة في المسبح.

قبلت الدعوة قائلةً:

ـ " أهلي لا يسمحون لي بالخروج أيام العطلة الأسبوعية. ولكنّي سأخبرهم بأنَّني سأدرس مع زميلتي فاطمة، استعداداً للامتحان العام. فصخبُ الأطفال الصغار في بيتنا يحرمني من التركيز اللازم للدرس."

هيأَ حمدان كلَّ ما يلزم لتمضية يوم العطلة الموعود. فالمجمِّدة في الثلاجة العملاقة، زاخرة باللحوم والخضروات والفواكه. وما عليه إلا إخراج ما يحتاج منها قبل 24 ساعة، ووضعه في قسّم آخر من أقسام الثلاجة. وما على نجلاء إلا إضافة المتبّلات، ووضع اللحوم فوق الشواية الكهربائية. وسيعاونها. فالتعاون بينهما في إعداد طعام الغداء، يزيد علاقتهما حميميةً ومودَّة. أمّا ألبسة السباحة (المايوهات) له ولنجلاء، فقد تكفَّلت ثقافة الاستهلاك التي اكتسبتها سعادة المديرة وزوجها في أمريكا بتوفيرها، فثمة ألبسة سباحة كثيرة متفاوتة الأنواع والألوان والمقاسات، فاختار منها ما يناسبه، وانتقى لرشا ثلاثة مايوهات بألوان مختلفة حرصَ أن تكون من ذوات القطعتين التي تبرز أكبر مساحة ممكنة من جسمها البض. ولم يفُتْه أَن يزيل ما يثير شكوكها من غرفة الجلوس مثل صور سعادة المديرة وزوجها وابنتها، فقد وضعها في مخزن الفيلا، لحين قرب عودة سعادتها من عطلتها السعيدة. كما أنه قفلَ غرفة نوم عائلة المديرة، واكتفى بفتح غرفة نوم الضيوف.

رافق حمدان صديقته العزيزة بسيّارته إلى الفيلا الجميلة. ولم يحتَج إلى أكثر من ضغطة على الضوء المخصَّص لفتح باب مرأب (كراج) السيّارة، ما أبهرَ نجلاء، التي تحكّمتْ بمشاعرها فأخفت انبهارها.وازدادت إعجاباً بالفيلا الفاخرة، وجُنينتها الغناء الواسعة العامرة بشجيرات الزهور ذات الألوان المختلفة، والأشجار المثمرة؛ ويتوسطها مسبح أولمبي أزرق اللون تظلّه أشجارُ الصفصاف الباكي الباسقة. وتفاقم انبهارُها عندما دخلا غرفة الاستقبال الواسعة المؤثثة بذوق رفيع، وبألوان متناسقة، ومصابيح جميلة، وفي أحد أركانها آلة البيانو الكبير.هنا لاحت لنجلاء فرصة ذكية لمعرفة شيءٍ عن شخصية حمدان، فسألته:

            ــ " هل تجيد العزف على البيانو؟"

فأجاب بلا تكلّف، محاولاً أن يظهر طبيعياً:

        ــ " لا، ولكن بعض الضيوف يودّون أن يعرضوا مهارتهم في العزف."

وأضاف معللاً ذلك:

        ــ " تعرفين أنَّ العزف على البيانو يحتاج إلى سنواتٍ طويلةٍ من التمرين كلَّ يوم. إنه إضاعة للوقت".

        وهنا سألها:

        ــ " هل تودّين السباحة في المسبح. فالجو جار."

قالت:

        ــ " أتمنى ذلك، ولكنّي لا أعرف السباحة."

        قال بحماس ملحوظ:

        ــ " أستطيع تعليمك في أقل من ساعة. بعد السباحة،سنتناول الغداء بشهية أكبر."

        أجابت بأريحية:

        ــ " اتفقنا."

وأردفت إجابتها بضحكةٍ عاليةٍ تليق بتلك الفيلا الفاتنة. فشاركها الضحك.

وكما حرصت رشيدة على عدم التطرُّق إلى وضع عائلتها الاجتماعي أو الاقتصادي أو أسم رب العائلة، فقد حرص حمدان على تجنب الكلام عن عمله ووضعه الاجتماعي.

***

معظم الرجال في مثل سنِّ حمدان وبداية حياتهم العملية، لا يفكِّرون في الزواج وتحمُّل مسؤولياته الكبيرة، بل يريدون تمضيةَ وقتٍ سعيد مع الفتاة،وممارسة ما يمكنهم من الجنس كغنيمة.. أمّا أغلبية الفتيات في بلادنا فيحلمن بالزواج، حتى قبل تلك السنِّ بأعوامٍ عديدة، وشعارهن: "الزواج أولاً، وكلُّ شيء يأتي بعده." وهكذا كان حمدان ورشيدة يمثِّلان دورَين متشابهين في الظاهر مختلفين في الباطن.

مرّ يومُ العطلة على ما يرام. واختارت أحد المايوهات الثلاثة التي عرضها عليها حمدان. فقال:

ـ اعتبري هذا المايوه هدية لك مني. ونحتفظ بهذَين الاخرَين هنا للمرة القادمة. (وقال في نفسه: لا يمكن لسعادة المديرة أن تتذكر جميع المايوهات التي يفوق عددها السبعة والسبعين، وهو عدد لا يضارعه إلا عدد أزواج أحذيتها).

        وفي المسبح، تظاهر حمدان بتعليم رشا السباحة، وتظاهرت هي بالتعلُّم. ولا أحد يعلم مقدار ما تعلمتْه فعلاً منه. وكشف حمدان عن حرمانه، وظمئه الشديد إلى تقبيل رشا. فسمحت له برشفات سريعة محسوبة تبلُّ صداه ولا تسمح له بالوصول إلى النبع. فظلَّ ظَمِئاً على شوقٍ.

        وأُعجبتْ رشا بطريقة شواء اللحم على المشواة الكهربائية،وسعدتْ بتناول الغداء تحت ظلال أشجار الصفصاف الطويلة الأغصان، بالقرب من المسبح الأزرق. باختصار أعجبها كلُّ شيءٍ في الفيلا. وبعد تناول طعام الغداء،استطاعت بسهولةٍ الاعتذار عن مصاحبة حمدان إلى غرفة النوم لـ " الراحة"، بعذرٍكثيراً ما تستعمله النساء المتزوجات وغير المتزوجات، وهو عذرٌ يصدق قرابة أسبوع واحد في الشهر، تماماً مثل الساعة الخَربانة التي تصدق مرّة في اليوم.

