الترجمة بوصفها «وليمة متنقلة»!! عادل خميس الزهراني
الترجمة بوصفها «وليمة متنقلة»!!
الاربعاء 16/11/2017
نقلا عن موقع المدينة
تظل «مقدمات» الكتب تقليداً ثقافياً عريقاً لم ولن يفقد وهجه القديم الجديد
على ما يبدو؛ فالمقدمة بوابة العبور الحقيقية للكتاب؛ لذلك يستغلها الكتاب
الأذكياء لإيصال ما يريدون إيصاله من رسائل تمتد أبعادها خارج العمل
المؤلَّف أو المحقّق أو المترجَم أحياناً. أذكر هنا على سبيل المثال
المقدمة التي كتبها «علي القاسمي» في ترجمته لكتاب (باريس عيد أو وليمة
متنقلة) للكاتب الأمريكي الشهير «إرنست همنقواي»، الذي يحكي في الكتاب –
بأسلوبه الأخاذ
- مغامراته وحكاياته في باريس.
يمكن اعتبار مقدمة القاسمي المترجم محاضرة مختصرة في علم الترجمة الأدبية أضفت على الكتاب جمالاً ورونقاً خاصاً؛ والقاسمي مترجمٌ متخصص وأمين؛ لذلك يحرص في مقدمته على تصوير رحلته مع كتاب همنقواي بدقة، بأسلوب لا يخلو من لمساتٍ أدبية جميلة. تبدأ المقدمة بحديث عن علاقة المترجم بـ»همنقواي» وبالكتاب المترجَم، ثم ينتقل للحديث عن ظروف صدور الكتاب
دون إطالة وتفصيل.
ويخصص القاسمي الصفحات الباقية لمحاضرته الخاصة عن الترجمة متخذاً من همنقواي وكتابه مثالاً يؤكد أو يشرح ما يقول؛ يتناول صعوبات الترجمة التي يعدها إبحاراً من «مرفأ إلى آخر». وترجمة الأدب - في رأي القاسمي- أصعب كثيراً من أي ترجمة، فهي ليست مجرد اختيار مرادفات للكلمات، بل أكثر تعقيداً: «فالمترجم يجتاز حدود لغتين عبر رموز لغوية، وأخرى ثقافية اجتماعية، وثالثة أسلوبية أدبية»، وعليه يحتاج أن يكون ملمّاً بكل ذلك في اللغتين؛ المترجَمِ منها، والمترجم إليها. ويكمل القاسمي على هذا المنوال متنقلاً بين مقولة ترجمة الخيانة التي يحاول التنصل منها بمهارة، وبين عقبات ومثبطات الترجمة كاعتماد همنقواي على أدق تفاصيل المكان والزمان وارتباط دلالات كثيرة بتلك التفاصيل؛ ما يحتم على المترجم أن يحاكي التجربة الحقيقية للأديب في الأماكن ذاتها. وهناك أسلوب السهل الممتنع، بالإضافة إلى صعوبة ترجمة السخرية
الحاضرة في كتابة همنقواي بكثرة.
لعله من المهم أن أختم بالتذكير أن الترجمة علم قائم بأسسه ونظرياته ومتخصصيه بلا شك؛ لذلك من الضروري ألا يضطلع بالترجمة إلا من توفرت فيه شروط المترجم الموثوق، وأحسب أن القاسمي كذلك؛ وترجمته لكتاب همنقواي ومقدمته دليلان على ذلك. وبالمناسبة، فعنوان الكتاب الأصلي هو «وليمة متنقلة»، لكنه تُرجم إلى الفرنسية ونُشر في فرنسا بعنوان «باريس عيد»، وكان القاسمي يميل للعنوان الأصلي، لكن الناشر العربي فضّلَ العنوان الفرنسي... هذا الناشر ليس متخصصاً في الترجمة على ما يبدو، فليته استراح.. وأراح!!
- مغامراته وحكاياته في باريس.
يمكن اعتبار مقدمة القاسمي المترجم محاضرة مختصرة في علم الترجمة الأدبية أضفت على الكتاب جمالاً ورونقاً خاصاً؛ والقاسمي مترجمٌ متخصص وأمين؛ لذلك يحرص في مقدمته على تصوير رحلته مع كتاب همنقواي بدقة، بأسلوب لا يخلو من لمساتٍ أدبية جميلة. تبدأ المقدمة بحديث عن علاقة المترجم بـ»همنقواي» وبالكتاب المترجَم، ثم ينتقل للحديث عن ظروف صدور الكتاب
دون إطالة وتفصيل.
ويخصص القاسمي الصفحات الباقية لمحاضرته الخاصة عن الترجمة متخذاً من همنقواي وكتابه مثالاً يؤكد أو يشرح ما يقول؛ يتناول صعوبات الترجمة التي يعدها إبحاراً من «مرفأ إلى آخر». وترجمة الأدب - في رأي القاسمي- أصعب كثيراً من أي ترجمة، فهي ليست مجرد اختيار مرادفات للكلمات، بل أكثر تعقيداً: «فالمترجم يجتاز حدود لغتين عبر رموز لغوية، وأخرى ثقافية اجتماعية، وثالثة أسلوبية أدبية»، وعليه يحتاج أن يكون ملمّاً بكل ذلك في اللغتين؛ المترجَمِ منها، والمترجم إليها. ويكمل القاسمي على هذا المنوال متنقلاً بين مقولة ترجمة الخيانة التي يحاول التنصل منها بمهارة، وبين عقبات ومثبطات الترجمة كاعتماد همنقواي على أدق تفاصيل المكان والزمان وارتباط دلالات كثيرة بتلك التفاصيل؛ ما يحتم على المترجم أن يحاكي التجربة الحقيقية للأديب في الأماكن ذاتها. وهناك أسلوب السهل الممتنع، بالإضافة إلى صعوبة ترجمة السخرية
الحاضرة في كتابة همنقواي بكثرة.
لعله من المهم أن أختم بالتذكير أن الترجمة علم قائم بأسسه ونظرياته ومتخصصيه بلا شك؛ لذلك من الضروري ألا يضطلع بالترجمة إلا من توفرت فيه شروط المترجم الموثوق، وأحسب أن القاسمي كذلك؛ وترجمته لكتاب همنقواي ومقدمته دليلان على ذلك. وبالمناسبة، فعنوان الكتاب الأصلي هو «وليمة متنقلة»، لكنه تُرجم إلى الفرنسية ونُشر في فرنسا بعنوان «باريس عيد»، وكان القاسمي يميل للعنوان الأصلي، لكن الناشر العربي فضّلَ العنوان الفرنسي... هذا الناشر ليس متخصصاً في الترجمة على ما يبدو، فليته استراح.. وأراح!!