حوار مع الدكتور علي القاسمي حول كتابه "صناعة المعجم التاريخي للغة العربية
ـ ستنتج عن تصنيف معجم تاريخي ثورة معرفية ـ ما سبب خلواللغة العربية من هذا النوع من المعاجم؟ ـ اللغة العربية أطول اللغات العالمية عمرا وذات تراث ضخم وتستحق أكثرمن معجم تاريخي واحد.
أجراه: الصديق بوعلام
مقدمة:الدكتورعلي القاسمي كاتب وباحث عراقي متعدد الاهتمامات يقيم في المغرب منذ ما يقرب من أربعين عاماً. درس في جامعات متعددة في العراق ولبنان والنرويج وفرنسا وبريطانيا وأمريكا. يحمل شهادة الإجازة في الآداب، وليسانس في الحقوق، وماسترفي التربية، ودكتوراه في علم اللغة التطبيقي.له حوالي خمسين كتاباً في القصة والرواية والترجمة والتعليم العالي والتنمية البشرية وحقوق الإنسان وعلم المصطلح وصناعة المعجم. من أهم كتبه روايته " مرافئ الحب السبعة"، وكتابه " علم المصطلح: أسسه النظرية وتطبيقاته العملية"، ومعجمه " معجم الاستشهادات الموسع"، وكتابه " علم اللغة وصناعة المعجم" ، وسبق أن عمل منسقاً لفريق اللسانيين العرب الذين ألّفوا " المعجم العربي الأساسي".في الشهرالماضي، صدرله كتاب جديد بعنوان " صناعة المعجم التاريخي للغة العربية" في 650 صفحة من الحجم الكبير عن (مكتبة لبنان ناشرون) في بيروت. وبهذه المناسبة أجرينا معه الحوار التالي:
س 1 : ما موضوع هذا الكتاب الجديد؟
ج 1 : موضوعه المنهجية العلمية لتصنيف معجم تاريخي للغة العربية.س 2: ما المقصود بمعجم تاريخي؟ أليست كل المعاجم تاريخية بمعنى أنها تسجل معاني الألفاظ في جميع العصور؟
ج2: قد تسجل المعاجم معاني الألفاظ في جميع عصوراللغة ولاتكون تاريخية. فالمعجم التاريخي هونوع من المعاجم يضم كل لفظ استُعمل في اللغة، سواء يُستعمل في الوقت الحاضرأم لا، ويتتبع تطوّره أوتغيُّره في شكله ومعناه واستعماله عبرالزمن ممثِّلاً لهذا اللفظ بعدد من الشواهد ابتداء من أقدم ظهورمسجَّلٍ معروف لذلك اللفظ حتى آخراستعمال له في جميع المناطق الجغرافية التي استخدمت فيها اللغة العربية، وفي جميع المجالات الأدبية والعلمية والفنية. ولهذا فإن هذا المعجم لاينقل من المعاجم الأخرى، بل يجمع مصادره من النقوش والبرديات والمخطوطات والنصوص الموضوعة والمترجمة، الورقية منها والإلكترونية. ويشيرهذا المعجم إلى التغيرالذي يطرأ على الألفاظ، ويفسّرهذا التغيُّرطبقاً لقوانين الفكروالمنطق واللغة. فمثلاً: غالباً ما يوضع اللفظ مفرداً قبل أن يُستعمل في متلازمات لفظية كالتعبيرات الاصطلاحية والسياقية، وعادة ما يقتصراستعمال اللفظ على المعنى الحقيقي أول الأمرثم تتناسل منه تدريجياً دلالات مجازية. وكذلك ينتقل اللفظ من معناه العام إلى معنى خاص أوبالعكس طبقاً لقواعد اجتماعية لغوية، وهكذا.س 3: ما فائدة هذا النوع من المعاجم وما أهميته؟