دأبَ حمدان على مهاتفة رَّشا مرتَين أو ثلاث في اليوم خلال الأوقات المناسبة لها، مُعرباً عن كثيرٍ من الودِّ والشوق عبر كلماته ونبرات صوته. وكانت رشا تتجاوب معه بدهاء شعرة معاوية في الحُكم الذي قال ذات مرّة:

"لو أنَّ بينى وبين الناس شعرةً ما انقطعتْ؛ لأنّهم إنْ مدّوها،

 خلَّيتُها (ارخيتُها)؛ وإنْ خلّوا مددتُها (شددتُها)"

        وفي يوم العطلة الأسبوعية التالي: أخبرت رشيدة أهلها أنَّها استفادت من دراستها مع زميلتها فاطمة، وأنَّ موعد الامتحانات اقترب، وعليها مراجعة دروسها معها. وهكذا أمضت جميع العطل الأسبوعية ذلك الشهر مع حمدان.وبذلت رشا جهدا وعناية لإسعاد حمدان وإذاقته حلاوة عسلها وشهْدها ومهاراتها، من دون أن تنسى وصية جدّتها. وشعر حمدان بسعادة غامرة، فلأول مرَّة في حياته يعاشر فتاةً بمثل جمال رشا وطيب كلامها، وروعة معاملتها. وأحسَّ إحساساً غامراً أنَّ الحبَّ الحقيقي ربط بين قلبيهما، ووحَّد روحيهما. فهي نصف روحه الذي كان يبحث عنه. وخُيِّل إليه أنّهما سيتزوجان وسيواجهان الحياة معاً، ويبنيان عشَّهما بالتعاون. لقد غلبت عليه هذه الرؤى الجميلة؛ ورافقته أحلام الليل والنهار السعيدة، حتّى أصبحتْ جزءً من حياته وواقعه.

***

        ذات صباح، كانت رشيدة على متن الحافلة في طريقها إلى المدرسة، عندما لمحت أخاها، رشيد، واقفاً على قارعة الطريق وهو يتحدّث مع رجل آخر. لم تصدِّق عينَيها أوَّل الأمر. لوت عنقها وحملقت فيهما بشدّة. نعم إنهما أخوها رشيد وحمدان يتكلمان معاً. لماذا؟! هل جاء حمدان إلى أخيها ليخطبها منه؟ غير معقول. فالعادة أنَّ الخِطبة تتمُّ في منزل الفتاة وبناء على موعد مسبق، وليس على قارعة الطريق. هل جاء حمدان ليعرف أحوال عائلتها؟ وكيف وقع على أخيها؟! وظلّت تضرب أخماساً بأسداس. ولم تفهم شيئاً من الدرس الأوَّل ولا الدرس الذي بعده. وارتأتْ أن تتمارض وتذهب إلى المديرة وترجوها السماح لها بالعودة إلى المنزل. ولكن أخاها رشيد لن يكون في المنزل، فهو لا يعود من عمله قبل السادسة مساءً. وهي لا تريد أن تتصل به هاتفياً وتسأله عن الرجل الذي كان يتحدث معه في الشارع هذا الصباح. ولماذا؟ وكيف تعرفه؟ وظلَّت تتقلَّب على جمرِ الهواجس والشكوك.

        بعد أن التقت رشيدة بأخيها ذلك المساء على سُفرة العشاء، تأنَّتْ إلى أن وجدتْ فرصة لتقول لأخيها رشيد إنها رأته هذا الصباح وهو يتحدَّث مع رجلٍ آخر على قارعة الطريق. وسألت بشيء من اللامبالاة عن ذلك الرجل.

        أجاب أخوها رشيد:

        ـ " إنه حمدان زميلي في الشركة. (ومن المصادفات أن أخاها رشيد يعمل بُستانيا في الشركة نفسها، للعناية بحديقتها وأشجارها ومزروعاتها، كما يذهب بين الفينة والأخرى إلى فيلا المديرة للعناية بحديقتها كذلك).

        سألتْه رشيدة بدون إرادةٍ منها:

        ـ " هل هو مدير الشركة؟"

        ـ " لا، هو سائق المديرة."

وجدت نفسها تقول بشيء من الاستغراب:

        ـ "هل أنتَ متأكِّد؟!" وأضافت مستدركةً:

        ـ " فهو يرتدي بدلةً أنيقة!"

        ـ " لأنه يرافق المديرة في اجتماعاتها مع الزبائن في مقرّاتِهم، وتريده أن يعطيهم أفضل انطباع عن الشركة." (تماماً كحرصها على نظافة السيارة نفسها في عيون الزبائن).

في تلك الليلة، لم تذُق رشيدة للنوم طعماً. فقد أصابتها الطعنة اللئيمة في صميم أعماقها، وقضت على جبل أحلامها، كما تدمر أمواجٌ عاتيةٌ تَلاً من الملح على ساحل البحر في ليلة عاصفة هوجاء.  فهي لا تعتزم أن تتزوَّج سائقا كذاباً خدعها بطلاوة لسانه، وضحك عليها. وبُعيد الفجر، وكما يقول المثل الفرنسي: La nuit porte conseil " الليل يأتي بالنصيحة"، اتخذت قرارها القاطع: ستقطع شعرة معاوية، بل ستجتثها اجتثاثا من أصلها، وستقلعها قلعاً من منبتها. ولن تضيّع وقتها، والزمن أمامها. في الصباح ستبادر بتغيير رقم هاتفها. وتبديل محطة الحافلة التي تستقلها بعد المدرسة (مع العلم أنَّ عطلةَ شهرٍ ستبدأ بعد بضعة أيام ليستعدَّ خلالها طلاب البكلوريا للامتحان). بخلاصة: لا تريد أن تراه أبداً، حتّى لو فرش الأرضَ لها ببساطٍ منسوج من ذهب خالص، وأقبل عليها زاحفاً على يديه ورجليه مثل كلبٍ ذليل، وهو يعضُّ بين أنيابه المكشِّرة على خاتم الزواج من الألماس الأكثر شفافية، والأشد لمعاناً، والأندر لونا، والأكبر حجماً.

