أصدقاء الدكتور علي القاسمي

مصطفى شقيب، أعلام من عراق المهجر: علي القاسمي أيقونة الأدب والثقافة العربية

 


شهادات ومذكرات

أعلام من عراق المهجر: علي القاسمي أيقونة الأدب والثقافة العربية

ترجمة: مصطفى شقيب
 
 نشر بتاريخ: 09 كانون2/يناير 2023

بقلم: عصام ثائر منصور

مجلة بغداد للترجمة (محررة بالفرنسية)

ترجمة: مصطفى شقيب

***

لهذا الرمز الأدبي البارز، الكاتب الشهيرعلي القاسمي، تأثير مهم للغاية في الأدب العراقي، وهو صاحب أسلوب متميز يختلف عن باقي أساليب الكُتاب الآخرين.

عاش بعيدا عن بلده بضعة عقود؛ لكن ذلك لم يحل دون إبداعه وعبقريته في الكتابة والترجمة. نشر وعلّم معارفه وثقافته. وعمل على تدريب عشرات الطلاب والعديد من الباحثين، بحيث صار رمزا ثقافيا بارزا.

كانت ولادة علي بن الحاج محمد بن الحاج عيسى بن الحاج حسين القاسمي، المعروف بالدكتور علي القاسمي، في بلدة الحمزة الشرقي في محافظة القادسية في العراق في 1942. يقيم هذا الكاتب والأكاديمي في المملكة المغربية منذ خمسين عاما.

حصل على الإجازة في الآداب وفي الحقوق، وعلى ماجستير في التربية. و نال دكتوراه الفلسفة في علم اللغة التطبيقي-المعجمية والمصطلحية- من جامعة تكساس في أوستن.

تلقى تعليمه العالي في عدة جامعات في العراق (جامعة بغداد)، ولبنان (الجامعة الأمريكية في بيروت وجامعة بيروت العربية)، والنرويج (جامعة أوسلو)، وبريطانيا (أكسفورد)، وفرنسا (السوربون)، والولايات المتحدة الأمريكية (جامعة تكساس في أوستن).

مارس التعليم في جامعة بغداد، وجامعة تكساس في أوستن، وجامعة الملك سعود بالرياض وجامعة محمد الخامس بالرباط. حاضر في جامعات أخرى مثل جامعة أكستر في بريطانيا، وجامعة تمبرة في فنلندا وجامعة ماروي ستي في الفلبين.

اشتغل ايضا خبيراً في مكتب تنسيق التعريب بالرباط التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألسكو)، ومديرا لدائرة الثقافة بالمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإسيسكو)؛ ثم ً مدير الأمانة العامة للمجلس التنفيذي وللمؤتمر العام في المنظمة نفسها، فمديرا لدائرة الثقافة ومدير الأمانة العامة لاتحاد جامعات العالم الإسلامي. يشتغل حاليا عضو مجمع اللغة العربية بدمشق ومجمع اللغة العربية بالقاهرة.

عمله الأكاديمي هو المصطلحات والمعجمية والبحوث اللغوية. لكن كل هذا لا يمنعه من الاهتمام بالتعليم، والفكر والإبداع الأدبي في مجال رواية القصص. أسلوبه غني بالمشاعر، يعبر عن معاناته ويدافع عن آرائه بكلمات معتدلة وحرة، دون تعقيدات أو قيود. معظم كتبه محررة باللغتين الإنجليزية والعربية. نال اعترافا كأحد رواد الأدب العربي، وقواميس الاستشهادات في اللغة العربية الحديثة. وقدّم خبراته ومعارفه إلى الأدب ومجالات المعرفة والعلوم.

تُرجمت جميع أعماله السردية، ويبلغ عددها ثمانية كتب من المجموعات القصصية والروايات، إلى اللغة الفرنسية، وقد أصدرت مؤخرا دار نشر لارمتان في باريس الترجمة الفرنسية لروايته "مرافئ الحب السبعة" (في انتظار صدور باقي المجموعات القصصية). كما تُرجمت بعض أعماله الأدبية إلى اللغات الإنجليزية والإسبانية والرومانية والفارسية. وتعتمد بعض كتبه العلمية، لاسيما كتابه بالإنجليزية Dictionaries Bilingual and Linguistic الذي نشرته دار بريل في عدة طبعات "مقررا في معظم الجامعات الناطقة بالإنجليزية. كما يعد مؤلفه “علم المصطلح: أسسه النظرية وتطبيقاته العملية "، مرجع الكليات اللسانية بالجامعات العربية.