ج3 : إن اللغة العربية هي اللغة العالمية الوحيدة التي لا تتوفرعلى معجم تاريخي مصنّف على أسس علمية حديثة. فمعاجمنا الحديثة الحالية هي مجرد نقل من المعاجم القديمة وإعادة ترتيب وإضافة، وهي لاتلبي حاجة الأدباء والعلماء والباحثين في إمدادهم بالمعلومات المتعلقة بتأثيل الكلمة وتاريخ دخولها في اللغة، وأطوارتطورها، ورصد جميع معانيها وظلال المعاني الهامشية وإيحاءاتها المختلفة وعلاقاتها بغيرها من الكلمات. وهذا الأمرلايمكن تحقيقه إلامن خلال مدونة نصية حاسوبية كبيرة الحجم (أكثر من مليار لفظ).سيعمل المعجم التاريخي للغة العربية على تبيان وحدة الاستعمالات اللغوية في مختلف الأقطار العربية، وبذلك يؤكد الروابط التاريخية واللغوية بينها ويعززانتماءها إلى أمّة واحدة باعتبارأن اللغة تمثل هوية الأمة، ووسيلة التعبيرعن ثقافتها وحمل تراثها وصيانته.وسينتج عن عملية تصنيف المعجم التاريخي التي قد تستغرق قرناً كاملاً من الزمن ثورة معرفية في الدراسات اللغوية والتاريخية والعلمية، فيساعدنا على دراسة اللغة العربية بصورة علمية تبين تطورثقافتها وعلاقات شعوبها بغيرهم من الشعوب، فالمعجم الجيد مرآة تنعكس عليها أحوال الأمة الاجتماعية وعلاقاتها بالشعوب الأخرى عن طريق التبادل اللغوي الذي يسجله المعجم التاريخي. إضافة إلى أن هذا المعجم سيكون مصدراً لتصنيف معاجم فرعية متخصصة.س 4: كان المرحوم الدكتورالشرقاوي إقبال قد ألّف كتاباً عنوانه " معجم المعاجم" يضم حوالي ألف وخمس مائة معجم باللغة العربية؛ ألايوجد منها ماهوتاريخي؟
ج 4 : يعدّ كتاب المرحوم الدكتورالشرقاوي إقبال مرجعاً مهماً في الدراسات المعجمية. ولكن ليس من بين المعاجم العربية حتى يومنا هذا ماهو معجم تاريخي حقاً. صحيح أن بعض المعاجم التراثية قد تضمنت بعض الملامح التاريخية مثل مسألة المعرّب والدخيل، واكتساب الألفاظ الجاهلية دلالات إسلامية، ونطق بعض الألفاظ في بعض اللهجات العربية، وتحول الاستعمال الحقيقي إلى مجازي، ولكن هذه المعلومات لاتكفي لتجعل من المعجم معجماً تاريخياً. فقلب المعجم التاريخي هوالشواهد التي تحمل تاريخاً محدداً للدلالة على تغيراللفظ في شكله أومعناه اواستعماله.س 5 : كيف تفسّرخلواللغة العربية من معجم تاريخي؟
ج 5 : إن ظهورالمعجم التاريخي في أية ثقافة يحتاج إلى عامليْن أساسييْن: أولاً، موقف إيجابي من مسألة التطوّراللغوي، وثانياً، دراسات منهجية في علم اللغة التاريخي. ولم يتوفرهاذان العاملان في تراثنا اللغوي. فبعد نزول القرآن الكريم بلغة عربية فصيحة مشتركة بين جميع اللهجات العربية، كان همّ العلماء العرب والمسلمين استيعاب تلك اللغة الفصيحة المشتركة وصيانتها ونشرها. ولم يروا ضرورة للبحث في اللهجات العربية ودراسة تطورها. كان اهتمامهم الرئيس ينصبّ على اللغة الفصيحة التي نزل بها القرآن الكريم. واعتبروا أن أي تغيّريصيبها هوفساد ينبغي تجنبه. ومن هنا جاء مصطلح " عصرالاحتجاج " الذي يقتصرعلى القرون الثلاثة الأولى زمنياً وجزيرة العرب جغرافياً.أما الدراسات المنهجية في علم اللغة التاريخي وقضايا التأثيل، أي رد اللفظ إلى صيغته الأولى أواللغة التي اقتُرض منها، فإنها لم تبدأ بصورة علمية إلابعد أن تطوّرعلم اللغة في القرن التاسع عشر الميلادي. ولهذا نجد أن المعاجم التاريخية للغات الكبرى تم تصنيفها في القرنين الميلاديين التاسع عشروالعشرين.س6: كيف حصل الاهتمام بإنجازمعجم تاريخي للغة العربية؟