***

        رجعت سعادة المديرة وزوجُها وابنتُها من عطلتهم السعيدة في أمريكا في الموعد المحدَّد وبرقم بالرحلة اللذَين أعطتهما لسائقها المخلص. واستغربت سعادتها، وهي تخرج من قسم الإجراءات في المطار، أنَّ سائقها حمدان لم يَلُح لعينيها. والعادة أنَّه يحضر قبل وصولها، ويفعل كلَّ ما يستطيع لكي تراه في الانتظار، ويلوّح إليها بكلتا يديه مرحِّباً. كان ذلك يوم العطلة الأسبوعية. فاتصلت بالمهندس عبد الخالق، المدير وكالةً، في منزله لتسأله عن حمدان. أخبرها أن حمدان حضر إلى العمل قبل ثلاثة أيام وهو مكتئب ثم أصابته دوخةٌ، وكان على وشك أن يُغمى عليه. فنقلناه إلى الطبيب الذي شخّص حالته بفرط ضغط الدم المفاجئ، وأعطاه وصفة بالأدوية اللازمة، وأوصاه بالاستراحة في منزله مدَّة أسبوعَين. ومع ذلك فقد عزم حمدان على استقبالك في المطار. فمنعتُه من ذلك خشية أن يُصاب بالدوار وأنتم معه، واحتفظتُ بمفاتيح السيّارة في مكتبي.

الحلُّ بسيط: أخذتْ سعادة المديرة سيّارتَي أُجرة من المطار، إحداها لعائلتها. والأخرى لحقائبها.

        

 

        


قصة قصيرة


بحاسوب: علي القاسمي


 

تعليقات (34)

  1.  

تابعت القصة باهتمام وشغف وقبلها كان ذهني مشغولا بترتيب مقال عن قصة جميلة التي بدأت بها وإن شاء الله سأبعثها بعد أيام إلى المثقف
تحياتي لك أيها الكبير وأستاذنا الكريم
قصي عسكر

أستاذنا الشاعر المترجم الأديب الكبيرالدكتور قصي الشيخ عسكر حفظه الله ورعاه،
أشكرك على ثنائك الكريم على قصتي " رشيدة وحمدان"، كما أشكرك على تفضلك بالشروع في الكتابة عن قصصي الأخرى، وهذا شرف كبير لا أحلم به، وسعادة أنتظرها بشوق.
تمنياتي الطيبة لك ـ أديبنا الكبير ـ بموفور الصحة والهناء وموصول الإبداع والعطاء.
محبكم: علي القاسمي

  1.  

قصة رائعة جداً..
قرأتها بمتعة وشغف كبيرين..
بالغ التقدير دكتور علي

الكاتب الأديب المتألق الأستاذ صلاح حزام حفظه الله ورعاه،
أشكرك جزيل الشكر على إطلالتك البهية على قصتي، وكلماتك الطيبة في الثناء عليها.
مع أطيب تمنياتي ومودتي واحترامي.
معزّكم: علي القاسمي

التشويق عنصر كبير الأهمية في السرد القصصي والروائي ... القصّ برأيي هو فن " الحكي " .. و " الحكي " إذا يخلو من التشويق سيكون مملا ..
في قصة أستاذنا الأديب الكبير د . علي القاسمي بلغ التشويق مداه ، لدرجة أنني انسجمت معه انسجاما كبيرا فنسيت إكمال ارتشاف قهوتي حيث أجلس الان في " كافتيريا " هادئة اأرتادها أحيانا ـ لا حباً بقهوتها التركية ولا بهدوئها ولا بأغانيها التي لا أفهمها ـ إنما للإستمتاع برؤية النادلة البولونية ( حدث لي أكثر من مرة مغادرة الكافتيريا حال دخولها حين يتأكد لي أن النادلة ـ واسمها إيشا ـ مجازة ، وأن بديلها شاب أعتقد أنه من أصول شرق أوسطية يصلح أن يكون عاملاً في محل لبيع الأسماك وليس في كافتيريا جميلة هادئة ) ..

ما أردت قوله من سطوري أعلاه هو أن أستاذنا الأديب الكبير القاسمي علي ، قد أنساني بفنّ التشويق ليس إكمال ارتشافي القهوة فحسب ، بل وشغلني عن اختلاس النظر للنادلة إيشا وهي تتقدم نحوي ملبية طلبي بكوب قهوة ثانٍ و بقنينة ماء ..
*
القصة لا تقوم على التشويق الرائع وحده ، إنما وعلى ما انمازت به من واقعية سحرية لحياتين مختلفتين وثقافتين مختلفتين .. القصة تناولت أحداثا وقعت ، وستقع مستقبلا ..
تذكرت من خلال القصة فيلما من أفلام فريد الأطرش ، قام فيه بدور عامل يعمل شغيلا في قصر ثريّ مصري ، وقد استغل سفر صاحب القصر وعائلته الى بلد أجنبي لقضاء إجازته السنوية ، فاستضاف فريد في القصر الفتاة الجميلة التي تعرف عليها ـ كانت تلك الفتاة ميرفت أمين أو نجلاء فتحي على ما أتذكر ـ وجمعا من زملائها وزميلاتها ، متظاهرا أنه صاحب القصر فانبهر الجميع بالقصر وصاحبه ، وانجذبت اليه انجذاب الفراشة للوردة قبل أن ينكشف أمره فيتضح للفتاة أنه لا يملك من القصر ولا حتى المكنسة ومماسح التنظيف .

*
شكرا أستاذي الأديب الكبير د . علي القاسمي ( سأغادر الكافتيريا الان ـ بل أصبحت مغادرتي الكافتيريا فريضة مستحبة فالنادلة إيشا قد خلعت صدريتها البيضاء وستغادر الكافتيريا ـ فما الضرورة لطلب قهوة تركية مرة ثالثة ؟ الله وكيلك أصلا أنا لا أحب القهوة التركية ) .

دمت أديبا كبيرا أيها العَلَم .

أخي العزيز شاعر العراق الكبير الأستاذ يحيى السماوي حفظه الله ورعاه،
أشكرك على التشجيع الكريم. وقد جاء تشجيعك اليوم على شكل قصّة مشوّقة.
قصة الشاعر الذي يأتي كلَّ يوم إلى المقهى من أجل الاستمتاع برؤية النادلة الجميلة البولندية إيشا، التي تلهمه قصائده الغرامية الجميلة.
والفرق الرئيس بين قصتك الرائعة وقصتي أن قصتك أصيلة تتناول تجربة حقيقية، أما قصتي فهي مقتبسة من إحدى روايات الأديب الإيطالي إلبرتو مورافيا التي لأ أذكر عنوانها فقد قرأتها عندما كنت طالباً في المدرسة الثانوية.