شكّلت كتبه موضوع أكثر من 70 أطروحة أكاديمية، واصبحت كتبه وأعماله الأدبية لا غنى عنها للباحثين الذين يعدون الماجستير أو الدكتوراه في عدة جامعات.

مواضيعه متعددة بما في ذلك التعليم، وتدريس اللغة العربية وبرامجها، والمصطلحات، والمعجم، والترجمة والنظريات وحقوق الإنسان، والتنمية، وكتابة القصة القصيرة والروايات، والنقد الأدبي المعاصر، والتاريخ الفكري والتعليم العالي.

يحمل دروعا عدة من جامعات حاضر فيها في إندونيسيا، والجزائر، والسعودية، والفلبين، وفنلندة، وماليزيا، ومصر، والمغرب وغيرها. ـ وسام الأسد السنغالي، من رئيس الجمهورية الشاعر ليوبولد سنغور، لمشاركته في تأسيس مدارس حديثة لتعليم العربية والثقافة الإسلامية في السنغال- كما حصل على عدة منح جامعية من جامعات بغداد وأكسفورد وتكساس أثناء دراساته العليا في هذه البلدان.

قدمت عنه دراسات عديدة منها الكتب التالية : ـ سهاد حسن الشمري، "في اللسانيات الاجتماعية: مقاربة في الجهود المعجمية والمصطلحية للدكتور علي القاسمي"، دار المناهج(عمان 2021 .) ــ جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، "إنسانية الفكر في الأدب واللغة: قراءات في أعمال العالمة الدكتور علي القاسمي" (عمان: مركز الكتاب الأكاديمي، 2020 )، أعمال الندوة الدولية التي أقامتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية، عين الشق، لتكريم القاسمي في نوفمبر / تشرين الثاني 2018 . تنسيق: الدكتورة نزهة بوعياد.

"يذكر القاسمي في احد حواراته: "عندما حصلت على الدكتوراه في جامعة تكساس، واحدة من أكبر عشرة جامعات أمريكية في ذلك الوقت، ألقى رئيس الجامعة كلمة في حفل توزيع الجوائز، جاء فيها: "هذه الشهادة التي نسلمها لكم اليوم هي إشعار يبرهن على أنكم العرب قادرين على تعلم العديد من التخصصات وانه بإمكانكم توجيه الأجيال القادمة."

ويضيف: "لقد عملت على التطبيق الحرفي لكل ما نصحنا به الرئيس، في تدريس طلابي الأدب، الكثير من المحاضرات في مجالات مثل "تاريخ الأدب الإنجليزي"، "النقد الأدبي"، "القصة القصيرة"، "الرواية"، "نظريات الترجمة" دون أن ننسى محاضراتي لطلبة الماجستير والدكتوراه في المصطلحات والمعجمية.

كتب القاسمي وترجم العديد من الأعمال الأدبية الأجنبية باللغة العربية. منها روايات الكاتب والصحفي الأمريكي إرنست هيمنجواي والعديد من القصص الأمريكية المعاصرة.

نشرت له أيضا مجموعاته القصصية المتميزة في عدة طبعات: "رسالة إلى حبيبتي"، "صمت البحر"، "دوائر الأحزان"، "أوان الرحيل"، "حياة سابقة". كما كتب قصة مطولة للأطفال، بعنوان "عصفورة الأمير": وهي قصة مؤثرة للفتيات والفتيان، تعلّم حقوق الإنسان بطريقة سردية مثيرة للاهتمام. وأهم ما ألف من القواميس المرجعية، "المعجم العربي الأساسي" و"معجم الاستشهادات الموسعة".

أما عن روايته، "مرافئ الحب السبعة" فهي واحدة من أكثر الأعمال الأدبية الجميلة التي كتبها علي القاسمي. تم نشر الطبعة الأولى من قبل "المركز الثقافي العربي في بيروت" في 2012. لتتوالي طبعات أخرى بدور نشر مختلفة، وقد أحرزت نجاحا كبيرا حيث كانت على قوائم أفضل الروايات العربية في ذلك الوقت.