ج 6: في حقيقة الأمريعود الفضل في توجيه الأنظارإلى ضرورة تصنيف معجم تاريخي إلى مجمع اللغة العربية في القاهرة. فعندما أُسس هذا المجمع سنة 1932، نصت المادة الثانية من أهدافه على " أن يقوم بوضع معجم تاريخي للغة العربية". ومنذ ذلك اليوم توالت المحاولات والمشروعات لإنجازهذا المعجم، ولكنها لم تثمربسبب ضخامة المشروع، وكثرة متطلباته المادية والبشرية، والمدة الزمنية الطويلة التي يستغرقها.س 7 : وهل يرتبط كتابك " صناعة المعجم التاريخي للغة العربية" بمشروع معين؟
ج 7: نعم، إنه جزء من مشروع " هيئة المعجم التاريخي للغة العربية " في القاهرة. وهذه الهيئة أنشأها اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية الذي يضم جميع المجامع في الأقطارالعربية ومنها أكاديمية المملكة المغربية. فقد كلفتني هذه الهيئة بوضع الخطة العلمية للمعجم التاريخي المنشود. وقد نوقشت مسودة الخطة العلمية في اجتماعات عديدة في القاهرة والشارقة. وقد تبرّع حاكم الشارقة الدكتورالشيخ سلطان القاسمي بجميع تكاليف المشروع. وتم تشييد مقركبيرلهيئة المعجم التاريخي للغة العربية في القاهرة، والتخطيط للمشروع قائم على قدم وساق كما يقولون.س 8 : وكم استغرق تأليف الكتاب؟
ج 8: عشر سنوات. وكنتُ أغتنم فرص الاستراحة من الاشتغال على الكتاب، في كتابة بعض القصص أوالروايات أوالترجمة .س 9: ماهي مؤهلاتك لتُسند إليك مهمة كتابة الخطة العلمية لمشروع المعجم التاريخي للغة العربية؟
ج 9: كان تخصصي للدكتوراه في جامعة تكساس في أوستن هوعلم اللغة التطبيقي، وبالذات صناعة المعجم التي درستها على اثنين من كبارالعلماء الأمريكيين، هما المشرف على رسالتي في صناعة المعجم الدكتورأرتشبولد أ. هيل، رئيس الجمعية اللغوية الأمريكية آنذاك، واللساني الشهيرجيمس سليد. إضافة إلى الخبرة التي اكتسبتها من تأليف عدد من المعاجم الأحادية اللغة والثنائية اللغة. أضف إلى ذلك دراستي لمنهجيات المعاجم التاريخية للغات الإنجليزية والألمانية والفرنسية والأسبانية.س 10 : هل توجد مشروعات أخرى غيرمشروع القاهرة لتصنيف معجم تاريخي للغة العربية؟
ج 10 : اللغة العربية لغة عالمية عريقة وهي أطول اللغات العالمية عمراً وذات تراث ضخم، وتستحق أكثرمن معجم تاريخي واحد بمنهجيات متعددة. ولهذا فقد تبنى المركزالعربي للأبحاث ودراسة السياسات في دولة قطر ومديره العام الدكتورعزمي بشارة " مشروع الدوحة التاريخي للغة العربية" العام الماضي. والمديرالتنفيذي لهذا المشروع هواللساني المغربي الدكتورعزالدين البوشيخي. وللمشروع مجلس علمي يتألف من خمس وعشرين من العلماء البارزين يجتمع بصورة دورية. كما يوجد مشروع تونسي لتأليف معجم تاريخي للغة العربية بدأته الجمعية المعجمية التونسية عندما كان يرأسها الدكتوررشاد الحمزاوي، وقد عقدت مؤتمراً عالمياً آنذاك ثم شرعت بالعمل، ولكن المشروع توقّف ثم استؤنف. وأملنا كبيرفي تكاثرالمشروعات الجيدة لخدمة اللغة العربية.