وحوّلت السينما الإيطالية معظم روايات مورافيا إلى أفلام ناجحة. ولعل فيلم فريد الأطرش الذي تكرمتَ بذكره، مقتبس كذلك من رواية ألبرتو موورافيا أو من الفيلم الذي اقتُبس منه، فقد تُرجمت كثير من قصصه ورواياته إلى العربية في ذلك الوقت.

أكرر جزيل شكر ، مقروناً بمودتي واحترامي وتمنياتي لك بالصحة والهناء والإبداع المتواصل.
محبكم: علي القاسمي

تأخرت بالقراءة لانشغالي مع جريمة وعقاب دستويفسكي.
في هذه القصة عدة مخالفات للتقاليد السابقة في قصص الدكتور علي.
اولا هي قصة كامبوس. لكنها ذات شبهة اجتماعية و ليس طلابية.
ثانيا الرحلة و السفر في الخلفية و ليس في مركز الحبكة.
ثالثا المعلومات اقل و مكثفة. و تأتي ضمن السياق.
اخيرا و هو الغهم انها ذات نبرة اجتماعية تلعب بالمصادفة و بالحرب بين الجنسين ودور الخديعة. و اخيرا المكر الذي يكون على قدر العقوبة. انها قصة مخالفة لشروط عقلية القاسمي. فيها مراجعة فنية مع نقلة اشتبه انها تعيد للأذهان اسلوب جيل الرومنسية السوداء امثال يوسف السباعي و احسان عبد القدوس و عبدالحليم عبد الله.
و تقطع مع تقاليد الواقعية النقدية التي يمثلها يوسف ادريس و يحيى حقي ثم القعيد... إلخ..
ربما لا يجوز المقارنة مع تطور القصة المصرية. لكن هذا النموذج غريب عن العراق و العراقيين. قريب من ادبيات ما يسميه ستيفن كينج جيل الرواد المظلومين.
انه جيل مواز بتفكيره. لم اجد مثله الا في مصر. و هو برأيي جيل الظل الذي قاد مرحلة ما بعد عبد الناصر. و اختفى مجددا بعد ظهور مبارك.
ربما سيدشن الدكتور القاسمي امتدادا له في المرحلة التالية.

أبدعت كالعادة سيدي و استاذي الفاضل. أصبحت قصصك و مقالاتك بمثابة طوق النجاه الذي ينقذنا من أمواج الخلاصة و غيابات الاختصار. فالاسف سادت و انتصرت في هذا الزمان برامج التواصل الاجتماعي التي تختصر فيلم سينمائي مدته الساعتين في ٥ دقائق أو تجتزء كتاب أدبي متعدد الصفحاته في بضع السطور. و لا ندري أهذا هو التطور الذي يجب أن ندركه و من ابتعد عنه أصبح رجعي. أم علينا أن نشفق علي هذا الجيل الذي حرم من التنعم و الاستمتاع عند قراءة قصة و الأخذ من رحيقها و تدبر معانيها و التأمل في أهدافها!! دمتم و حفظكم الله. محمد عبده

أخي العزيز الأديب الأريب الأستاذ محمد عبده حفظه الله ورعاه،
أشكرك على كلماتك الطيبة، وأتفق معك أننا في عصر السرعة الذي يختصر المسافات، ويلخص المقولات. فلا وقت لدينا للاستمتاع بالوصف الروائي المفصّل المثير.
كانت الرواية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر تقوم مقام السينما والفيديو، أما اليوم فمنظر طبيعي أخاذ يستغرق وصفه عشرات الصفحات، يقدمه لنا الفيديو كاملاً في لحظة واحدة .
تمنياتي لك بالتقدم في دراساتك في النرويج. وإذا زرتَ مدينة برغن، فأرجو أن تذكرني عندها.
مع خالص المودة والاحترام.
محبّكم : علي القاسمي

أستاذنا العالم الأديب الدكتور صالح الرزوق حفظه الله وحقق مناه.
أشكرك على توفير الوقت اللازم لقراءة قصتي القصيرة وكتابة تعليقك الدسم عليها الزاخر بالمعلومات القيمة عن أجناس القصة العربية والعالمية، ما يدل على طول باعكم في النقد الأدبي الحديث.
ومن تجربتي في القصة القصيرة، أن الكاتب ــ عندما يخالجه مشروع قصة ــ لا يفكر كثيراً في الجنس أو النوع الذي ستتلبسه تلك القصة، بل أحيانا لا يضع خطة متكاملة لها؛ فهو مثل هزار يمرّ في حالة نفسية معينة، لا يعبأ في اختيار الغصن الذي يحط عليه، لينشد لحنه ثم يرحل.
تمنياتي الحارة لك بموفور الصحة والهناء والإبداع المعطاء.
محبكم: علي القاسمي

مساء المسرات للأديب المجدد د.على القاسمي

أجاب أخوها رشيد:

ـ " إنه حمدان زميلي في الشركة. (ومن المصادفات أن أخاها رشيد يعمل بُستانيا في الشركة نفسها، للعناية بحديقتها وأشجارها ومزر
وعاتها، كما يذهب بين الفينة والأخرى إلى فيلا المديرة للعناية بحديقتها كذلك).
ـــــــــــــــــــــــــــ
التقنية الحديثة ومظاهر الأبهة والرخاء والمُتع السريعة لا عجب أن تصيب العرب وخاصة الشباب منهم بما يشبه الهستيريا وتصادر منهم أجمل سني حياتهم راكضين خلف أوهام، أوهام اليوتوبيا وبأني أنا الأفضل والأغنى والأكثر جاذبية وسحراً !
وأعني هنا شباباً وشابات
والنتيجة ما يصادفونه لاحقاً كحتمية وهي العلل التي قد تطول بأن تترك ندوباً والأزمات والإحباطات ،،،
بديعة هي قصتك وخاصة لقاء أخيها مع السائق !
فهنا قمة الدراما
وكذلك الخاتمة وترك القارىء يتوقع ما سيحدث بعد تعافي حمدان من انتكاسته الصحية وانتكاسة رشا وخيبتها كسؤال مفتوح !