يتميز هذا العمل بسمة سردية مؤثرة ذات محتوى شعري راق. تستعيد هذه الرواية الرحلة الطويلة للكاتب، بتفاصيلها، وأحداثها المثيرة والجو الذي عاشه طوال هذه الرحلة. انها مسيرة هذا المثقف المغترب الذي يحلم بالعودة الى وطن جريح، والذي يحتاج إلى الشفاء مما يعانيه. والسفر على أي حال تجربة إنسانية نتشاركها جميعا على مستويات مختلفة.

مرافئ الحب السبعة، كما جاء في تقديم الأستاذة المراجعة لوبودير، "سيرة ذاتيّة روائية؛ مزيج من الأحداث الواقعية والخيالية، مهداة إلى المغتربين والمغتربات عبرالعالم؛ إلى هؤلاء الأشخاص الذين تركوا بلدانهم طوعا أو فروا اضطرارا بغرض اللجوء إلى بلدان أخرى. سليم، البطل، اغترب على إثر انقلاب عسكري حدث في بغداد. القلب، مقر الأحاسيس والعواطف، شكّل روح اغترابه القسري الذي سيمكّنه من البقاء ومواصلة دراسته. غير أنّ ما وراء هذا الرهان المزدوج، سيضحى هذا النفي سريعا هروبا من الحياة من أجل الالتجاء داخل الموت; الحياة والموت، هذان الجاران المتنازعان. سفر طويل من النور إلى الظلام، تطبعه المشاعر والعواطف. النور، إنه أحاسيس الحب، والود، والبهجة، والسعادة، والمتعة، المرتبطة ارتباطا وثيقا بالعراق، وطنه، وبالبيت الأسري، وبإعجاب أعمى بأمه التي كانت تأخذه بين ذراعيها، تضمه إلى صدرها، وتمطره بالقبل. الظلام إنه أحاسيس الحنين، والحزن، والغم، والأسى، والألم، والمعاناة، والوحدة، والخوف أيضا، المرتبطة بشدة بالاغتراب. عند عبور الحدود، ينطفئ النور على الطرق الرملية... تظل الوجوه، والمعالم والروائح، عالقة في شغاف القلب، يستحيل محوها. غير أن سليم، أثناء هذا السفر الطويل، سيصادف ثلاث نساء سيطبعن حياته بشدة؛ امرأة أرادته وأرادها، لكنّ القدر لم يردهما معاً، وامرأة ارادته ولم يردها، فكسر قلبها؛ وامرأة لفظته، لكنه سيعشقها إلى حد الجنون ولن يقوى على نسيانها... حاضرة في كل النواحي، والاتجاهات، والأماكن. بل سيكتب قصتها على أمل التحرر منها. الكتابة المحررة! سيكتب على أمل إعادة بناء عالم مفقود من خلال كلماته، وإنشاءعالم جديد سيكون ملجئه.

رواية رائعة ومؤثرة اسالت الكثيرمن دموعي. شكرا أستاذي وصديقي العزيز جدّا علي القاسمي."

ومؤلفات القاسمي وكتبه وترجماته وأعماله الأدبية عديدة لا تكفي صفحة واحده لحصرها، لذلك نكتفي بذكر أهمها حسب كل مجال:

- في المعجمية: "تاريخ المعجمية والمصطلحية العربية"، "صناعة المعاجم التاريخية للغة العربية"، "قاموس الاستشهادات"، "المعجم الموسع للاستشهادات"، "المعاجم ثنائية اللغة".

- في المصطلحية: "المصطلحية: أسسها النظرية وتطبيقاتها العملية"، "مدخل الى علم المصطلح"، "مصطلحية اللسانيات الحديثة".

- في التربية: "الدماغ الخبيث"، "الجامعة والتنمية" "تعليم اللغة العربية للناطقين بها لغات أخرى''، "التقنيات التربوية في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها"، "مختبر اللغات".

- في النقد الأدبي: "الثورة والشعر، "صياد اللآلئ"، "الحب والابداع والجنون".

- في القصة القصيرة: "الأعمال القصصية الكاملة"، الحب في أوسلو"، "رسالة إلى حبيبتي"، “صمت البحر”، “أوان الرحيل”

- في الرواية: "مرافئ الحب السبعة"، "معالي المدير العام، رواية ساخرة معّدة للطبع".

- في الاعمال المترجمة: "الوليمة المتنقلة" و"الشيخ والبحر" لارنست هيمنجواي، "الفلاح البائس" و"أحلام أينشتاين".


مقالات ذات صلة