ج 1 : موضوعه المنهجية العلمية لتصنيف معجم تاريخي للغة العربية.س 2: ما المقصود بمعجم تاريخي؟ أليست كل المعاجم تاريخية بمعنى أنها تسجل معاني الألفاظ في جميع العصور؟
ج2: قد تسجل المعاجم معاني الألفاظ في جميع عصوراللغة ولاتكون تاريخية. فالمعجم التاريخي هونوع من المعاجم يضم كل لفظ استُعمل في اللغة، سواء يُستعمل في الوقت الحاضرأم لا، ويتتبع تطوّره أوتغيُّره في شكله ومعناه واستعماله عبرالزمن ممثِّلاً لهذا اللفظ بعدد من الشواهد ابتداء من أقدم ظهورمسجَّلٍ معروف لذلك اللفظ حتى آخراستعمال له في جميع المناطق الجغرافية التي استخدمت فيها اللغة العربية، وفي جميع المجالات الأدبية والعلمية والفنية. ولهذا فإن هذا المعجم لاينقل من المعاجم الأخرى، بل يجمع مصادره من النقوش والبرديات والمخطوطات والنصوص الموضوعة والمترجمة، الورقية منها والإلكترونية. ويشيرهذا المعجم إلى التغيرالذي يطرأ على الألفاظ، ويفسّرهذا التغيُّرطبقاً لقوانين الفكروالمنطق واللغة. فمثلاً: غالباً ما يوضع اللفظ مفرداً قبل أن يُستعمل في متلازمات لفظية كالتعبيرات الاصطلاحية والسياقية، وعادة ما يقتصراستعمال اللفظ على المعنى الحقيقي أول الأمرثم تتناسل منه تدريجياً دلالات مجازية. وكذلك ينتقل اللفظ من معناه العام إلى معنى خاص أوبالعكس طبقاً لقواعد اجتماعية لغوية، وهكذا.س 3: ما فائدة هذا النوع من المعاجم وما أهميته؟
ج3 : إن اللغة العربية هي اللغة العالمية الوحيدة التي لا تتوفرعلى معجم تاريخي مصنّف على أسس علمية حديثة. فمعاجمنا الحديثة الحالية هي مجرد نقل من المعاجم القديمة وإعادة ترتيب وإضافة، وهي لاتلبي حاجة الأدباء والعلماء والباحثين في إمدادهم بالمعلومات المتعلقة بتأثيل الكلمة وتاريخ دخولها في اللغة، وأطوارتطورها، ورصد جميع معانيها وظلال المعاني الهامشية وإيحاءاتها المختلفة وعلاقاتها بغيرها من الكلمات. وهذا الأمرلايمكن تحقيقه إلامن خلال مدونة نصية حاسوبية كبيرة الحجم (أكثر من مليار لفظ).سيعمل المعجم التاريخي للغة العربية على تبيان وحدة الاستعمالات اللغوية في مختلف الأقطار العربية، وبذلك يؤكد الروابط التاريخية واللغوية بينها ويعززانتماءها إلى أمّة واحدة باعتبارأن اللغة تمثل هوية الأمة، ووسيلة التعبيرعن ثقافتها وحمل تراثها وصيانته.وسينتج عن عملية تصنيف المعجم التاريخي التي قد تستغرق قرناً كاملاً من الزمن ثورة معرفية في الدراسات اللغوية والتاريخية والعلمية، فيساعدنا على دراسة اللغة العربية بصورة علمية تبين تطورثقافتها وعلاقات شعوبها بغيرهم من الشعوب، فالمعجم الجيد مرآة تنعكس عليها أحوال الأمة الاجتماعية وعلاقاتها بالشعوب الأخرى عن طريق التبادل اللغوي الذي يسجله المعجم التاريخي. إضافة إلى أن هذا المعجم سيكون مصدراً لتصنيف معاجم فرعية متخصصة.س 4: كان المرحوم الدكتورالشرقاوي إقبال قد ألّف كتاباً عنوانه " معجم المعاجم" يضم حوالي ألف وخمس مائة معجم باللغة العربية؛ ألايوجد منها ماهوتاريخي؟
ج 4 : يعدّ كتاب المرحوم الدكتورالشرقاوي إقبال مرجعاً مهماً في الدراسات المعجمية. ولكن ليس من بين المعاجم العربية حتى يومنا هذا ماهو معجم تاريخي حقاً. صحيح أن بعض المعاجم التراثية قد تضمنت بعض الملامح التاريخية مثل مسألة المعرّب والدخيل، واكتساب الألفاظ الجاهلية دلالات إسلامية، ونطق بعض الألفاظ في بعض اللهجات العربية، وتحول الاستعمال الحقيقي إلى مجازي، ولكن هذه المعلومات لاتكفي لتجعل من المعجم معجماً تاريخياً. فقلب المعجم التاريخي هوالشواهد التي تحمل تاريخاً محدداً للدلالة على تغيراللفظ في شكله أومعناه اواستعماله.س 5 : كيف تفسّرخلواللغة العربية من معجم تاريخي؟