صديقي العزيز الأديب الشاعر المتميز الأستاذ سامي العامري حفظه الله ورعاه،
أشكرك على مرورك الوضيء على قصتي، وعلى كلماتك التشجيعية الكريمة بحقها.
ومما تفضلتَ به، أستطيع القول أنك أديب مجتهد، تتابع ما يجري من تأثير تقنيات الاتصال الحديثة على شبابنا.
أما الخاتمة المفتوحة، فلأني لا أعرف حقاً ما جرى بعد ذلك. ولكل قارئ خاتمته، وهكذا يكون التأويل سبباً في تجديد حياة النص.
تمنياتي الطيبة لك بالصحة والخير الكثير والإبداع الوفير.
محبكم: علي القاسمي

الاديب العلامة
أنت مدرسة متكاملة قائمة في الاتجاهها في فن السرد المعاصر بمقوماته وتقنياته الحديثة والمتطورة , تقدم من خلال المتن السردي رؤية متكاملة في هذه المدرسة الفنية , في قوام الافكار وفلسفتها, في رؤية خلاقة في منصات السرد والاحداثه الخلاقة , التي تجعل الحبكة السرية مغناطيسية في التشوق والانجذاب المرهف في عتبات السرد المتنوعة . وكل قصة قصيرة تحمل الجديد الخلاق في الابتكار على خلفية عميقة من المعرفة الموسوعية . لذلك برع الحدث السردي في فن الاستدراج في كل معالمه الجميلة والفاتنة في الانبهار , عملية استدراجية احترافية من ماهر محترف كيف ينزع الشعرة من العجين , فبعدما ان رسمت الاطار الخارجي من الحدث السردي , وامتلك القارئ حصيلة متكاملة للصورة الخارجية بمعالمها ومعارفها المتنوعة في تقنيات متعدة الجوانب , مثلاً : التعليم والتدرج فيه الى التنوع في اكتساب المعرفة , هل كانت متطابقة بالتطبيق الفعلي ؟ , بعبارة اخرى بأن مديرة الشركة تنوعت في دراساتها التعليمية العلية في فن الادارة , هل نجحت في التطبيقي العملي والفعلي ؟ وهل كانت المعارف بالدرسات العليا ناجحة في التطبيق ؟ العلمي والحياتي والعملي ؟ , ومدى نجاح الثقة الكاملة , هل تحصد ثمارها اليانعة أم ام تحصد الاشواك , مثلاً ثقة المديرة بسائقها ان تمنحه الثقة الكاملة في تعلم اللغة الانكليزية والتصرف بمفاتيح الشركة والفيلا والسيارة ؟ وما نوع الثقة الناجحة بين العاملين ومدير الشركة , وما علاقة الناس في القضايا الحياتية الحيوية : العمل . الحب . التواصل في العلاقات . هذا الاطار الخارجي للصورة الحدث لندخل في داخله بعمق مباشرة بكل شوق ولهفة لنعرف حصيلته النهائية , ويبقىعتبات السرد تقطع انفاس القارئ حتى الرمق الاخير أو الشوط الاخير , بالنسبة لعلاقة الحب بين حمدان ورشيدة , فقد انجذبنا بكل لهفة الى الحدث الداخلي من الاستدراج في هذه العلاقة الحب من جانب رشيدة من عائلة فقيرة رسمتها بالوان العشق , ولكنها كانت على اسمها رشيدة اسم على مسمى لم تنجرف الى الابهة والبذخ الاستقراطي رغم الفارق الطبقي الهائل , فقد ظلت متماسكة في حبها بعقلها الرشيد , وفي استغلال من جانب حمدان غياب مديرة الشركة لتتمتع بالعطلة الصيفية وتركت مفاتيح الركة والسيارة والفيلا العائلية تحت تصرف حمدان , رشيدة وجدت الاشياء التي كانت محرومة منها بحكم موقع عائلتها الفقير , لذلك لم تنجرف الى الرومانسية السوداءالمخادعة , بأن تضع انسانيتها وشرفها تحت تصرف العاشق الغني المخادع والمزيف , فحين يقطف الثمار المحرمة يطردها الى الشارع ويتبخر الحب المزيف والمخادع . كما عودنا الكتاب المصريين الكبار في استدراخ الحب الساذج في الرومانسية السوداء , وليس كما عودتنا الافلام المصرية بالنهايات السعيدة , الدنيا ربيع والجو بديع , نحن بصدد رومانسية رشيدة وعقلانية , ومنصاتها مفتوحة على كل الافاق والمحطات , فبعدما عرفت رشيدة حيقيقة حمدان بأنه ليس سليسل العائلة الاستقراطية الغنية , وانما موظف عادي سائق لدى مديرة الشركة , يأخذنا السؤال : هل كانت على حق في حبها أم خطأ ؟ وعندما تغيبت عن مواعيد حمدان , اصابته في نحره في صحته التي تدهورت ونقل الى المستشفى بسبب انقطاع العلاقة . هل حقاً كان يحب بصدق رشيدة وإلا لماذا تدهور صحته الى الخطر بسبب هذا الحب ؟ , ثم استغلال الثقة من قبل مديرة الشركة الى حمدان , هل كانت على صح أم خطأ ؟ , وهل حقاً كان حمدان يحب رشيدة رغم المظاهرة المخادعة التي اداء ادوارها بكل اتقان وحرفية ؟ . ثم ان المديرة عندما وصلت الى المطار ولم تجد في استقبلها حمدان كالعادة , وبعدما عرفت قصة مرضه الخطير , هل تواصل في منح الثقة اليه أم تنقلب عليه ؟ هذا فن الاستدراج بعدما شوقنا اخرجنا بالظمأ والعطش بالاسئلة التي تعج بالرأس والذهن , اننا اما استدارج مدهش , كأنه يفرش مائدة عامرة بالبذخ , لكن لا نقدر ان نتذوق او نأخذ شيئاً منه , هذا اسميه الاستدارج المتعطش بالظمأ , يضعنا في حيرة والاندهاش في منصات هذه الرومانسية الرشيدة . نتذوقها بنكهتها الخاصة والشهية , هذا دأب الاديب العلامة يأخذنا الى النهر ويرجعنا متيبسين بالظمأ والعطش الشديد , هذه مدرسة حديثة لم يألفها فن السرد الحديث , لذلك اكرر واقول , ان الاديب العلامة يمتلك اتجاه واقعي خاص به , أو مدرسة قائمة بذاتها في فن تقنيات السرد المعاصرة في اتجاهها الرائع في عتباتها ومنصاتها .
ودمت بخير وعافية ايها الكبير والعزيز

الأخ العزيز المفكر الناقد الأديب الأستاذ جمعة عبد الله حفظه الله ورعاه.
أشكرك من القلب على كريم اهتمامك وجميل عنايتك بنصوصي.
وقد أدركتُ كثيراً من مراميك البعيدة في مقالك اليوم.

