طلال قطبي، حضور النص الادبي: دراسات في ادب الدكتور علي القاسمي
كتاب الأديب الناقد السوداني الدكتور طلال قطبي، ( حضور النص الادبي: دراسات في ادب الدكتور علي القاسمي).
للبروفسور علي القاسمي نصيب وافر من الأناقة الفكرية التي لم يعلوها شيب ولم تغيرها صروف الزمان وأحداثه المتسارعات. وهو كاتب جم المواهب غزير العلم وحسبك أن تمر على عناوين كتبه من خلال سيرته العلمية الموجزة الملحقة بهذا الكتاب فترى ذلك التنوع وهذا التعدد الكرنفالي الساحر . ومن مواهبه قدرته الهائلة على جعل الأشياء العادية غير اعتيادية وذلك حينما يغوص في عميق معانيها ودقيق تجلياتها فيكتب في عويص القضايا وشائكها بيسر آسر مثلما يكتب باليسر نفسه عن ذكرياته وأصدقائه وأقاربه فيدنيك منهم كما يدنيهم منك. وطرافة الكتابة عنده لا تأتي من جدتها أو مما احتوت عليه من معارف وتنبيهات واستدراكات ذكيات وحسب وإنما من طريقة تناوله ومن لغته المتفردة وأسلوبه السهل الجزل فهو يكتب بعقله وطبعه فحينما تقرأ في قصصه تحس بشبابه وحينما يتحدث عن ذكرياته تجد المرح والبساطة والمحبة والتجرد ونكران الذات ففي أدبه خلقه ودينه وفيه غضبه ووقاره وفيه مرحه وفكاهته وطرائفه كم في كتابه (طرائف الذكريات) وهي نوع جديد من أنواع القصة لا نجده في أدبنا العربي ولهذه القصص حديث يطول تجده بين طيات هذا الكتاب و لكني أود أن أقول إن القصة كائن أصيل في طبعه تجدها في سرده وفي نقده وفي حكيه وفي كثير من إبداعه.
ويطل هذا الكتاب من شرفة أخرى من شرف رواية ( مرافئ الحب السبعة) العديدة تلك الرواية التي احتفي بها كثيراً المؤلف نفسه كما احتفى بها القراء والنقاد فكتبت فيها العديد من الكتب والبحوث والمقالات وترجمت إلى أكثر من لغة والمتأمل فيها يدور في ذهنه تساؤلات، فيسأل أهي حق يرويه الكاتب أم إنشاء مما يبدعه الخيال غير أنها هي الفن في أصله وحقه.
كما تحدث الكتاب عن كلمات الشكر التي كتبها الدكتور علي القاسمي في مناسبات مختلفة، وهي عندي من العتبات السيميائية مثلها في ذلك مثل الإهداء والمقدمات والعنوان فهي نصوص موازية لها وظائفها ودلالاتها وإيحاءاتها الثرة وأرى أن تجمع وتطبع في كتاب .
وفي الدراسة الأخيرة تحدثت عن نقده الذي بني على المعرفه بالشخصية وهو نوع من النقد شاع في الغرب و قل في أدبنا العربي يقول بروكس:" إن الطريقة الوحيدة المثمرة هي دراسة الشخص نفسه أما هذه الحقائق ( حقائق التحليل النفسي) فما عادت أنفع من سواها. ويستند هذا النقد على قدرة الناقد الحدسية الاستبصارية لنضع المبدع في موضعه الصحيح من سلم الفن. وهذه النظرة قد أدت بدورها إلى تطور فن النقد في منتصف القرن الماضي ، و القدرة على استبصار الشخصية هي المظهر الرئيس فيما كتبه علي القاسمي في هذا النوع من النقد.
و أخير فإن هذا الكتاب نبضات وأنفاس ونفحات من النفس كنفحات آخر الليل و لكل فصل فيه سبب أوحى إلي موضوعه لأقول في مباحثه وهي قراءات في أوقات مختلفات آمل أن يجد القارئ فيها المتعة الفائدة والإيناس وتلك كانت سمات إبداع البروفسور علي القاسمي وما غاية العلم إلا المتعة والفائدة كما أشار إلى ذلك أبو حيان التوحيدي وسمى أحد كتبه بـ (إلإمتاع والمؤانسة) وما المؤانسة إلا الفائدة.