ج 5 : إن ظهورالمعجم التاريخي في أية ثقافة يحتاج إلى عامليْن أساسييْن: أولاً، موقف إيجابي من مسألة التطوّراللغوي، وثانياً، دراسات منهجية في علم اللغة التاريخي. ولم يتوفرهاذان العاملان في تراثنا اللغوي. فبعد نزول القرآن الكريم بلغة عربية فصيحة مشتركة بين جميع اللهجات العربية، كان همّ العلماء العرب والمسلمين استيعاب تلك اللغة الفصيحة المشتركة وصيانتها ونشرها. ولم يروا ضرورة للبحث في اللهجات العربية ودراسة تطورها. كان اهتمامهم الرئيس ينصبّ على اللغة الفصيحة التي نزل بها القرآن الكريم. واعتبروا أن أي تغيّريصيبها هوفساد ينبغي تجنبه. ومن هنا جاء مصطلح " عصرالاحتجاج " الذي يقتصرعلى القرون الثلاثة الأولى زمنياً وجزيرة العرب جغرافياً.أما الدراسات المنهجية في علم اللغة التاريخي وقضايا التأثيل، أي رد اللفظ إلى صيغته الأولى أواللغة التي اقتُرض منها، فإنها لم تبدأ بصورة علمية إلابعد أن تطوّرعلم اللغة في القرن التاسع عشر الميلادي. ولهذا نجد أن المعاجم التاريخية للغات الكبرى تم تصنيفها في القرنين الميلاديين التاسع عشروالعشرين.س6: كيف حصل الاهتمام بإنجازمعجم تاريخي للغة العربية؟
ج 6: في حقيقة الأمريعود الفضل في توجيه الأنظارإلى ضرورة تصنيف معجم تاريخي إلى مجمع اللغة العربية في القاهرة. فعندما أُسس هذا المجمع سنة 1932، نصت المادة الثانية من أهدافه على " أن يقوم بوضع معجم تاريخي للغة العربية". ومنذ ذلك اليوم توالت المحاولات والمشروعات لإنجازهذا المعجم، ولكنها لم تثمربسبب ضخامة المشروع، وكثرة متطلباته المادية والبشرية، والمدة الزمنية الطويلة التي يستغرقها.س 7 : وهل يرتبط كتابك " صناعة المعجم التاريخي للغة العربية" بمشروع معين؟
ج 7: نعم، إنه جزء من مشروع " هيئة المعجم التاريخي للغة العربية " في القاهرة. وهذه الهيئة أنشأها اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية الذي يضم جميع المجامع في الأقطارالعربية ومنها أكاديمية المملكة المغربية. فقد كلفتني هذه الهيئة بوضع الخطة العلمية للمعجم التاريخي المنشود. وقد نوقشت مسودة الخطة العلمية في اجتماعات عديدة في القاهرة والشارقة. وقد تبرّع حاكم الشارقة الدكتورالشيخ سلطان القاسمي بجميع تكاليف المشروع. وتم تشييد مقركبيرلهيئة المعجم التاريخي للغة العربية في القاهرة، والتخطيط للمشروع قائم على قدم وساق كما يقولون.س 8 : وكم استغرق تأليف الكتاب؟
ج 8: عشر سنوات. وكنتُ أغتنم فرص الاستراحة من الاشتغال على الكتاب، في كتابة بعض القصص أوالروايات أوالترجمة .س 9: ماهي مؤهلاتك لتُسند إليك مهمة كتابة الخطة العلمية لمشروع المعجم التاريخي للغة العربية؟
ج 9: كان تخصصي للدكتوراه في جامعة تكساس في أوستن هوعلم اللغة التطبيقي، وبالذات صناعة المعجم التي درستها على اثنين من كبارالعلماء الأمريكيين، هما المشرف على رسالتي في صناعة المعجم الدكتورأرتشبولد أ. هيل، رئيس الجمعية اللغوية الأمريكية آنذاك، واللساني الشهيرجيمس سليد. إضافة إلى الخبرة التي اكتسبتها من تأليف عدد من المعاجم الأحادية اللغة والثنائية اللغة. أضف إلى ذلك دراستي لمنهجيات المعاجم التاريخية للغات الإنجليزية والألمانية والفرنسية والأسبانية.س 10 : هل توجد مشروعات أخرى غيرمشروع القاهرة لتصنيف معجم تاريخي للغة العربية؟
ج 10 : اللغة العربية لغة عالمية عريقة وهي أطول اللغات العالمية عمراً وذات تراث ضخم، وتستحق أكثرمن معجم تاريخي واحد بمنهجيات متعددة. ولهذا فقد تبنى المركزالعربي للأبحاث ودراسة السياسات في دولة قطر ومديره العام الدكتورعزمي بشارة " مشروع الدوحة التاريخي للغة العربية" العام الماضي. والمديرالتنفيذي لهذا المشروع هواللساني المغربي الدكتورعزالدين البوشيخي. وللمشروع مجلس علمي يتألف من خمس وعشرين من العلماء البارزين يجتمع بصورة دورية. كما يوجد مشروع تونسي لتأليف معجم تاريخي للغة العربية بدأته الجمعية المعجمية التونسية عندما كان يرأسها الدكتوررشاد الحمزاوي، وقد عقدت مؤتمراً عالمياً آنذاك ثم شرعت بالعمل، ولكن المشروع توقّف ثم استؤنف. وأملنا كبيرفي تكاثرالمشروعات الجيدة لخدمة اللغة العربية.