وأتفق معك أن ترك ثغرات وأسئلة بلا جواب في النص القصصي، يحفّز القارئ الكريم على ملء تلك الفراغات، والإجابة على التساؤلات. وبذلك يشارك القارئ في الإبداع، وتتجدد حياة النص ومعالمه في كل قراءة.
أكرر شكري مقروناً بالمودة والاحترام وأطيب التمنيات لشخصك الكريم.
محبّكم: علي القاسمي

  1.  

استاذنا الرائع القاص المبدع الدكتور علي القاسمي
ودّاً ودّا

قصة رائعة بحق
قرأتها وكأني أشاهد فلماً على أن اللمسات اللغوية التصويرية للأستاذ علي
أجمل بكثير من الصورة والتمثيل والإخراج ففي هذه القصة يضطلع القاص
المبدع وحده بجميع الأدوار تمثيلاً وسرداً وإخراجا .
شكراً من القلب على كل ما تتحفنا به من سرد ممتع وقصص مكتنزة كاملة الدسم .
دمت في صحة وإبداع استاذي العزيز

اخي العزيز الأديب الشاعر المتميز الأستاذ جمال مصطفى حفظه الله ورعاه.
أجزل الشكر وأخلصه على إطلالتك البهية على قصتي القصيرة، وعلى تشجيعك الكريم النابع من نفسك الزكية المحبة للآخرين.
لعلك بإحساسك المرهف عثرت على نقاطِ تلاقٍ بين السينما والسرد، وهذا عين الصواب. فكما تعلم، أن الفنون جميعاً تتأثر ببعضها وتستعير تقنياتٍ من بعضها.
أكرّر شكري مقروناً بمودتي واحترامي وأطيب تمنياتي .
محبكم: علي القاسمي

أسلوب جميل وأخاذ في تقديم وترتيب الاحداث.. القصة ممتعة جدا ، حضرتك اضفت لمسات جميلة في ابراز دواخل الشخصيات واهدافها وغاياتها بشكل واضح وسلس .. فعلا هناك من يفضل المال والترف على الراحة والصحة والتواضع مبددا التقاليد ومهمشا للشريعة والأحكام الدينية وهناك العكس تماما من يرضى بالقليل ليعيش بطمأنينة وسكينة فليس كل شيء في الحياة يشترى بالمال .. فالسيارات والاموال والقصور الفارهة لا تقدم او تأخر من الاقدار شيئآ ولا تشفع لنا حين تتكالب علينا الامراض ومصائب الدنيا واهوالها.. بارك الله فيكم دكتور علي القاسمي المحترم وزادك علما ومعرفة لطالما ترفدنا دوما بهكذا قصص انسانية جميلة ومقتبسة من واقعنا المرير .. سلمت اناملك

تلميذكم : عصام ثاير القيسي

صديقي وزميلي العزيز الإعلامي المترجم الأديب الأستاذ عصام ثاير القيسي حفظه الله ورعاه.
شكرا جزيلاً على مودتك التي تمظهرت في كلماتك الطيبة عني وعن نصوصي.
وقد ذكّرني تعليقك القيم بتاريخ تطور القصة القصيرة الأمريكية. ففي بداية القرن العشرين، كان القاص يولي اهتمامه للأحداث وسيرورتها. ومع تطوُّرعلم النفس والتحليل النفسي، أنتقل الاهتمام إلى الشخصية القصصية والتحولات التي تطرأ على انفعالاتها وسلوكاتهاـ بتأثير من العقل الواعي أو العقل اللاواعي (العقل الباطن). وهذا جانب يختلف من شخصٍ إلى آخر، ما يسمح بتعددُّ القصص حتى لو كان الحدث واحداً، مثلاً هجر الحبيب من طرف الحبيبة (أو من كان يعدّها حبيبة).. وهكذا أخذ القصاصون يدرسون علم النفس ويستخدمون بعض تقنياته مثل تيار اللاوعي.
أحر تحياتي لك أخي المبدع المتألق الأستاذ عصام مقرونة بمودتي واحترامي الخالصين.
محبّكم: علي القاسمي

حمدان ورشيدة مثالان لشابين يريدان السعادة من دون بذل أدنى جهد ، فبدلًا من ان تحقق رشيدة ذاتها تستعجل الثراء بالزواج من أي غني ، وبدلًا من ان يجتهد حمدان في عمله ويعوض ما فاته من تطوير ذاته مع ما توفره المديرة من فرص لذلك، يقوم بالتهرب والمخاتلة والادعاء ووو، الغني لا يكتفي بما حصل عليه بل يعمل ويعمل لتحقيق المزيد اما الفقير يحلم ويحلم ويخدع نفسه من دون بذل أي جهد، وهذا ما يعانيه الفقراء في بلداننا فهم يكتفون بالجهل والفقر.
شكرًا أستاذنا العلامة علي القاسمي على هذه القصة 🌹 وهل تشعر بالفرق عند كتابة القصة بالقلم عن كتابتها بلوحة مفاتيح الحاسوب؟

عزيزتي اللسانية الأديبة الدكتورة أسمهان الموسوي حفظها الله ورعاها،
أشكرك على كلماتك الحكيمة، وقد أصبتِ في أن الأفراد يختلفون من حيث خبراتهم وظروفهم ودوافعهم وقيمهم وطموحاتهم، وأخيراً سلوكاتهم التي تُملى عليهم من العقل الباطن وأجهزة الجسم المختلفة واحتياجاتها، كما أثبت علم النفس مؤخراً. وبعبارة أُخرى، أن كل ما يقع لنا أو نفعله هو مكتوب سلفا، وهكذا تفقد البشرية مقولة جميلة هي حرية الإرادة والاختيار التي تنتج عنها مسؤولية الفرد عن أفعاله. (ارجو أن تنظري ـ إذا كنتِ مهتمةً ـ كتاب " العقل الخبيث" لعالم النفس الأمريكي العراقي الدكتور طالب الخفاجي، وترجمتي، وهو متوافر في موقع " أصدقاء الدكتور علي القاسمي").
أرجو أن تتقبلي خالص شكري مقرونا باحترامي وأطيب تمنياتي، سيدتي.
علي القاسمي

عزيزتي الدكتورة أسمهان،
آسف، لأنه فاتني الإجابة على سؤالك في آخر تعليقك الكريم: "وهل تشعر بالفرق عند كتابة القصة بالقلم عن كتابتها بلوحة مفاتيح الحاسوب؟"
في السابق وفي بداية عصر الحاسوب، كنتُ أكتب نصوصي بالقلم، وأصححها، ثم أطبعها بالحاسوب. وبعد مدة، بدا لي في ذلك ضياع للوقت. وبالمران، أصبحتُ أكتب نصوصي مباشرةً بالحاسوب، ثم أرجعها وأعدلها بالحاسوب.
ويكمن الفرق بين الطريقتين في الاقتصاد بالوقت، إذا استخدمتُ الحاسوب مباشرة.
مع المودة والاحترام.
علي القاسمي

اتراني قرأت قصة أم شاهدت فيلما سنيمائيا، وهدا ليس بغريب على اسلوبكم استادي الكريم،فدقة التصوير الامتناهية ميزة لكل أعمالكم.....ماراقني وشد انتباهي هو تناول الشخصيات التي اثث القصة وابراز الخلفيات الثقافية لها و مدى اختلافها...وفي نفس الوقت البحث عن الدات في الاخر أعطى للقصة بعدا دراميا مع رشة رومانسية تبخرت من خلال واقع اجتماعي يفرض حاله في مجتمعاتنا العربية ...فلا كل ما نستورده من الغرب قابل للانصهار في مجتمعنا ...ولا المشاعر دوما تنتصر على هلوسة احلام ربما تتحق ..ربما لا ....
احداث تقع كل يوم ...ربيبة افكار تحكمها عادات عقيمة وادت كل شيء جميل يعاش مع قناعة و ثقة .
القصة تزخر بالكثير و الكثير اخاف ان اتعمق فيها و تخونني احرفي البسيطة لطرحها على النحو الدي اريد .
دمت متالقا دوما.

عزيزتي القارئة النبيهة اللاحائرة.
أشكركِ على كلماتك التشجيعية الطيبة. كما أشكرك على تنبيهك لي ـ في رسالتك الشخصية ـ إلى خطأ وقع في القصة. وهو استعمال "نجلاء" للبطلة مرة واحدة، على حين أن اسمها "رشيدة". وعلى الرغم من أنني رجوتك ذكر ذلك التنبيه إذا أردتِ نشر التعليق، فإنك بدافع من لطفك وأدبك حذفتِهِ عند النشر.
والخطأ ناتج من مراجعتي الثانية أو الثالثة للقصة، قبل نشرها. ففي البداية اخترتُ اسم "نجلاء" للبطلة، على غرار اسم "هيفاء" مديرة الشركة. وفي المراجعة انتبهت إلى أن هذا الاسم لا يتلائم مع عائلة البطلة التقليدية الفقيرة. ولهذا وطبقاً لتقنية " تعدُّد الأصوات" في السرد، غيّرت اسمها إلى "رشيدة". ولكن فاتني تغييره في موضع واحد. فشكراً على تنبيهك.
كما أتفق معك، على أنني حاولتُ إضافة النقد الاجتماعي لبعض عاداتنا العقيمة.
أكرر شكري مقروناً باحترامي وأطيب متمنياتي .
علي القاسمي

لفتت نظري في قصة الدكتور القاسمي الرائعة هذه مسألة ربما لم تنل حظها من التعليق، هي الحضور الرمزي الفاعل لأسماء الأعلام فيها، وهي مسألة كان لها حضورها الفلسفي الواضح منذ أن كتب أفلاطون محاورة أكراتيليوس الخالدة، إلى أن ألف أوسكار وايلد رائعته The Importance of Being Earnest.
فابتداء من عنوان القصة نجد التقابل بين اسمي رشيدة وحمدان، وسرعان ما تكشف القصة عن أن رشيدة لم تكن ذات سلوك رشيد وأن حمدان لم يكن يتصرف بمقتضى ما يمليه الحمد على النعمة التي أسبغت عليه. وقد أضفى الكاتب، إمعانا في تحقيق المفارقة، مزيد مبالغة على الاسمين، فالفتاة رشيدة لا مجرد راشدة والفتى حمدان لا مجرد حامد.
ثم إن القصة تكشف عن تقابل آخر بين رشيدة وهيفاء، فالذي يتبادر إلى ذهن القارئ أول وهلة أن الوصف بهيفاء أليق برشيدة التي تسلط القصة الضوء على مظهرها وصفاته، وأن الوصف برشيدة أليق بهيفاء التي سعت إلى أن تكون رشيدة في كل تصرفاتها مع الناس من حولها.
ونقف أيضا على تقابل جناسي ثالث بين اسمي رشيد ورشيدة، وهنا نلمس شيئا من المفارقة بين الاسمين ومسمييهما، فلا رشيدة كانت رشيدة في مجمل سلوكها ولا رشيد كان رشيدا في عدم تنبهه لوضع أخته وعلاقتها المحرمة بصاحبه حمدان.
ولا أزعم أن ما ذكرته هنا كان حاضرا في وعي الدكتور القاسمي وهو يسطر ملحمته القصصية القصيرة هذه، لكني لا أشك في أنه إن لم يكن كذلك فإنه كان مستبطنا في لاوعيه وهو يكتبها.

أستاذنا المفكر المترجم الأديب الدكتور كيان أحمد حازم حفظه الله ورعاه،
أشكرك من صميم القلب على تكرمك بتغطية هذه التقنية القصصية وأعنى بها " ملائمة الاسم للمسمّى". فعلماء النفس سلطوا الضوء مؤخراً على إمكان تأثُّر الإنسان في مشاعره وسلوكه بصفات اسمه. وكان إيرنست همنغواي، مدركاً لذلك، فكان يلعب على معنى اسمه الأول بالإنجليزية .
بيد أن استخدام الاسم في السرد، كما تعلم، ينبغي أن يخضع لتقنية أخرى، هي تقنية "تعدُّد الأصوات". فقد استخدمت في النسخة الأولى من القصة اسم " نجلاء" للبطلة على غرار "هيفاء" لمديرة الشركة. ثم انتبهتُ إلى أن العوائل التقليدية الفقيرة لا تستخدم هذه الأسماء الحداثية، بل أسماء تقليدية مثل "فهيمة"، و "نعيمة" و "رشيدة" فغيّرتُ اسمها إلى "رشيدة"، لأن اسم الدلال منها جميل "رشا"، ولان البطلة تحسب أن تصرفاتها هي تصرفات رشيدة، توصلها إلى تحقيق طموحاتها.
أكرر جزيل الشكر لك مقروناً بخالص مودتي واحترامي وأطيب تمنياتي، أستاذنا العزيز.
محبكم: علي القاسمي

القاص البارع د. على القاسمي

مودتي

تغزل الاحداث بمواعيد بليغة.. فتخفق فينا كنبضة كامنة.. موسعًا مدياتها
كماء جارٍ.. لا تني تعصف بنا حيرتها كمهامز تأخذنا للطيران في فضاءات
ثرّة البوح.. تلازمنا حتى آخر حفنة من التمهل.. التمهل الذي يبيح لنا ان نفلّي
بها الخاتمة..

دمت بصحة وابداع

أخي العزيز الأديب اللامع الشاعر المتألق الأستاذ طارق الحلفي حفظه الله ورعاه.
أشكرك على تعليقك الكريم الذي جاء شعراً، لأنك شاعر مطبوع أصيل .
فما حصل للبطل والبطلة أمر متوقع لأنه مبني على باطل، وكل ما يُبنى على باطل، فهو باطل.
أو كما جاء في بعض قصائدك الجميلة:

" يا ليت حلمي واقع

لمنحتها نار الصبا "

أكرر شكري الجزيل مصحوباً بصادق مودتي وأحترامي وأطيب تمنياتي لك.
معزّكم: علي القاسمي

ملاحظة استاد الشخصية رشيدة التي اعطيتها اسم رشا ...في بعض السطور اعطيتها اسم نجلاء .
تحياتي

أستاذي الفاضل قرأت القصة بشغف ومتعة وجدت نفسي أمام شخصيات وسلوك مختلف من المديرة إلى الشابة رشيدة وحمدان كل له تفكيره وعقله الباطني الذي يرشده، قصة تحكي واقع معاش لكن كما قلت أستاذي يجب أن نستسلم أمام القدر.

عزيزتي الباحثة الأديبة الأستاذة أسمهان حلوي حفظها الله ورعاها،
أشكرك على إطلالتك البهية على قصتي القصيرة ، وكلماتك الطيبة بحقها.
لعل أصعب ما يواجهه الكاتب تصوير الشخصيات ومشاعرها وسلوكاتها المتباينة.
أكرر شكري مقرونا باحترامي وأطيب المتمنيات لك,
علي القاسمي

أودّ أن أشكر أستاذي الجليل الدّكتور علي القاسمي على هذه القصة الرائعة، التي تعكس واقع المجتمع العربي الإجتماعي، ففي القصة نموذج البنت المثابرة المجتهدة ""المديرة :مثال الإدارة النّاجحة" ونموذج أغلب بنات العرب اللذين يعوضن فشلهن الدراسي بجمالهن وتكون النتائج في أغلب الأحيان صادمة، وأيضا تحتفي القصة بأهمّ الصّفات الخلقيّة التي يجب أن يتحلّى به اانسان وهي الصدق، وقد تجلى ذلك في خداع المظهر للسائق، وخداع المديرة بعدم الذهاب لتعلّم الدروس واستغلال السائق لحاجاتها الخاصة لفائدة مصالحه الشخصية الغريزية، وأيضا خداع البنت لعائلتها بذهابها رفقة السائق وعدم ذهابها للمذاكرة....."" """فالصدق مع الناس يستدعي عدم الكذب في حديثنا مع الآخرين، وأيضا موافقة الظاهر مع الباطن في الأقوال والأفعال، فإذا لم يكن كذلك كان من علامات النفاق.""" ..... وقد عرض لنا الدكتور علي القاسمي كل هذا بأسلوب عالمي مشوق يجبرنا على قراءة القصة كلّها والتّطلع للأحداث بشغف كبير... شكرا كثيرا أستاذي العزيز على هذه التحفة الفنيّة النادرة....مع خالص مودتي

عزيزي اللساني الأديب المصطلحي الدكتور كمال لعناني حفظه الله ورعاه،
أشكرك من صميم القلب على كريم اهتمامك، وجميل تواصلك الذي يسعدني جداً ويطمئنني على أحوالك.

اتفق معك أن الكذب لا يشمل القول بمجانبة الواقع والحقيقة فقط، بل له صور متعددة. فالسكوت يُعدُّ كذباً في سياقات معينة، وشهادة الزور نوع من الكذب، والقول بما لا يؤمن به الإنسان كذب ونفاق.

وتكمن وظيفة المثقّف في ترسيخ الصفات الإيجابية التي تؤدّي ألى التنمية البشرية، وتحقّق حياة الرفاهية والسعادة.
تمنياتي لك بالصحة والخير والبحث والإبداع والعطاء.
معزّكم: علي القاسمي

القاص والأديب الموسوعي الدكتور علي القاسمي
تحية الود والاعتزاز

قصة واقعية رائعة تتناول ظواهر سلوكية متأصلة في مجتمعاتنا العربية والاسلامية. لعل من بين اهم اسباب هذه السلوكيات المنحرفة هي ذكورية هذه المجتمعات وهيمنة العقلية الذكورية في كل شيء. هذه الهيمنة تخلق حالة من انعدام الثقة بين الجنسين وعدم الصدق والعفة في تعاملاتهما والحرمان العاطفي مما يؤدي الى ازدواجيات سلوكية ونفاق وكذب ينشأ ويتربى عليها الانسان ذكرا أ كان ام انثى.
هذه بعض الأفكار التي اثارتها قصة استاذنا الكبير القاسمي الثرية في مضامينها وايحاءاتها.

تقبل خالص مودتي وتمنياتي بدوام الصحة والابداع...

أستاذنا المترجم الأديب الدكتور عادل صالح الزبيدي حفظه الله ورعاه،
اتفق معك أن السلوكيات المنحرفة تنشأ مع الأطفال في الأسرة والمدرسة. وعندما يكون تناقض بين ما نتعلّمه في المدرسة وما يُمارَس في المجتمع، تنتج الازدواجية في شخصية الفرد. وأذكر أن المرحوم عالم الاجتماع العراقي كرّسَ كتاباً كاملاً لهذه الظاهرة في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي. فعندما يدعو المعلّم أو رجل الدين إلى تحريم الكذب والسرقة والغش والاحتيال، ثم يزاول هذه الرذائل بصورة مفضوحة، فإن المجتمع كله يفقد الثقة في نفسه. ولهذا يستلزم توفر صفة الحياء في مَن ينصّب نفسه مثالاً يُحتذى.
أشكرك من القلب على كلماتك الطيبة بحق قصتي القصيرة، داعياً الله أن ينعم عليك الصحة والخير والهناء والإبداع.
محبكم: علي القاسمي


 


 


 

مقالات ذات صلة